التضخم يحاصر الأردنيين.. والحكومة تقلّص المستفيدين من الدعم

17 يناير 2018
زيادات جديدة في أسعار السلع (فرانس برس)
+ الخط -
موجة تضخّمية جديدة تحاصر أسواق الأردن، بعد قرارات حكومية أدت إلى زيادة أسعار الكثير من السلع، عبر فرض رسوم إضافية على بعضها، وزيادة ضريبة المبيعات على أخرى، بضغوط من صندوق النقد الدولي.
وما زاد من مخاوف الشارع الأردني تقليص الحكومة عدد المستفيدين من الدعم المرتقب، الأمر الذي أدى إلى انتقادات برلمانية حادة لمجلس الوزراء، بسبب عدم الالتزام بتعهداته للنواب. في حين برّر المسؤولون القرارات التي صدرت، أول من أمس، بأنها ضرورية لخفض المستوى القياسي للدين العام تدريجيا، ولإعادة الاقتصاد إلى النمو مجددا.

وتشمل حزمة القرارات الجديدة، إزالة الإعفاءات من الضريبة العامة على المبيعات من بعض السلع، وتوحيد معدلات إعفاء منخفضة بين 4 و8% على عدد كبير من السلع عند 10% وتركها عند 16%، الحد الأقصى للضريبة، على سلع أخرى.
وبموجب القرارات، فقد تم فرض ضريبة إضافية بمبلغ 20 قرشا (الدينار يعادل 1000 قرش) على كل علبة سجائر، اعتبارا من مطلع الشهر المقبل. وقرر المجلس أيضا رفع الضريبة المفروضة على مادة البنزين (أوكتان 95 و98) لتصبح 30%.

كما فرض رسوما إضافية، ولمرة واحدة، على كل مركبة يتم استيرادها تتراوح بين 1400 إلى 2100 دولار، يتم تحديدها وفقا لوزنها، إضافة إلى رفع الضريبة المفروضة على كافة المشروبات الغازية.
ويبدو أن الإجراءات الحمائية التي أعلنت عنها الحكومة لن تكفي لتخفيف أضرار موجة التضخم الكبيرة التي تشهدها البلاد، إذ تجددت الخلافات بين مجلس الوزراء ومجلس النواب بعد إخلال الأول بوعوده، بشمول عدد كبير من المواطنين بالدعم النقدي مقابل رفع أسعار الخبز وفرض الضرائب.

وكانت الحكومة قد تعهدت بتنفيذ توصيات مجلس النواب، بأن يشمل الدعم النقدي من لا يزيد دخله الشهري عن 2100 دولار تقريبا (25.200 ألف دولار سنوياً)، وذلك مقابل إقرار الموازنة العامة للدولة لعام 2018. إلا أن الحكومة خالفت، أول من أمس، قرار النواب وقامت بتخفيض الدخل المستفيد من الدعم للأسر إلى 17 ألف دولار، وللأفراد الذين لا يزيد دخلهم السنوي عن 8500 دولار سنوياً.
وخصص مجلس الوزراء مبلغ 38 دولارا كدعم سنوي للأفراد المستحقّين الذين تنطبق عليهم معايير الدعم، و47 دولارا حصة مخصصة للفرد الواحد من أفراد الأسر المنتفعة من صندوق المعونة الوطنية، البالغ عددهم زهاء 344 ألف مواطن.

وفي هذا السياق، قال رئيس جمعية حماية المستهلك الأردنية، حمد عبيدات، لـ "العربي الجديد"، إن تقليص عدد الأسر التي تستفيد من الدعم النقدي سيؤدي إلى ارتفاع كبير في نسبة التضخم، خلال العام الحالي، ما يزيد من معاناة المواطنين ويفاقم أزماتهم المعيشية.
وأضاف عبيدات أن تراجع مستويات المعيشة سيؤثر على النشاط الاقتصادي بشكل عام، من خلال انخفاض الطلب على السلع والخدمات نتيجة لتآكل الدخول بسبب ارتفاع الأسعار مقابل ثبات الدخل والأجور.

وتضمنت تعليمات صرف الدعم النقدي المباشر لعام 2018، شمول أبناء الأردنيات وأبناء قطاع غزة المقيمين على أرض المملكة بصرف الدعم النقدي بواقع 38 دولارا لكل فرد تنطبق عليه معايير استحقاق الدعم.
وقدّرت الحكومة عدد المستفيدين من الدعم، بحسب معايير اللجنة الوزاريّة لشبكة الأمان الاجتماعي، زهاء 6.2 ملايين نسمة، من أصل 7.8 ملايين مواطن أردني.
وتشير الإحصاءات الحكومية إلى أن الفئات والشرائح التي ستتلقى دعما نقديا مباشرا بعد حزمة الإجراءات التي تطبقها الحكومة في إطار برنامج الإصلاح المالي والاقتصادي لن تتأثر نتيجة هذه الإجراءات، إذ يبلغ معدل استهلاك الفرد شهرياً من مادة الخبز بالسعر المدعوم نحو 1.7 دولار، ومعدل استهلاك الفرد من المواد الغذائية الخاضعة لضريبة المبيعات بمعدل زيادة 10% بحوالي 14 دولارا.

وبذلك، فإن إجمالي إنفاق الفرد شهريا على الخبز والمواد الغذائية مع الدعم يبلغ حوالي 16 دولارا.
وقال رئيس الوزراء، هاني الملقي، تعقيبا على القرارات الأخيرة، إن التأخير في تنفيذ الإصلاحات، التي تشتد الحاجة إليها لتوفير ما لا يقل عن 540 مليون دينار (761 مليون دولار) في صورة إيرادات إضافية، سيزيد الاحتياجات المالية المرتفعة بالفعل، وسيؤثر على المالية العامة للبلاد.

وتقول الحكومة إنها ستخفف من أثر هذه الإجراءات التقشفية على الفقراء، بإعفاء السلع الغذائية الأساسية والأدوية من ضريبة المبيعات. لكن خبراء الاقتصاد يعتقدون أن خفض الدعم سيزيد من محنة فقراء الأردن. كما تعتزم الحكومة مضاعفة سعر الخبز المدعوم، وهو إجراء من المقرر تطبيقه مطلع الشهر المقبل.
وتسببت قرارات رفع الأسعار في سنوات سابقة في غضب شعبي واسع وصدامات بين المواطنين وقوات الأمن، أدت إلى مقتل عدة أشخاص من الطرفين.

المساهمون