يقرأ التشيلي راؤول زوريتا من خلال ديوان "تَعِبَ المُعَلَّقون" تجربةَ الشاعر الفلسطيني الزميل نجوان درويش، كلحظة ذروة في كتابة شعرية تواجه عالماً يضجّ بالظلم.
لا تصيحُ إلّا الصخور بهذه الطريقة/ الزّهور أيضاً تصيحُ، ولكنْ فقط عندما تُميلها الرياح/ سمعتُ حقولاً كلها زهور تميل
مع الرياح/ قد فقأت أعيُنها، هل كنتَ تعلم ذلك؟/قد قلَعت أعيُنها من المحاجر. لهذا السبب/ لا يمكن لأحد في هذه القصائد أن يرى.
غارقةً في الماء، راحت المدن ترتفع مغطيّةً السّماء/ فيما كانت الأضواء المنبعثة من ناطحات السّحاب/ تتمرأى وكأنّها البحر أمام منصة الفجر الضّخمة/ راحت مدن الماء تطوف فوق الفجر/ وبدت انعكاساتها شبيهة بالخيوط التي ترسمها الشمسُ في قيعان المسابح.
في خطاب تلقّيه "جائزة الملكة صوفيا للشعر الإيبروأميركي" (2020)، الذي تنشر "العربي الجديد" ترجمته هنا للمرّة الأولى، يطوف الشاعر التشيلي العالَم وأزَماته وآلامه، ويذكّرنا بأنّ أيّاماً جديدة ستأتي رغم كلّ شيء.
لم تكن شواطئ تشيلي سوى لقبٍ لشواطئ تشيليّة بلا أسماء/ تشيلي كلّها لم تكن سوى لقبٍ يقابلُ السواحل التي أسموها شواطئ تشيلي اللامسمّاة/ معمّدين، حتى الذين ظلّوا بلا أسماء صاروا سجلّ قدّيسي هذه الشواطئ التي تمكّنت من أن تكون سواحل..
تحدثّك الصخور التي تكسّرت عليها حياتك/ تخبرك عن أكثر من إيثاكا مزيفة/ عن الغرق في السواحل البعيدة/ عن تعبكَ وأنت تنعطف صوب الأمواج
تقول لك إن نهاية الأرض توجد هناك في الأبعد / وإن البحر ينهار هناك، إن بحرك المعشوق ينهار.
"نشيد حبه المفقود" لحن جنائزي طويل من ثلاثة أصوات، كتبه الشاعر التشيلي راؤول زوريتا قبل عودة الديمقراطية إلى بلاده بست سنوات تقريباً، للمفقودين الذين لم يُعثر على جثثهم في فترة الحكم العسكري في تشيلي وفي كل مكان.
تحدِّثكَ الآن صخور حياتك المُحطَّمة/ تحدِّثكَ عن مُدنِ إيثاكا الزائفة/ عن حطام السفن في الشواطئ البعيدة/ عن تعبكَ الذي يطويك على الأمواج/ يقولون لك إن نهاية الأرض هناك/ والبحر ينهار هناك، وإن السفن ما عادت أبداً.