"ذا غارديان" حول استخدام الأسد للأسلحة الكيماوية: صمتنا عار

13 اغسطس 2016
الكلور ليس متضمناً في اتفاقية الأسلحة الكيماوية (الأناضول)
+ الخط -



قالت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، إنّ مليوناً ونصف مليون مدني ما زالوا يعانون في مدينة حلب، شمالي سورية، فيما المأساة التي حلت بمدينتهم القديمة، التي كانت يوماً مدينة جميلة، حوّلتها إلى "جحيم على الأرض".

وأشارت الصحيفة، في افتتاحيتها اليوم السبت، إلى أنّ حلب عانت خلال السنوات الخمس من الحرب في سورية، من إلقاء طائرات النظام البراميل المتفجرة، والقصف العشوائي، وحرب الشوارع، وتشهد الآن، بما لا يدع مجالاً للشك، استخدام نظام الرئيس بشار الأسد للأسلحة الكيماوية ضد المدنيين.

وتشير الصحيفة إلى أنّه في يوم الخميس الماضي، وفي وقت كان من المفترض أن يجري تطبيق وقف لإطلاق النار لمدة ثلاث ساعات (هدنة) للسماح بتمرير المساعدات الإنسانية، وثّق أطباء في تقارير لهم حالات لضحايا يعانون مما تم تشخيصه على أنّه استنشاق غاز الكلور.

وتنقل الصحيفة تقارير عن نظيرتها "نيويورك تايمز" الأميركية بأن أربعة أشخاص قتلوا بالهجوم على منطقة الزبدية في حلب، فيما خلّف هجوم آخر عبر قنابل الغاز المليئة بمادة الكلور بعد عدة أيام، أربعة قتلى وعشرات الجرحى "الذين قاتلوا من أجل التنفس" في مدينة سراقب بمحافظة إدلب، وتحديداً في المنطقة التي شهدت سقوط المروحية الروسية، ومقتل أفراد طاقمها الخمسة.

وتذكّر الصحيفة بأنّ أدلة موجودة على استخدام الكلور في الأسلحة الكيماوية، ليس فقط بكثرة من قبل نظام الأسد، بل كذلك من قوات تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، على مدى سنتين على الأقل. ومن سخرية القدر، بحسب الصحيفة، أن غاز الكلور شائع، ويستخدم طبيعياً كمركب في الاستعمالات اليومية لتنقية المياه، وكمطهر لا سيما في المستشفيات، ولذلك لم يتم منعه.

وعلى سبيل المثال، فإنّ غاز الكلور ليس متضمناً في اتفاقية الأسلحة الكيماوية، التي وقعها النظام السوري بعيد الهجوم الكيماوي على الغوطة بريف دمشق، حيث أدى غاز السارين، وفق تقارير، إلى مقتل حوالي الألف من السكان بضواحي دمشق في آب/ أغسطس العام 2013، وكان بعد ذلك أن دمرّ نظام الأسد مخزونه من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية المحظورة.




وتلفت الصحيفة إلى أنّ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وكردٍّ على العدد المتنامي للتقارير الواردة، شكّل بعثة تحقيق مشتركة لجمع الأدلة وروايات شهود العيان عن هجمات الكلور. وبحسب الصحيفة، فإنّ أيّ دليل على استخدام الكلور، وعلى الرغم من صعوبة التحقق منه، لإلحاق الضرر العشوائي بالمدنيين، يمكن أن يكون أساساً لمحاكمة بتهمة "ارتكاب جرائم حرب".

وتفتقر الأسلحة الكيماوية، ومن ضمنها غاز الكلور، وفق الصحيفة، إلى التأثير المباشر و"الكارثي" للانفجارات الشديدة، وتخدم هدفين، لا توفرهما الأسلحة التقليدية. فبالنسبة للضحايا، صمتهم وعدم يقينهم من مدى وطبيعة ما تعرّضوا له، يهوّل من الإرهاب الذي يسببه الهجوم. كما أنّ "الصمت المفترض" من المجتمع الدولي في وجه "الخرق الصارخ" للقانون الدولي المدعوم من الأمم المتحدة، يؤكد عجز بقية العالم، ويعزّز شعور الإفلات من العقاب لدى النظام.

وتنقل الصحيفة عن أحد الأطباء في حلب "توصيفه المرير" بأنّ استخدام العوامل الكيماوية من دون مساءلة هو "الوضع الطبيعي الجديد في سورية". وبحسب الصحيفة، فإنّ نظام الأسد، ومنذ تجاوز "الخطوط الحمراء" التي رسمها الرئيس الأميركي باراك أوباما، عبر الهجوم بالسارين في دمشق قبل ثلاث سنوات، يبدو واثقاً على نحو متزايد، بأنّ بإمكانه تنفيذ هجمات بأسلحة كيماوية دون أدنى خوف من أي ردّ عليه.


ومع أنه من المنتظر، وفق الصحيفة، أن يقدّم المراقبون الدوليون تقريراً لهم إلى الأمم المتحدة في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، فإنّ "التابو" تم تجاوزه مسبقاً، حيث من المحتمل أن يعاني مئات من الناس من تداعيات هذا "العجز الجديد" من قبل المجتمع الدولي.