المصريون يختنقون بأقساط القروض المصرفية

01 ديسمبر 2014
مصريون ينتظرون دورهم أمام المصرف (باتريك باز/فرانس برس)
+ الخط -
يصحو في تمام الساعة السابعة صباحاً وينطلق للعمل على طرقات القاهرة، أملاً في سداد ‏أقساط المصرف المتراكمة على سيارته. وبعد أكثر من 13 ساعة من العمل، يُطبق النوم ‏جفونه طلباً لقسطٍ من الراحة. إنه الصراع اليومي الذي يحكُم قبضته على ‏مجريات حياة الحاج أحمد علي (54 عاماً) منذ شراء ‏سيارة الأجرة عبر قرض مصرفي.
يقول علي "تقاعدت مُبكراً ضمن مجموعة من العاملين في ‏‏2010 بسبب رغبة الشركة في خفض حجم العمالة. تقاضيت آنذاك مكافأة ‏زهيدة لا تتجاوز 4.1 ألف دولار. فلم أجد أمامي سوى سداد هذا المبلغ إلى ‏أحد المصارف كدفعة أولى لشراء سيارة تاكسي تُغطي نفقات أسرتي‎".
ويضيف علي "كُنت أسدد 104 دولارات قسطاً شهرياً، حتى ‏اندلعت الثورة في 2011 وأعقبها ثلاث سنوات من الاضطرابات، ما أدى ‏إلى عجزي عن دفع الأقساط. قام المصرف بفرض غرامات مالية وحظر تجديد رخصة السيارة كأداة ‏ضغط لسداد 1.2 ألف دولار، كأقساط متراكمة"‎.

القروض القاتلة
لم يكن الحاج أحمد الضحية الوحيدة للقروض المصرفية التي حولت ‏حياة آلاف المصريين إلى جحيم. مصطفى محمود وهو محاسب عمره 39 ‏عاماً، أحد هؤلاء الضحايا أيضاً. فقد أقنعه مسؤول تسويق ‏القروض الشخصية بأحد المصارف بأن الاقتراض سيمكنه من تحسين ‏معيشة أسرته. إلا أنه بعد مرور عام واحد فقط على القرض تحولت ‏حياته إلى مأساة‎.
يحكي مصطفى "مع قدوم الابن الثالث إلى الحياة، تضخمت الأعباء ‏المالية للأسرة. ما اضطرني إلى الحصول على قرض لتدبير احتياجات ‏البيت، بعد إقناعي بإمكانية اقتطاع المصرف ثلث راتبي شهرياً لسداد أقساط ‏القرض لمدة سبع سنوات‎".
ويضيف "صارت الأمور جيداً لمدة عامين حتى نفد القرض، واستمر المصرف في اقتطاع ثلث الراتب".‎
يتابع مصطفى: "‎وجدت عملاً آخر إضافياً، ليرتفع عدد ساعات عملي إلى أكثر من 14 ساعة، ومع ذلك عجزت عن تغطية الأعباء المالية للبيت والمصرف. والآن ‏أبحثُ عن فرصة عمل في الخارج".
وحين نغوص في التفاصيل، يتبيّن أن عدد المتعاملين مع المصارف المصرية يصل إلى 12 مليون مواطن، وفق البنك المركزي، وبينهم نحو 7 ملايين مقترض.
ووفقاً لتقرير صادر ‏عن الشركة المصرية للاستعلام الائتماني "‏آي سكور" استحوذت ‏القروض الشخصية على 27.49% من إجمالي التسهيلات الائتمانية التي ‏وفرتها المصارف خلال 2013.‏
وتأتي القروض الممنوحة بضمان الرواتب في المرتبة الثانية بنسبة ‏‏%20.98. وذلك في الوقت الذي شهدت فيه قروض السيارات نمواً ‏ملحوظاً لتصل إلى 6.9% من إجمالي القروض المصرفية. ويليها ‏بطاقات الائتمان الممنوحة للأفراد إذ تقتنص 5.56%. ‏
‏وبنبرة مُتفائلة تقول المديرة العامة للتجزئة المصرفية في المصرف العربي ‏الأفريقي هالة الفص إن "المصارف ستشهد توسعاً كبيراً في نشاط تمويل ‏الوحدات السكنية".‏ إلا أنها تعتبر أن في زيادة مهلة سداد الأقساط مشكلة لأن "التقلبات الاقتصادية ‏والسياسية، أدت خلال السنوات الثلاث الماضية إلى فقدان الكثير ‏أعمالهم ومن ثم تعثرهم عن السداد. وفي النهاية سحب المصرف وحداتهم ‏السكنية". ‏
وتؤكد الفص أن "العاملين في شركات السياحة كانوا الأكثر تعرضاً لهذه المخاطر بعد ‏تسريح العديد من الشركات لموظفيها، إلى جانب تجميد شركات أخرى ‏لنشاطها". ‏
إلا أن حالات التعثر لا تتوقف على العاملين في السياحة. فقد موّلت المصارف شراء أكثر من 41 ألف سيارة بإجمالي قروض ‏‏1.950 مليار جنيه، منذ خمس سنوات. ‏ووفق عضو مجلس الإدارة التنفيذي والمشرف على ملف التعثر ‏بالمصرف الأهلي المصري يحيى أبو الفتوح "بعدما اندلعت الثورة وتراكمت الأقساط ‏على أصحاب السيارات، بلغت نسبة التعثر 20%، ما اضطر ‏المصارف بالتنسيق مع إدارة المرور لحظر تجديد تراخيص السيارات ‏بغرض إلزام أصحابها بسداد الأقساط المُتأخرة".
المساهمون