بعد قرنٍ ونصف من إصدار كارلو كولودي روايته الشهيرة "مغامرات بينوكيو: قصّة دمية"، عاد الطبيب النفسي والكاتب الإيطالي فيتّورينو أندريولي إليها، ليعطيها ملامح حديثة وأكثر تعبيراً عن عالمنا. مسعىً يتناسق مع مشروع أندريولي لفهم الراهن وتغييره.
ما يشغل روبرتو سافيانو في عمله محققاً صحافياً، يشغله في كتابه الأخير: البحث عن الحقيقة. ليس "غريدالو"، التي تعني في الإيطالية "اصرخها" أو "قلها بصوت مرتفع"، عنوانَ الكتاب فحسب، بل دعوة إلى الدفاع عن الحق وإلى التشبّث بالرغبة في التغيير.
تروي لنا الباحثة الإيطالية غايا سِرْفادِيّو - في كتابها الصادر مؤخراً - الحياة الخرافية والفعلية لشخص لا ندري، عندما ننتهي من قراءة الكتاب، في أي خانة يمكننا تصنيفه: مغامر ومخترع ودبلوماسي وجاسوس لحساب التاج البريطاني، وعالِم/لصّ آثار .
المكان المغلق، حسب تصوّري، كان لا يسمح له إلّا باختيارين: إمّا أن يقضي علينا، أو أن يُطلق سراحنا. كان من المحال التفكير أنه سيحتفظ بنا كسجناء دون أن يصادف متاعب كثيرة، أوّلهما وصول القضية إلى الشرطة بسبب اختفائنا المفاجئ.
في انتظار رحيل الزائر المرعب، تعود ليالي الشتاء الطويلة، والألعاب المنسيّة: لقد عدنا لأنفسنا، إنها الحياة التي كنا نفتقدها. ومع هذه الحياة الجديدة، يجد الإيطاليون أنفسهم مرغمين على التخلّي عن عادات عريقة، مثل العناق بين الأصدقاء وسهرات المساء.
يشكّل "الآخر" الموضوع المركزي لنتاج الكاتب الإيطالي، كما يؤكّد ذلك في حديثه إلى "العربي الجديد"، حيث يتيح له التأملّ في الذات الإيطالية بماضيها الاستعماري وحاضرها الذي يتجدّد فيه الخطاب العنصري. يحضر كاتوتسيلا في "أيام الرواية الإيطالية" في تونس اليوم وغداً.
"أصبحنا كلنا لاجئين في هذا العالم المتخبّط، يرفضوننا بوابل من الكلمات على الحدود، نتشبث بالأمل، وبعد كل هذه المآسي، باتت الكلمة ملاذنا ومأوانا الأخير!"، عبارة وردت في كتاب قُدِّم أخيراً، وتلخّص نظرة المشاركن فيه من "مختبر الكتابة الإبداعية الجماعية والهجينة".
اختتمت الأحد الماضي، 22 أيلول/ سبتمبر الجاري، فعاليات الدورة التاسعة عشرة من "مهرجان الدراماتورجيا الدولي" في مدينة ميلانو الإيطالية. التظاهرة المسرحية التي تحتفي عادة بالثقافة الأورومتوسطية، اقترحت على المشاركين فيها محوراً رئيسياً بعنوان "التعدّدية وشبكات التواصل الاجتماعي".
كانت الشرطة على علم بكل شيء. تدبيرٌ اتخذوه منذ وصول الدفعات الأولى من اللاجئين، أحياناً كانوا يراهنون على الجريمة قبل وقوعها. يسألني الشرطي: "الأغبياء فقط يصدّقون أن ربّة عمل يمكن أن تقع في غرام لاجئ بائس! أخبرنا كيف حدث ذلك؟".
إن كان من المؤسف أن "المنتصرين" يكتبون التاريخ، فمن العزاء أن يمتلك "الخاسرون" اليقين بأن هناك دائماً أشخاصاً، من منطلق العدالة واحترام الحياة، لديهم الشجاعة والإرادة لأن يعيدوا للتاريخ قيمته الحقيقية. يمكن اعتبار ذلك منطلق كتاب الباحثة الإيطالية.