اليمن: عوائق سياسية في طريق المبادرات الشبابية

05 يونيو 2016
+ الخط -

يبدو محمد المهدي مستاء للغاية، وهو يحكي عن مصير مشروعه الذي بدأ بالتخطيط له قبل عامين، وكان يتوقع له النجاح، في حين لم يكن يعلم أن حواجز ستعترض طريقه؛ حواجز سياسية، وليست مالية متعلّقة تعقيدات التمويل التي عادة ما يواجهها أي شخص ربما في مسالة إنجاز أو إطلاق مشروع ما.

يوضح المهدي في حديثه مع "جيل العربي الجديد": "أعددت الفكرة لمشروع المؤسسة وأطلقت عليها اسم "يمان للدراسات والإعلام"، وبعد الإعداد والتجهيز واستكمال جميع الإجراءات القانونية؛ بدأت بالتحضير لحفل الإشهار؛ وعندها كانت المشكلة".

يقول: "اتصل بي وكيل وزارة الإعلام التابع لأنصار الله، ومن ثم اتصل بي أحد أعضاء ما تسميها ميليشيا الحوثي "اللجنة الثورية العليا". وسألني أين سيكون دورنا في المؤسسة؟ كما أننا نريد أن نكون شركاء في العمل وسنساهم في التمويل بمبلغ 30 ألف دولار؛ على أن تكون أول دراسة تقوم بها المؤسسة عن العدوان السعودي وعن تدخلات المملكة العربية السعودية في اليمن منذ ما قبل نصف قرن من الزمن".

كانت كل هذه الاسئلة والمقترحات بمثابة الصدمة لدى الشاب الذي قال إنه رفض كل هذه العروض والمقترحات؛ واضطر إلى مغادرة صنعاء فترة من الزمن وإغلاق أجهزته الشخصية، وإغلاق المكتب وبيع اثاثه، وتجميد المشروع إلى أجل غير مسمى.

من هنا، يقول المهدي إن هذه الأجواء السياسية وأجواء التضييق ستخلق بلا شك مشكلة في التمويل لأي مشروع مشابه اليوم في اليمن؛ ويصبح من الصعب أن تحصل على ممول، في ظل بقاء هذه العقلية، مع بقاء سيطرة المليشيا على صنعاء.

هكذا، يمكن القول أيضا إن ريادة الأعمال أحيانا تتحول إلى رحلة محفوفة بالمخاطر؛ لكنه من الطبيعي أن تكون هناك نجاحات وإخفاقات تدفع الشخص إلى المحاولة مرات أخرى.

الكثير من الشباب يجمعون ويؤكدون على أن مسالة إيجاد الممول تعتمد أولاً على معرفة صاحب المشروع بالأشخاص والمؤسسات التي يمكن أن تقدم التمويل في أي مشروع؛ سياسياً كان أو ثقافياً او اجتماعياً أو اقتصادياً. إلى جانب ذلك، ثمة جسور ثقة بين صاحب المشروع وبين الممول الذي لا يمكن له أن يقدم التمويل إلا بعد أن يعرف ما الذي يمكن أن يجنيه هو أولاً من أرباح قد تكون مالية أو معنوية أو كليهما.

شبّان وشابات كثر يتحدثون عن مبادرات وعن مشاريع صغيرة بالجملة في إطار حديثهم في وسائل التواصل الاجتماعي أو في وسائل الرأي العام، وفي إطار بحثهم عن جهات تمويل صار أمر الوصول إليها صعباً.

ومن ضمن إشكاليات الوصول إلى ممول اليوم في اليمن لأي مشروع، هي تلك التي وجدت بعد انقلاب مليشيا الحوثي على الدولة، وإدخالها البلاد في حرب طويلة ومستمرة. فعلى سبيل المثال، هذا أجبر هذا الإجراء كثير من المنظمات الدولية والعالمية على مغادرة البلاد، وتعليق أعمالها منذ عام ونصف.

تقول أزال الصلوي لـ "جيل العربي الجديد": "كنت ومجموعة من الزميلات نطلق مبادرات شبابية ومشاريع مصغرة تستهدف القطاع النسوي، سواء في مجال التعليم أو الصحة، وكنا نحصل على تمويل من منظمات دولية؛ لكننا اليوم نجد أنفسنا في حالة فشل وتوقف بعد غياب مصادر التمويل لمشاريعنا".

ليست المشاريع التي ما تزال مجرد أفكار هي من توقفت أو تعثرت؛ بل هناك مشاريع خاصة قد مر عليها سنوات وهي في مرحلة التنفيذ وعلى أرض الواقع، وكان لها دعم وتمويل على المستويين المحلي والإقليمي، ولكن الحرب عملت على تعطيلها وإفشالها بعد سنوات من النضال والعمل في إطارها.

الصحافي والمدرب الإعلامي رشاد علي الشرعبي، وفي حديثه عن مصير مركز التدريب الإعلامي الذي كان يعمل في صنعاء وفي محافظات أخرى في البلاد منذ سنوات، يقول: "الوضع أفشل مشاريعنا بداية من رفض السلطات قبل ست سنوات منحي الترخيص بسبب كتاباتي ومواقفي، ثم حينما مُنحت الترخيص بعد ثورة 2011، بدأت العمل ونفذت العديد من المشاريع الخاصة بتدريب قطاع واسع من طلاب كلية الإعلام في جامعة صنعاء والناشطين في المحافظات، وحصلت على تمويل لمشروعين من الكنديين والدنمارك".

اليوم وبعد أن كان الشرعبي قد عثر على جهات تمويل خارجية أخرى وبعد جهد كبير، أجبرته مليشيا الحوثي على مغادرة صنعاء بعد مطاردات واسعة له واضطر، كما يقول، إلى إغلاق المكتب لمدة عام. وفي الأخير باع أثاث المكتب الذي جمعه لسنوات لتسديد إيجارات المبنى. 

دلالات
المساهمون