التعليم بخطر في إدلب

07 فبراير 2020
دُمّر الصف تماماً (عمر حاج قدور/ فرانس برس)
+ الخط -
تترك العمليات العسكرية التي يشهدها ريف إدلب، وتستهدف المناطق السكنية، أثراً كبيراً على مختلف نواحي الحياة، منها العملية التعليمية التي شُلّت بشكل شبه كامل، في وقت تستمر حركة النزوح الجماعي للأهالي، من بينهم التلاميذ والمدرسون.

تحتفظ سلوى سرميني، وهي تلميذة في الصف الثالث ثانوي، بكتبها، على الرغم من أن مدرستها التي كانت تستعدّ لتقديم امتحاناتها فيها قبل الانتقال إلى الجامعة ودراسة الطب قد دمرت. في الوقت الحالي، تُقيم في مدرسة لا تتلقى فيها أي دروس حتى الآن. ويُشاركها غرفة الصف عدد من العائلات النازحة، كما تقول لـ"العربي الجديد".

تضيف: "الحياة صعبة في مركز الإيواء. الازدحام شديد، ما يُؤثّر على نواحٍ عدة. تبدأ المشاكل من دخول الحمام صباحاً بسبب الانتظار الطويل في الصف، ثمّ تأمين الطعام والنوم مساءً". تضيف أنها تعيد مراجعة الدروس، موضحة أن "الطعام والشراب أو المنامة لا تشكل هاجساً لدي. كل ما أفكر به هو إيجاد مكان نستقر فيه حتى أستطيع إيجاد مدرسة وأعوض ما فاتني من وقت".

من جهته، يقول المدرس محمد مزنوق، وهو من بلدة تفتناز، لـ"العربي الجديد": "هذه الأيام، توقفت العملية التعليمية في بنش وما حولها كلياً، بعدما كانت الأمور أكثر من رائعة. وعلى الرغم من الحاجة إلى الكثير من المتطلبات، كانت الإرادة عالية لدى معظم التلاميذ. لكن بسبب القصف، تلاشى كل شيء في بنش وما حولها". وزار مزنوق المدرسة التي يعمل فيها أول من أمس"، قائلاً: "عندما دخلت المدرسة التي قصفت منذ يومين، لم أجد غير أوراقي المبعثرة والحجارة. ومنذ وقت قريب، كنت أدخلها مع التلاميذ. يا الله، كم كانت هذه اللحظات جميلة.
أما اليوم، لم أشاهدهم أو أسمع كلماتهم". ويلفت إلى أن "التلاميذ نزحوا مع عائلاتهم، وأتمنّى أن يجدوا هناك في المناطق التي نزحوا إليها منظمات للتعليم ومدارس ومعاهد خاصة ومكتبات. وأتوقع أن تباشر المدارس الحكومية العمل في أقصى الشمال".



ويبين أن في بنش "6500 تلميذ، عدا النازحين إليها من البلدات الجنوبية، ما يجعل العدد يصل إلى 10 آلاف وربما أكثر كانوا موزعين على 14 مدرسة في كل أنحاء بنش. ولم يتقاض المدرسون أي أجر خلال الفصل الأول، في وقت حصل آخرون على نحو مائة دولار فقط شهرياً. أما أولئك الذين ما زالوا يتقاضون رواتبهم من وزارة التربية التابعة للنظام، فوضعهم أكثر سوءاً، ولا يتجاوز راتبهم الشهري، هذا إن استطاعوا الحصول عليه، 50 دولاراً أميركياً"، موضحاً أن بنش "كانت منبعاً للتعليم في المنطقة". لم ينزح مزنوق بعد. يقول: "لن أنزح أبداً على الرغم من أنه يقال إن الجيش أصبح مشرفاً علينا، علماً أن الكثير من التلاميذ والمدرسين نزحوا، وهذا خيارهم وحقهم".

أما مديرة ثانوية "بنات سراقب" حسناء تمرو، فتتحدث لـ"العربي الجديد"، عن واقع العملية التعليمية. تقول: "واقع التعليم سيئ جداً حالياً بسبب أمور عدة، منها القصف الهمجي الهستيري للقوات النظامية، مدعوماً بالطيران الروسي على المنشآت المدنية، واستهداف المدارس والمستشفيات والمباني السكنية، ما تسبب بتوقف العملية التعليمية في العديد من المدارس، وأدى إلى ازدحام في المدارس الأخرى من جراء ازدياد أعداد التلاميذ". تتابع: "أنا مديرة مدرسة مهجرة. المدرسون والتلميذات هجروا. وتوقّف العمل بالثانوية منذ منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي بسبب القصف الهمجي".

وتلفت إلى أنه في المقابل، توقّف عدد من التلاميذ عن متابعة تعليمهم بسبب النزوح والتشرد. والآن، يطرق مئات النازحين أبواب المدارس علّهم يتخذونها ملجأ مؤقتاً أفضل من خيمة تتلاعب بها الرياح، ما يعني أن هناك المزيد من التلاميذ الذين لن يجدوا مدرسة يدرسون فيها.
وترى أن "العملية التعليمية بخطر، ويجب على كل المنظمات العاملة على الأرض التحرك فوراً وتقديم كل المساعدات اللازمة للتلاميذ والنازحين، وإصدار بيان يوجه لكل الدول والأمم المتحدة، التي انتدبت نفسها لحماية حقوق الإنسان، تطالب فيه بحماية حق الحياة أولاً لأطفالنا، وإيقاف القصف على المدنيين".



وكانت مديرية التربية والتعليم الحرة في إدلب قد حذرت من توقف العملية التعليمية في المحافظة، إذا استمر قصف النظام وروسيا للمنطقة تزامناً مع موجات نزوح كبيرة وتسرب التلاميذ من المدارس، رافعة حالة الطوارئ بسبب التوقف شبه التام للعملية التعليمية، بحسب تقارير إعلامية.

من جهتها، أفادت مديرية التربية والتعليم في إدلب، عبر صفحتها على موقع "فيسبوك"، بأنها وثقت نزوح أكثر من 235 ألف تلميذ من خان شيخون وأريحا وكفرنبل ومعرة النعمان وإدلب وجسر الشغور، عدا عن مقتل 211 تلميذاً منذ بدء الحملة التي يشنها النظام على إدلب منذ مطلع عام 2019، كان آخرها مجزرة سرمين التي راح ضحيتها خمسة تلاميذ. كما سجلت التربية تدمير نحو 190 مدرسة بشكل منظم وممنهج، كان آخرها ثانوية بنات بنش.
المساهمون