التعليم لا يناسب سوق العمل الأردنية

15 ابريل 2017
99 ألف جامعي لا يجدون عملاً في الأردن (Getty)
+ الخط -
قبل ثلاث سنوات، تخرج الشاب الأردني، مهند عايد، من الجامعة، وللآن لم يعمل بشهادته، وقد أصبح تخصص التربية الخاصة الذي درسه ضمن التخصصات الراكدة (المشبعة)، واليوم فإن الشاب العشريني متعطل عن العمل، بعد أن ترك قبل أشهر عمله في أحد المصانع، حيث كان يتقاضى الحد الأدنى للراتب.
يقول عايد: "تركت العمل لأن الراتب الشهري الذي كنت أتقاضاه لم يكن يكفي مصاريفي اليومية. الجلوس دون عمل أوفر من عمل أضطر للاستدانة حتى أذهب إليه".
ويشعر مهند بالندم على دراسته تخصص التربية الخاصة، ويعتقد أن فرص التحاقه بعمل اعتماداً على تخصصه باتت مستحيلة، لكنه يأمل أن يجد أي عمل بدخل شهري يغطي مصاريفه.

ويشير آخر تقرير صادر عن دائرة الإحصاءات الأردنية أن معدل البطالة بلغ خلال الربع الرابع من العام الماضي ما نسبته 15.8%، بارتفاع قدره 2.2 نقطة مائوية عن نفس الفترة من العام 2015.
وفيما تشكل مشكلة البطالة إحدى أعقد المشكلات التي تواجه الأردن، تظهر في صفوف الشباب تحدياً كبيراً وتعجز الجهات المعنية عن حلها، فيما توضح الإحصاءات أن ظاهرة تفاقم البطالة في صفوف الشباب تشمل خريجي الجامعات.
وبلغت نسبة البطالة في صفوف الشباب في الأردن معدلات تعد من بين أعلى النسب في العالم، حسب المرصد العمالي الأردني (منظمة مجتمع مدني).
وتشير دراسة أعلن نتائجها المرصد في أغسطس/آب الماضي، واعتمد في إعدادها على أرقام رسمية صادرة عن دائرة الإحصاءات العامة، أن معدلات البطالة لدى فئة الشباب بلغت 35.8 % للفئة العمرية ما بين 15 و19 عاما، ونحو 30.4% للفئة العمرية ما بين 20 – 24 عاما، من غير الجالسين على مقاعد الدراسة.

نسبة مرتفعة على مستوى العالم يرجعها مدير المرصد، أحمد عوض، إلى ضعف السياسات الاقتصادية والتعليمية وسياسات التشغيل المطبقة في المملكة، وعدم مواءمتها لواقع وحاجات وأولويات المجتمع ومتطلبات تطوره.
ويشرح عوض في حديثه لـ"العربي الجديد" أسباب تفاقم البطالة في صفوف الشباب، بتراجع الاقتصادي الأردني خلال السنوات الأخيرة، لافتاً إلى أن الاقتصاد الأردني يولد 48 ألف فرصة عمل سنوياً، وفي وقت يدخل فيه سوق العمل سنوياً نحو 100-120 ألف باحث عن العمل.
ويضيف إلى ذلك عدم عدالة سياسة الأجور، وغياب الاستقرار الوظيفي، وظروف العمل غير الملائمة، والتي تجعل الشباب يعكفون عن العمل خاصة عندما لا تلبي الأجور التي يحصلون عليها الحد الأدنى من احتياجاتهم.

وقررت الحكومة الأردنية في فبراير/شباط الماضي، رفع الحد الأدنى للأجور ليصبح 220 دينار أردنياً (309 دولارات)، بدلاً من 190 ديناراً (267 دولاراً)، وفيما قابل اقتصاديون الرفع بالترحاب، اعتبروا أنه دون الطموح، خاصة أن آخر تقارير الفقر في الأردن حددت قيمة خط الفقر المطلق بـ 813.7 ديناراً (1144 دولاراً) للفرد سنوياً.
الأمين العام السابق لوزارة العمل، حمادة أبو نجمة، يشير استناداً إلى أرقام رسمية إلى أن عدد المتعطلين عن العمل يقترب من 253 ألف شخص، بينهم 99 ألف جامعي، مشيراً إلى أن النسبة الأكبر بين الجامعيين المتعطلين عن العمل تقع في صفوف الفتيات بواقع 55 ألف جامعية متعطلة عن العمل.

ويُرجع أبو نجمة المشكلة إلى الاختلالات بين مخرجات التعليم وحاجة سوق العمل، ويؤكد: " سوق العمل تحتاج تخصصات تقنية وليست أكاديمية".
ويكشف أن عدد العاملين في سوق العمل الأردنية يقدر بنحو مليون و400 ألف، بينهم أكثر من مليون من غير الجامعيين.
وغياب وضعف التخصصات التقنية التي تحتاجها سوق العمل، سبب رئيسي لوجود أكثر من مليون عامل وافد في الأردن، كما يفسر أبو نجمة، ويقول "هؤلاء تقنيون يتمتعون بمهارات لا تتوفر لدى الأردنيين".
ويدعو إلى إعادة النظر في البرامج التعليمية لتكون أكثر مواءمة لحاجة السوق، من خلال التوجه والتوسع في التخصصات التقنية على حساب التخصصات الأكاديمية، وهو توجه يتطلب بحسبه تضافر جهود جميع القطاعات في الدولة الحكومية والخاصة.

ويحذر أبو نجمة في حال عدم تحقيق المواءمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل من ارتفاع نسبة البطالة في صفوف الشباب، والجامعيين منهم، وارتفاع نسبة المحبطين الذين يتوقفون عن البحث عن عمل. وتبدو الأزمة أكثر صعوبة بالنظر إلى أعداد اللاجئين السوريين الذين يبحثون عن عمل في الأردن.


المساهمون