استمع إلى الملخص
- **تأثير الفقر وقلة الوعي:** الفقر يمنع توفير الغذاء المناسب وحماية الأطفال من الأمراض الموسمية، وقلة الوعي الصحي تؤدي إلى إهمال التطعيمات واستخدام المياه غير الصالحة للشرب.
- **الحاجة إلى تنسيق الجهود:** الوضع المعيشي الصعب يتطلب تنسيق الجهود بين الحكومة والمواطنين للتصدي للأمراض الموسمية، حيث يفتقد المواطنون لأبسط مقومات الوقاية.
وسط أزمة حادة في الطاقة تتسبب بانقطاع الكهرباء ساعات طويلة، يعاني الباكستانيون، خاصة أولئك الذين يسكنون في مناطق الشمال الغربي، وتحديداً الأطفال، من تفشي الأمراض الموسمية. يأتي ذلك وسط وضع معيشي صعب يعجز فيه كثيرون عن توفير الغذاء والدواء المناسب لعائلاتهم، ما يعرضهم أيضاً للإصابة بأمراض موسمية بسبب ضعف المناعة.
توضح وزارة الصحة المحلية في إقليم خيبربختونخوا (شمال غرب) أنه "من بين الأمراض الموسمية المتفشية في الإقليم الإسهال والقيء والملاريا والحصبة. وتشمل غالبية الإصابات الأطفال، وتؤدي في بعض الأحيان إلى وفيات في صفوفهم، لا سيما أن سكان المناطق النائية لا يأخذون الأطفال إلى المستشفيات في وقت مبكر، أو لا يستطيعون أن يفعلوا ذلك".
يقول الدكتور محمد سلام لـ"العربي الجديد": "تنتشر أمراض، مثل القيء والإسهال، بسرعة فائقة في صفوف الأطفال وكبار السن، بسبب ضعف المناعة. وهذه الأمراض موجودة في مواسم أخرى غير موسم الحرّ لكن بنسبة ضعيفة". يتابع أن "المشكلة الأساسية هي الفقر الذي يمنع المواطنين من توفير الغذاء المناسب لأفراد عائلاتهم وأطفالهم، وتعزيز حمايتهم من الإصابة بالأمراض الموسمية خلال موسم الحرّ الشديد، كما أن الثقافة والوعي لدى المواطنين ضعيفان جداً لدرجة أنهم لا يعرفون كيفية حماية أنفسهم وأطفالهم من تأثيرات الحرّ الشديد، فيتخلفون مثلاً عن تطعيم أطفالهم ضد الحصبة، ويهملون أساليب الوقاية، ولا يستخدمون المياه الصالحة للشرب".
ويشير سلام إلى أن "موسم الحرّ الشديد صعب على الباكستانيين، ومن بين الأمراض المنتشرة في البلاد بين الكبار بالدرجة الأولى والصغار بوتيرة أقل، ضربات الحرّ التي تصيب الأشخاص الذين يعملون في الأسواق أو يمارسون أعمالاً شاقة، وتتسبب بوفيات بين كبار السن. هناك أيضاً حمى الضنك التي تتفشى بسرعة فائقة في موسم الحرّ بسبب تجمّع المياه في أماكن مختلفة، ما يعتبر من مسؤولية الحكومة والبلديات إلى جانب المواطنين أنفسهم. كما تؤدي الملاريا والإسهال والقيء إلى وفيات، خاصة إذا حصلت في مناطق نائية تشهد عدم أخذ المواطنين مرضاهم إلى المستشفيات إلا بعد تدهور أوضاعهم الصحية". يضيف أن "من بين الأمراض المتفشية في موسم الحرّ أيضاً الأمراض الجلدية، خاصة الالتهابات، علماً أن الفقر لا يشكل السبب الوحيد لتفشي الأمراض، بل عادات الناس وأساليب عيشهم أيضاً، فهم يشربون كل ما يحلو لهم في الشوارع، في حين أن المياه الصالحة للشرب قد لا تكون موجودة في كل مكان. وهناك طرق تسمح للمواطنين بوقاية أنفسهم من هذه الأمراض مثل غلي المياه قبل الاستخدام، وتجنب مأكولات الطرقات والمشروبات غير الصحية، علماً أن أنواعاً كثيرة من المشروبات الباردة التي لا تعرف محتوياتها تنتشر في شوارع المدن خلال موسم الصيف، وتتسبب بأمراض معوية وأخرى جلدية. وعند الخروج من المنزل يمكن وضع قماش مبلل على الرأس للحماية من شدة الحرّ، لكن أحداً لا يفعل ذلك، لذا تتفشى الأمراض الخطيرة كثيراً في موسم الصيف".
من جهته يقول الدكتور سرفراز خان، وهو أخصائي في أمراض الأطفال في مدينة كوهات (شمال غرب)، لـ"العربي الجديد": "يساهم الوضع المعيشي السائد وغلاء الأسعار والبطالة وانقطاع الكهرباء في إضعاف المناعة الذي يتسبب بتفشي الأمراض. ولا شك في أن قلة الوعي ذات تأثير كبير، لكن الأوضاع العامة وانعدام وجود الكهرباء لا تساعد المواطنين في وقاية أنفسهم من الأمراض الموسمية فهم يفتقدون إلى أبسط مقومات الوقاية من الحرّ، ومن بينها شراء ثلج لأولادهم كي يوفروا مياهاً باردة لهم. ويملك البعض ثلاجات لكنهم يحتاجون إلى شراء ثلج من السوق لأن الكهرباء مقطوعة. وعندما يتضايق الأطفال من الحرّ الشديد في المنازل يجري إخراجهم إلى الشوارع المليئة بالبعوض التي تتسبب أيضاً بتفشي الأمراض مثل حمى الضنك".
ويتحدث سرفزار عن أن "الأمراض الموسمية تنتشر بقوة ليس في شمال غرب باكستان فحسب، بل في كل المدن، وتزداد في الأرياف، وهناك حاجة ملحة إلى تنسيق الجهود بين الحكومة والمواطنين لأجل التصدي للأمراض الموسمية الشديدة، فالمواطنون لا يأخذون الحيطة والحذر أحياناً، أو يرغمون على فعل ذلك، وبينهم مثلاً العمال المياومون الذين لا بدّ أن يعملوا في الحرّ الشديد".