استمع إلى الملخص
- **تدهور الأوضاع المعيشية:** دراسة المفوضية لعام 2024 تكشف عن انخفاض متوسط الدخل الشهري بنسبة 12% وزيادة نسبة الأطفال العاملين إلى 11%. 66% من العائلات السورية تقلل من كمية الطعام، و69% تعيش في ظروف سكنية دون المستوى المطلوب.
- **الحاجة إلى دعم دولي:** ممثل المفوضية دومينيك بارتش يؤكد على ضرورة استمرار دعم المانحين لتجنب تفاقم الأزمة الإنسانية، مع رغبة اللاجئين في الاعتماد على الذات رغم فرص العمل المحدودة.
أصبح غزو الفقر للاجئين السوريين في الأردن مصدراً لقلق عميق من التداعيات الاجتماعية والاقتصادية المرتقبة في حال استمرت وتيرة تفشّي العوَز في صفوفهم، لا سيما بعد التحذير الأخير الصادر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من ارتفاع نسبة الفقر بينهم، خاصة في المناطق الحضرية والمخيمات، من 57% إلى 67% على مدى العامين الماضيين، اللذين اتسما أيضاً بتحديات اقتصادية متزايدة بالنسبة للأردنيين الأكثر ضعفاً.
وفي هذا الصدد، قال الخبير الاقتصادي حسام عايش لـ"العربي الجديد"، إن ارتفاع نسبة الفقر وتدهور الأوضاع المعيشية للاجئين أمر متوقع في ضوء تراجع الاستجابة الدولية لخطط الاستجابة الأردنية الموجهة لرعايتهم وتقديم المعونات الممكنة لهم، معتبراً أنه رغم النداءات المتكررة التي أطلقها الأردن والعديد من الاجتماعات التي عقدها مع الجهات والبلدان المانحة، فقد تراجع كثيراً حجم المساعدات الإغاثية للاجئين ومتطلبات الإنفاق على مجالات الرعاية الصحية والتعليم والبنى التحتية والإعاشة، نتيجة عدم إيفاء كثير من البلدان المانحة بالتزاماتها.
ورأى عايش أنه من غير المعقول أن يُترك الأردن لمواجهة أعباء الفقر واستضافة اللاجئين، خاصة السوريين البالغ عددهم نحو 1.4 مليون، فيما موازنته العامة والأوضاع الاقتصادية لا تمكّنه من توفير الرعاية اللازمة لهم، فضلاً عن الأعباء الكبيرة الملقاة على المجتمعات المضيفة والآثار التي لحقت بها بسبب اللجوء.
وكانت أحدث دراسة صادرة عن المفوضية بخصوص الوضع الاجتماعي والاقتصادي للاجئين لعام 2024 قد أشارت إلى عودة ظهور أزمة إنسانية كانت قد حذرت منها خلال الأشهر الماضية، وأوضحت أن "اثنتين من كل ثلاث أسر لاجئة تُصنّف بأنها فقيرة بناءً على تحليل البنك الدولي لبيانات المفوضية، حيث انخفض متوسط الدخل الشهري للاجئين بشكل كبير، وهذه إحدى النتائج الرئيسية للدراسة التي أجرتها المفوضية"، علماً أن الدراسة التي تُعرف باسم "إطار تقييم الاحتياجات" قدّمت تحليلاً عميقاً للوضع الاجتماعي والاقتصادي للاجئين، مشيرة إلى انخفاض نسبته 12% في دخل السوريين داخل المجتمعات المحلية خلال العامين الماضيين، بينما كان الانخفاض أكبر في مخيّمي الأزرق والزعتري.
كما أن 66% من العائلات السورية في المجتمعات المحلية أصبحت تقلّل فعلاً كمية الطعام التي تتناولها بسبب الفقر المتفاقم، في حين أن 71% من اللاجئين من الجنسيات الأخرى تلجأ إلى اتخاذ هذا القرار الصعب. وتضاعف عدد الفتيات والفتيان اللاجئين العاملين ثلاث مرات ليصل إلى 11% منذ عام 2022، وهو ما يقوّض قدرتهم على الذهاب إلى المدرسة.
وكشفت الدراسة التي أجرتها المفوضية عن تدهور ظروف مساكن اللاجئين في كل من المخيمات والمجتمعات المحلية، حيث إن 69% من الأسر اللاجئة في القرى والبلدات تعيش في ظروف دون المستوى مع عدم وجود إضاءة طبيعية أو تهوية أو نظام كهربائي آمن أو حماية أو تعيش في منازل بسقوف تالفة أو نوافذ مكسورة.
كما تبيّن أن مساكن مخيّمي الأزرق والزعتري في حالة سيئة للغاية، حيث أبلغت نحو واحدة من كل عائلتين عن مشاكل متكررة مع القوارض والحشرات في أنظمة مياه الصرف الصحي الخاصة بهم، في حين أن 44% من اللاجئين الذين يعيشون في المجتمعات المحلية لا يملكون أي حماية قانونية من الإخلاء بحسب عقد الإيجار الرسمي.
وفي تعقيب على نتائج الدراسة، قال ممثل المفوضية دومينيك بارتش: "حذرنا مراراً وتكراراً من أن وضع اللاجئين سيعود مرة أخرى ليصبح أزمة إنسانية إذا لم يستمر دعم المانحين"، وأضاف: "لدينا الآن أدلة تشير إلى أن هناك أزمة إنسانية تتفاقم بشكل مؤسف".
ووفقاً لدراسة مفوضية شؤون اللاجئين، تعرض 36% من اللاجئين لتضرر منازلهم في المدن والقرى في الأردن بسبب الأمطار أو تسرّب المياه، وهناك 14% أخرون تأثروا بسبب العواصف، بما في ذلك العواصف الرملية. كما أن أكثر من نصف المساكن في المخيمات تأثرت بهذه الظروف. وقال بارتش إن "هذا يدل على أهمية الاستثمار بقدرة المجتمعات في الأردن على التكيف مع تغير المناخ، فالمزيد من الجهد نفسه لن يفي بالغرض الآن".
وأكدت الدراسة أيضاً وجود رغبة قوية بين اللاجئين في تحقيق الاعتماد على الذات والمساهمة في المجتمعات المضيفة. وتُظهر النتائج أن أكثر من نصف العائلات اللاجئة السورية لديها فرد عامل، وتعتمد على دخل العمل كمصدر أساسي لكسب الرزق. كما يُعد العمل مصدراً مهماً لدخل العائلات اللاجئة غير السورية، ولكن على الأرجح، بسبب فرص العمل المحدودة، يعتمد اللاجئون بشكل أكبر على مصادر الدخل الأخرى، مثل المساعدات الإنسانية.
وتستند الدراسة إلى مقابلات تجسد وضع أكثر من 34 ألف لاجئ من جنسيات سورية وعراقية وغيرها. وتتألف من جزأين، أحدهما عن اللاجئين في المخيمات، والآخر عن اللاجئين في المجتمعات المحلية. وقد تم إعدادهما بالتعاون مع البنك الدولي وبرنامج الأغذية العالمي. وباعتباره الإطار الأكثر شمولاً للوضع الاجتماعي والاقتصادي للاجئين في الأردن، لم يكن ذلك ممكناً لولا الدعم الكبير من المانحين من الولايات المتحدة وألمانيا لبرنامج الأردن.
وقالت المفوضية: "يعتقد 78% من المجتمع الأردني أنه يجب دائماً أن يكون بإمكان اللاجئين إيجاد ملاذ في أي بلد آخر إذا اضطروا للهروب من الحرب أو الاضطهاد. هناك 12% فقط لا يوافقون على ذلك، وهو ما يجعل التفهم لوضع اللاجئين في الأردن أعلى من المتوسط العالمي البالغ 73%".