استمع إلى الملخص
- **تأثير الحرب على البنية التحتية:** الحرب أدت إلى تدمير واسع في البنية التحتية النفطية، بما في ذلك حقل بليلة ومصفاة التكرير الوحيدة، وتخريب أنابيب تصدير خام نفط جنوب السودان.
- **محاولات البحث عن بدائل:** حكومة جنوب السودان تسعى لإنشاء بنية تحتية بديلة لنقل النفط عبر ناقلات، لكن التكلفة العالية وعدم وجود تسوية للصراع يعقدان استئناف الإنتاج.
أصبح نفط السودان على شفا الانهيار مهدداً البلد بالخروج من نادي منتجي البترول خلال الفترة المقبلة نتيجة للمعارك المستمرة بين الجيش والدعم السريع، التي من خلالها توقف إنتاج دولة جنوب السودان، وتناقص إنتاج السودان إلى 20 ألف برميل في اليوم مع انسداد الأفق نحو تسوية قريبة يمكن من خلالها استئناف عمليات الضخ مجدداً.
ويرى مراقبون أن البلاد فقدت بسبب الحرب سبعة ملايين برميل من خام نفط السودان يومياً، ما يجعل السودان يعود مرة أخرى إلى استيراد المشتقات النفطية التي تصل إلى أكثر من ثلاثة ملايين طن سنوياً بفاتورة أعلى بكثير من التي كان يحصل عليها من إنتاجه اليومي، ما يعمّق الأزمة الاقتصادية الراهنة التي تمر بها البلاد.
في هذا السياق، يقول عبد الوهاب جمعة، المتخصص في شؤون النفط لـ"العربي الجديد"، أن الحرب طاولت حقل بليلة في ولاية غرب كردفان الذي ينتج 16 ألف برميل من خام نفط السودان يومياً، حيث احترق مطار بليلة بالكامل، ونُهبت مكاتب الشركات، ودمرت قوات الدعم السريع جميع مرافقه، وشملت عمليات التخريب مكاتب شركة "بترو إنرجي" المالكة للحقل بالشراكة مع الشركة الوطنية الصينية.
وتوقع الخبير الاقتصادي السوداني محمد الناير في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه إذا انهار القطاع وخرج السودان من السوق العالمي للنفط، أن تشهد البلاد هزات اقتصادية جديدة بزيادة معاناة المواطنين، وقد تتوقف عمليات النقل وزيادة فواتير الكهرباء والمياه، وأن تتأثر خزينة الدولة العامة سلباً لاعتمادها على رسوم تصدير نفط جنوب السودان البالغة 15 مليون دولار شهرياً، بما يشكل ضغطاً على الميزانية ويُلقي أعباءً جديدة، في ظل استمرار الحرب، فضلاً عن أن عمليات استيراد مشتقات الوقود قد تسبب زيادات غير مرئية، لكنها تؤثر في حياة المواطنين.
وقالت مصادر مطلعة في حكومة جوبا لـ"العربي الجديد" إن إنتاج نفط السودان لن يتوقف، مؤكداً السعي للبحث عن شركاء في مجال النفط لإنشاء بنية تحتية بديلة لإنتاج النفط وتصديره، حيث بدأت حكومة الجنوب البحث عن بدائل، من بينها نقل النفط عبر ناقلات إلى موانئ بعض الدول الأفريقية، رغم التكلفة الكبيرة بعدما عجزت عن اجتراح تسوية لاستثناء صادر نفطها من الحرب عبر ميناء بشائر الواقع في ولاية البحر الأحمر.
الضرر الذي أصاب القطاع لخّصه وزير النفط محيي الدين نعيم في تصريحات صحافية سابقة بأنه لحق بجسم المنشآت النفطية وفقدان الخام النفطي والمنتجات البترولية المحفوظة في المستودعات الاستراتيجية من إنتاج مصفاة الخرطوم، فضلاً عن التخريب والتلف المتعمدان في الحقول وسرقة الكوابل الخاصة بالآبار والمعسكرات وسكن العاملين والمخازن وحرق حقول وتوقف مصفاة التكرير الوحيدة، ومحطات ضخ، إضافة إلى تخريب أنابيب تصدير خام نفط دولة جنوب السودان.
ويُعد السودان أصغر منتج في تحالف "أوبك بلس"، وكان ينتج نحو 64 ألف برميل نفط يومياً قبل أن يتراجع إنتاجه بعد الحرب إلى 20 ألف برميل، ويبلغ إجمالي إنتاج جنوب السودان من النفط 170 ألف برميل يومياً، متراجعاً من 245 ألفاً بسبب الحرب التي أعقبت انفصاله عن السودان في عام 2011، حيث كان إنتاجه 350 ألف برميل يومياً، لكنه توقف بعد الحرب، متراجعاً إلى 120 ألف برميل يومياً.
ويمر نفط جنوب السودان بالأراضي السودانية عبر محطتي المعالجة والضخ الجبلين ونعيمة بولاية النيل الأبيض، قادماً من آبار حوض ملوط ومحطة المعالجة والضخ بهجليج بولاية جنوب كردفان من حقل ولاية الوحدة.
وخرجت 10 حقول بولاية غرب كردفان من دائرة الإنتاج، منها دفرة ونيم وأم عدارة وموقا وبرصاية، وتعرضت الآبار النفطية للتخريب، حيث استهدفت قوات الدعم السريع في إقليم دارفور الحقول النفطية، وهاجمت حقل سفيان بولاية شرق دارفور، كذلك نُهبت مخازن الشركات ومحطات الكهرباء ودمرت آليات النفط في الحقول.
وشمل التخريب حقول شارف وأبو جابرة وزرقة أم حديد، وطاول النهب السيارات والأثاث، والكوابل الخاصة بالآبار، وسكن العاملين ومخازن قطع الغيار ومحطات الكهرباء، وأُحرقت أجزاء من حقل لإنتاج النفط في منطقة زرقة أم حديد، حيث التهمت النيران أكبر الآبار إنتاجاً.
ورغم أن السودان يمتلك احتياطياً من النفط يناهز ستة مليارات برميل، استُخرِج نحو 20% منه فقط، إضافة إلى وجود نحو 12 حوضاً رسوبياً متنوعاً واحتياطات كبيرة من الغاز الطبيعي في وسط السودان وشرقه، إلا أن الدمار الذي لحق بالبنية التحتية والآبار والخطوط الناقلة والمصافي، يشير إلى أن عودة القطاع إلى الإنتاج قد تحتاج إلى سنوات.