بعد ثلاثة أعوام: ضحايا مجزرة الغوطتين أحياء في الذاكرة

21 اغسطس 2016
تجدد المطالبة بمحاسبة النظام السوري (ديميتار ديلكوف/ فرانس برس)
+ الخط -
ما زالت النيران تكوي قلوب من تبقى حياً، بعد مرور 3 سنوات على ما حدث من قصف في تلك الليلة، التي قتل خلالها مئات المدنيين في شطري الغوطة (الشرقية - الغربية) السورية، جراء استهدافهم بصواريخ النظام المحمّلة بغازات سامة.


خلال ساعة ونيف من مساء 21 أغسطس/ آب 2013، سقط نحو 1200 قتيل في مدينة زملكا وعربين في الغوطة الشرقية في ريف دمشق، معظمهم من الأطفال والنساء، فيما كان لمعضمية الشام في الشطر الغربي من الغوطة نصيبها، إذ قتل فيها 100 شخص، وسط حالة هستيرية وعدد كبير من الإصابات بعد إسقاط صواريخ النظام السوري وسط التجمعات المدنية وفي وقت المساء، ما أدى لمقتل عوائل بأكملها.


الصدمة تعود
أحد الناجين من المجزرة، ويدعى أبو عمر غزال، يروي لـ"العربي الجديد" "في مثل هذا اليوم، أتذكر مقتل أبي وأمي وأخي وأولاده، فأشعر بحرقة قلب، هذا اليوم لا ينسى. كل الدنيا لا تعوضني عن أهلي، لا ننتظر شيئاً، من أحد. هذه هي حال الدنيا. كل من عليها فانٍ".

أما محمود طعمة البالغ 70 عاماً، والذي فقد ابنه وأحفاده وزوجة ابنه في مجزرة الكيماوي، فلم تكن حالته أفضل، فحين سألناه عن ذكرى الكيماوي وأثرها بعد مرور 3 سنوات على فقد عائلته، دمعت عيناه وسكت، ومشى في طريقه دون أن ينطق بكلمة.

يوم مشؤوم
بدوره، يقول عضو المكتب الإداري للجنة إغاثة شهداء الكيماوي، صلاح دحلا، لـ"العربي الجديد" إن "ضربة الكيماوي كانت كابوسا، يمر أمامي كيف أنقذنا الناس وكيف حملناهم من فرشهم، بملابس النوم، كان منظراً حفر في الذاكرة لا ينسى، أشعر دوماً بذات العجز كلما عادت أفكاري من جديد لذاك اليوم المشؤوم".

ويضيف "كانت صواريخ الكيماوي موجهة لضرب زملكا تحديداً، ومن ثم تمهيد الدخول براً إلى الغوطة، وسقط حينها 12 صاروخاً بينها 8 على زملكا و 4 على عين ترما سقطت بخطأ".



توقيت مقصود
لم يكن اختيار النظام لتوقيت هذا اليوم، من باب الصدفة فالقصف ليلاً يفيد "القاتل" من جهتين، من حيث قتل عدد أكبر من الناس كونهم نياما، إضافة إلى أن قصف الغازات الكيماوية بالنهار يخفف من فعاليته لأن الشمس تؤثر على تركيب الغازات الكيماوية.

ويضيف دحلا "لو قصفت المواد الكيماوية في جو فيه هواء، لحرك الهواء الغاز وبالتالي نقله إلى دمشق، وقتل عدداً أكبر من الناس في مساحات أوسع، زملكا لا تبعد عن ساحة العباسيين سوى ثلاثة كيلومترات تقريباً".

لم يعد الناس بعد القصف بالكيماوي كما بعده، ولم يعد الأمل بانتهاء الظلم يتسلل إلى قلوبهم بين الفينة والأخرى بعد مرور 3 أعوام على مجزرة الكيماوي وسط صمت دولي مطبق، وبعدما بات اليأس ينخر قلوب أهالي الضحايا الذين ماتوا على أسرتهم بهدوء.

حبر على ورق
على الرغم من التقارير الصادرة عن مجلس الأمن والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية، لم يكن هناك عقاب لمرتكبي المجزرة، وبقيت القضية والمجزرة، مجرد حبر على ورق تقارير منمقة.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد أكد بعد صدور تقرير المحققين الأمميين استخدام الأسلحة الكيماوية في سورية على نطاق كبير نسبياً، مشيراً إلى أن التقرير أعد بناء على أدلة من ناجين من مجزرة الكيماوي وأطقم طبية.

ثلاثة أعوام على المجزرة التي لم تختف آثارها بعد، الناجون من الموت بالسم الأبيض يتحدثون وكأن ما جرى جرى يوم أمس، وما زال ضحايا هذه المجزرة نياما في ذاكرتنا، والخذلان الدولي يعوم أرجاء الغوطتين، بعد أن تعامل العالم مع مجزرة الكيماوي كذكرى للعام الثالث، وضاعت معالم الجريمة بين تحقيقات مجلس الأمن وخلافات الدول الكبرى واتفاقاتها.