كم تمتلئ أحاديثنا اليومية بالعديد من الألفاظ الأجنبية حتى أصبحنا بالكاد نتحدث لغتنا العربية الجميلة، بل وأصبح الآباء يتفاخرون بالتحدث بلغات أجنبية على الملأ مع أبنائهم كعلامة للرقي والتحضر بل ويحرصون على استجلاب مُربيات أجنبيات ويفرحون حين يُتقن أبناؤهم اللغات الأجنبية قبل لغتهم الأم.
والأدهى لغة "الفرانكو آراب" وهي لغة مُستحدثة ظهرت منذ بضع سنوات، يستخدمها الشباب للتواصل عبر غُرف الدردشة على الإنترنت، وتٌنطق هذه اللغة مثل العربية، إلا أن الحروف المُستخدمة في الكتابة هي الحروف اللاتينية ممزوجة مع الأرقام وكأنها لغة مُشفرة تحتاج إلى فك رموزها.
والأدهى لغة "الفرانكو آراب" وهي لغة مُستحدثة ظهرت منذ بضع سنوات، يستخدمها الشباب للتواصل عبر غُرف الدردشة على الإنترنت، وتٌنطق هذه اللغة مثل العربية، إلا أن الحروف المُستخدمة في الكتابة هي الحروف اللاتينية ممزوجة مع الأرقام وكأنها لغة مُشفرة تحتاج إلى فك رموزها.
لا يعي الآباء حجم هذه المشكلة فاللغة تلعب دورا أهم بكثير من تلك الإشارات أو الأوامر التي تقتصر على قضاء الحاجات والحوارات اليومية، فاللغة رُكن أساسي من أساسيات تشكيل الهوية وهي منشأ تحول أفكارنا وعواطفنا وعاداتنا وتقاليدنا، وما انقطاعنا عن لغتنا إلا انقطاع عن نسبنا وماضينا وتاريخنا، تماما مثل فروع الأشجار التي تقتلع من جذورها. لغتنا هي وجودنا هي امتداد أعراقنا، فإذا اختلفت ألسنة أبناء نفس الأسرة لأصبحت العائلة تحتوي على أبناء ذوي أفكار وعادات وتقاليد مختلفة وكأنهم لأب وأم مختلفين.
وكم من لغات كثيرة قدّرتها منظمة اليونسكو بأكثر من ثلاثمائة لغة قد سقطت أمام الاستعمار الأجنبي بعد الثورة الصناعية وحلت محلها اللغات الإنكليزية أو الفرنسية أو غيرها، وأمام هذا الاجتياح ضعفت لغات أخرى، ومن المتوقع لها المزِيد من الضعف الذي قد يؤدي إلى سقوطها، خاصة إذا تواطأ أبناء هذه اللغات أنفسهم على تحقيق هذا الطمس للغة ومن ثم الهوية.
كم من جنسيات نراها تقطع أميالا وتتكبد المشاق لكي تتعلم لغتنا التي هي مفتاح لغة القرآن. وقد استشعر هذا الخطر كثير من البلدان ففرضت قيوداً من أجل الحفاظ على هويتها اللغوية من الانقراض أو الذوبان في لغات أقوام أخرى بل هناك بلاد ذات طبيعة خلابة ويأتي إليها السياح من كل مكان ليجدوا أهل البلدة متمسكين بلغتهم فيضطر السياح إلى تعلم ما استطاعوا من مفرداتها فتمتد هذه اللغات بامتداد كل أجنبي يزور تلك البلاد ويصبح سفيرا لها بل ويحث الآخرين على تعلمها حتى يتسنى لهم التمتع بطبيعتها الخلابة.
يشب أبناؤنا في بيئة خصبة تربط بين تحدُث اللغة العربية وبين التدني الثقافي أو الاجتماعي، بحيث يقتصر تعلم اللغة على الفئات الأقل اجتماعيا أو على الأسر التي لا تستطيع إلحاق أبنائها بالمدارس الأجنبية التي أصبحت ذات مصروفات خيالية ولذا يرتبط بأذهان أبنائنا أن من يتحدث العربية هم مواطنون درجة ثانية.
وهنا يبدأ الخطر بحيث يستهتر الطلاب بحصص اللغة المدرسية وينظرون إلى مدرسيها نظرة دونية وتعزز الدولة تلك الصورة الذهنية حين تتوقف عن دعمها لمدرس اللغة العربية وتنمية مهاراته والتفرقة بين رواتب مدرسي اللغة العربية والأجنبية وعدم إدراج اللغة العربية في المجموع فترسل رسائل ضمنية بالاستخفاف بتلك اللغة ورويدا رويدا يفقد الأبناء الارتباط بكتاب الله لأنهم لا يفهمون شيئا من لسانه العربي المبين. فعلى الآباء توخي الحذر قبل أن تتسلل لغات أجنبية إلى قلوب أبنائهم فتسلبهم هويتهم.
إليكم بعض الخطوات البسيطة لتشجيع أبنائنا على حب اللغة:
- عدم التحدث بلغات أجنبية طيلة الوقت في المنزل بل جعل وقت مُخصص لتعلم اللغات الأجنبية حتى يتقدم مستوى الأبناء دون المساس بلغتهم الأم.
- التشجيع على قراءة الكتب باللغة العربية أو الكتب الأجنبية المترجمة فهي مصدر خصب
مليء بالمفردات الثرية.
- التشجيع على مشاهدة المسلسلات التي تروي قصصا تاريخية تُحببهم وتربطهم بتاريخهم.