الرقابة المزدوجة.. حيلة مورينيو التي ضربت هازارد في مقتل

17 ابريل 2017
تشلسي فشل في تحقيق الفوز على مانشستر يونايتد (Getty)
+ الخط -


واصل تشلسي نزيف النقاط بالفترة الأخيرة بعد السقوط أمام اليونايتد، ونجح ممثل مدينة مانشستر في إسقاط متصدر الترتيب، على ملعب الأولد ترافورد الذي عاد من جديد كمسرح للأحلام، بعد حصد الشياطين الحمر ثلاث نقاط مهمة، واقتراب توتنهام من كتيبة كونتي قبل النهاية بأسابيع قليلة.

وضع مورينيو يده على شعار اليونايتد في نهاية المباراة، كإشارة واضحة أنه صار من مشجعي هذا النادي، وهو ردّ منطقي على جماهير تشلسي التي هاجمته كثيرا خلال مباراة الكأس الماضية. وعرف البرتغالي من أين تؤكل الكتف تكتيكياً بعد الخسارة مرتين متتاليتين أمام ممثل لندن، ليعود بقوة هذه المرة ويسجل لاعبوه هدفين من ذهب في مرمى البديل بيغوفيتش.

مشاكل تشلسي
فاز تشلسي كثيرا هذا الموسم بعد التحول إلى 3-4-2-1، وانطلق الفريق مستفيدا من عدم لعبه في المنافسات الأوروبية ليحصد نقاطاً عديدة. واستفاد أنطونيو كونتي من قوة كانتي في الافتكاك بالمنتصف، وصعود الظهيرين إلى الهجوم من الخط الجانبي، مع مهارة هازارد في اللعب بين الخطوط، والحسم التهديفي لمهاجمه دييغو كوستا. وخلال عدة مباريات هذا الموسم، لم يلعب تشلسي بشكل مميز لكنه نجح في حصد النقاط، بسبب ثنائية كوستا وهازارد بالأمام، كما حدث ضد مانشستر سيتي وويست بروميتش وكريستال بالاس. كذلك حصل على عدة نقاط من استغلال التفاصيل الصغيرة كمباراة سوانزي بستامفورد بريدج ولقاء ستوك سيتي في ملعب بريطانيا.

يعتمد المدرب الإيطالي في خططه على خلق التفوق العددي بمناطق أسفل الأطراف، لذلك يلعب بثلاثة مدافعين سواء مع تشلسي أو إيطاليا من قبل، ليصعد الظهيران إلى نصف ملعب المنافس، ويضم إلى جوارهما لاعبا من الوسط أو الجناح المهاري السريع، لصنع موقف 2 ضد 1 أمام الظهير المقابل، لذلك يركز تشلسي في هجومه على انطلاقات الإسباني ماركوس ألونسو، اللاعب الذي يصعد بحرية على اليسار، مستفيدا من تغطية كاهيل خلفه ومساندة هازارد وكوستا له بالتبادل.

صعود ألونسو للأمام يجعل المساحات أكبر أمام هازارد، بسبب وجود أكثر من مصدر للهجوم الأزرق، ليحصل البلجيكي على فراغ بعمق الثلث الأخير من الملعب، ومع غياب الجناح الأيسر وجد إيدين نفسه محاصرا بين العمق والأطراف، خصوصا أن كونتي لجأ إلى وضع المدافع أزبليكويتا مكان ألونسو، لتنعدم خطورة الجبهة اليسرى الزرقاء، وتصبح طريقة اللعب متوقعة للغاية، من خلال حصر كافة الحلول في ثنائي الهجوم لا غير.

مباراة الكأس
خسر اليونايتد أمام تشلسي في بطولة الكأس، لكن كانت هذه المباراة بمثابة السيناريو المثالي لكشف قدرات "البلوز" أمام مدربهم السابق مورينيو، لأن البرتغالي لجأ إلى استنساخ خطة منافسه لكن مع كثافة عددية بالخلف، من خلال تواجد خماسي صريح أمام المرمى، يبدأ بثنائي الأطراف رفقة ثلاثي الدفاع في العمق، مع مساندة كاملة من كل لاعبي الوسط بلا استثناء، ليبقى ثنائي آخر في الهجوم، لاعب يتحرك كجناح ومهاجم متأخر، وآخر ينطلق في المساحات الشاغرة أثناء المرتدات.

اختار جوزيه عناصره بعناية فائقة، روخو وبايلي ودراميان في عمق الدفاع رفقة يونغ وفالنسيا على الجانبين، بينما يحصل فيلايني وبوغبا على مهام منطقة المحور، ليقوم هيريرا بدور الحارس الإضافي في المنتصف. وفي حالة الحصول على الكرة والقيام بهجمة سريعة، ينطلق لينغارد من الطرف إلى عمق الهجوم، بينما يتحول راشفورد إلى حافة منطقة الجزاء لاستغلال الفراغ المتاح بين قلب الدفاع لويز وزميله كاهيل الذي يغطي باستمرار خلف أزبلكويتا المائل للطرف.

كانت 3-5-1-1 هي المصل المثالي لخطة 3-4-2-1، بسبب قيام وخو وبايلي بحصار كوستا، مع وجود دراميان كلاعب إضافي على مقربة منهما، بينما انشغل كانتي وماتيتش بالصراع البدني في الارتكاز أمام بوغبا وفيلايني، ليغلق أصحاب الأرض مناطقهم جيدا سواء في العمق أو الأطراف، وتبدأ المهمة الأخرى الأسهل باستغلال نقاط ضعف تشلسي في أنصاف المسافات، بين كل من كاهيل ولويز، وكاهيل وأزبليكويتا، لدرجة أن اليونايتد هاجم من الجبهة اليمنى له بنسبة وصلت إلى 51 %، أي أكثر من نصف هجماته عن طريق صعود فالنسيا ومساندة راشفورد أمام الجبهة التي غاب عنها ألونسو.

الرقابة الفردية
استخدم الفريق الأحمر سياسة دفاع المنطقة أمام تشلسي، بعمل كثافة عددية في المناطق القريبة من مرماهم، وترك لاعبي تشلسي في نصف ملعبهم دون مشاكل، لكن بمجرد أن تمر الكرة إلى نصف ملعب اليونايتد، يبدأ الحصار حول كوستا وبيدرو وهازارد. وبجوار دفاع المنطقة، لعب مورينيو بنظام رقابة الرجل لرجل ضد النجم البلجيكي، بوضع هيريرا كظل له في كل مكان بالملعب، لذلك غاب أفضل لاعبي تشلسي عن الظهور في معظم فترات المباراة.

تشير الإحصاءات أن هازارد لم يستلم أي كرة داخل منطقة جزاء مانشستر، ولم يحصل على كرات كثيرة في العمق، لتكون معظم الهجمات التي تصل إليه على الخط تقريبا، أي على بعد أمتار طويلة من مرمى دي خيا. وبعد إجبار النجم المرشح لجائزة أفضل لاعبي الدوري على الابتعاد عن المرمى، صارت الأمور أسهل أمام دفاعات اليونايتد، خصوصا مع انشغال لاعبي الوسط بالمواجهات الهوائية وعملية افتكاك الكرات وقطع الهجمات.

عندما يتم إغلاق الطرق أمام تشلسي، يلجأ لاعبوه إلى الكرات الطولية تجاه كوستا، الذي يقوم بلعب الكرة قصيرة إلى هازارد القادم من الخلف، وكأنه يساهم في نقل الهجمة من الدفاع إلى الهجوم بأقل تمريرات ممكنة، لكن مع الرقابة الفردية على هازارد وحصار المهاجم الإسباني بثنائي في كل هجمة، أصبحت هذه اللعبة مستحيلة نظرا لغلق زوايا التمرير أمام المهاجمين، لينتهي كل شيء تقريبا قبل منطقة الجزاء.

ما بعد القمة
استحق اليونايتد الفوز لأنه أغلق كافة الطرق أمام تشلسي، ونال المتصدر هزيمة قاسية لأنه لم يلعب للفوز من الأساس. فبعد إصابة ألونسو وعدم البدء به، لجأ كونتي إلى الحل السهل بوضع أزبليكويتا على اليسار وإضافة زوما في العمق، مع عدم الدفع بسيسك في الوسط ليواصل تحفظه خلال المباريات الأخيرة دون سبب حقيقي، رغم أنه لا يلعب في أوروبا ولا يتعرض للإرهاق مثل معظم منافسيه، لذلك جاءت هذه الخسارة كناقوس خطر حقيقي بالنسبة للفريق الذي نسي العروض المميزة خلال النصف الثاني من الموسم، رغم الحفاظ على وتيرة انتصاراته.

يقدم توتنهام في المقابل أفضل كرة في إنكلترا هذا الموسم، خصوصا بعد خروجه من دوري الأبطال، ليركز أكثر في البريميرليغ ويحقق نتائج مبهرة مع أداء مميز دفاعا وهجوما. ويتبقى فقط أمام بوكيتينو ورفاقه جلب الشخصية القوية خلال فترات الحسم من الموسم، لأن السبيرز يعانون دائما في نهايات كل موسم. وفي حالة تجنب سيناريو العام الماضي، يمكن لفريق الشمال اللندني مواصلة حلمه نحو اللقب، لأن تشلسي هو الآخر معرض للسقوط من جديد في قادم المباريات.

تبقى الأسابيع المقبلة بمثابة الاختبار الحقيقي للجميع، تشلسي وتوتنهام نحو اللقب، بينما يتصارع الليفر والسيتي وآرسنال واليونايتد وإيفرتون على مقاعد دوري الأبطال، في موسم لم يف بالتوقعات رغم حجم الأمنيات من الجماهير والآلة الإعلامية القوية عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي.

المساهمون