حتى وقت قريب، كان عشاق رياض محرز يتمنون رحيله عن مانشستر سيتي إلى فريق يسمح له باللعب أكثر، بسبب جلوسه المستمر على كرسي الاحتياط، في وقت كان جمهور محمد صلاح يستمتع بمهاراته وأهدافه في ليفربول ويدعوه إلى الاستمرار مع فريق ليفربول وعدم المغامرة بالرحيل إلى فريق آخر.
حالياً انقلبت الأمنيات والتوقعات ويعود محرز إلى أفضل أحواله في موقع قوة، ويصبح أفضل لاعبي "سيتي"، يُشارك أساسياً، يمتع ويبدع، في وقت بلغ الأمر بمحمد صلاح إلى إبداء رغبته في الرحيل بعد تراجع أداء ونتائج الفريق، وارتفاع الأصوات المنادية بضرورة رحيله عن ليفربول الذي ضيّع تاجه المحلي منذ مدة ويجد صعوبات كبيرة في الوجود ضمن الأربعة الأوائل للمشاركة في دوري الأبطال الموسم المقبل، خصوصاً أن مأموريته تبدو صعبة في ربع نهائي المسابقة أمام ريال مدريد الإسباني.
محرز ضمن التتويج بلقب الدوري الإنكليزي الثالث له في مشواره، ومرشح مع فريقه للتتويج بدوري الأبطال وكأس الاتحاد الإنكليزي وكأس الرابطة في موسم سيكون استثنائياً، ما دفع بإدارة الفريق إلى مطالبته بتجديد عقده إلى ما بعد صيف عام 2023، لكنه فضّل التريث وانتظار عروض يساوم بها سيتي، ويفاوض على أساسها مع غوارديولا.
في المقابل لم يبقَ لصلاح سوى التتويج بلقب دوري الأبطال للمشاركة في المسابقة الموسم القادم، والتي ستكون محفزاً للبقاء أو دافعاً لرحيله في حالة إخفاقه، إذ لا يمكن تصور المسابقة من دون ليفربول، ولا يمكن لصلاح أن يبتعد عن أجواء أكبر المسابقات الكروية في العالم التي توج بها قبل سنتين، بعدما شكل مع ساديو ماني وروبرتو فيرمينو ثلاثياً يحلم به كل فريق، قبل أن ترتفع بعض الأصوات تطالب إدارة النادي بالاستغناء عنه منذ أعلن استعداده للرحيل إلى الريال أو البرسا.
القاسم المشترك بين صلاح ومحرز يكمن في عقدهما الذي ينتهي في صيف عام 2023، وحان الوقت للتجديد أو الرحيل إلى وجهة أخرى نهاية الموسم المقبل، لذلك كثر الحديث في وسائل الإعلام البريطانية عن احتمالات بقاء محرز في "سيتي" ورحيل صلاح عن ليفربول في منعرج مشوارهما الكروي.
وفي أوج عطائهما لضمان الاستمرار في المستوى العالي لسنوات أخرى، ومع ذلك يبقى كل شيء وارداً في عالم تتغير فيه المعطيات باستمرار، ويصبح اتخاذ القرار الصائب في الوقت المناسب ضرورة ملحة في المستوى العالي، خاصة أن الجانب المالي لم يعد هو المحفز الوحيد بالنسبة إليهما، مقارنة بالعامل الفني والمشروع الرياضي الذي يسمح لهما باللعب باستمرار وتحقيق الألقاب والتتويجات.
انتقال صلاح إلى ريال مدريد أو برشلونة سيكون خسارة كبيرة لفريق ليفربول ومفيداً للنجم المصري والكرة الإسبانية، والذي يثري مشواره ورصيده باللعب في أكبر الدوريات الأوروبية بعد إيطاليا وإنكلترا ثم إسبانيا، ويسمح له بإيجاد المساحات التي لم تعد متوفرة في إنكلترا رغم احتلاله ريادة ترتيب الهدافين لحد الآن برصيد 17 هدفاً.
لكن تراجع مستوى ونتائج فريقه بسبب كثرة الإصابات في صفوفه وإمكانية غيابه عن دوري الأبطال الموسم المقبل، تضعه تحت ضغط البحث عن فضاء آخر ومنفذ يخرج منه بسلام ليواصل تألقه وممارسة هوايته في تسجيل الأهداف وتحقيق البطولات، وهو ما يصنفه بعض عشاق ليفربول في خانة الأنانية، والتنكر لأفضال النادي العريق الذي يحلم باللعب فيه أي لاعب مهما كان مستواه.
أما استمرار محرز مع مانشستر سيتي فسيكون سلاحاً ذا حدين في ظل تشكيلة ثرية بالنجوم ومنافسة قوية على المناصب، واستراتيجية فريدة ينتهجها غوارديولا ضمن عملية التدوير، لكن استعادته لثقته ولياقته وكامل قدراته منذ بداية السنة قد تجعله ركيزة مهمة لدى غوارديولا، تسمح له بتحقيق مزيد من الألقاب مع أحد أفضل الأندية في العالم، بينما سيسمح له الانتقال إلى فريق آخر في إنكلترا، أو دوري آخر في أوروبا بتفجير كل طاقاته وإمكانياته الفنية والمهارية التي حرمنا منها غوارديولا بسبب خياراته.
صلاح يلعب باستمرار ومع ذلك يريد المغادرة، ومحرز لا يلعب بانتظام لكنه لم يبدِ نيته في الرحيل رغم رفضه تجديد عقده في الوقت الراهن، مفضلاً التريث قبل اتخاذ القرار، وهنا تكمن المفارقة بين لاعبين بإمكانهما اللعب في أي فريق وأي دوري في العالم.