ما تزال عشرات آلاف العائلات خارج مدينة الموصل العراقية حتى بعد نحو عامين على إعلان تحريرها من سيطرة تنظيم "داعش"، فالمنازل المدمرة ما زالت حتى الآن على حالها ولم ترفع حتى أنقاضها.
وتعيش معظم العائلات النازحة في الموصل القديمة وحمام العليل وتلكيف وبادوش، وتل عبطة وتلكيف والحضر وبادية الموصل ومناطق أخرى بالجانب الشرقي والغربي.
ولا تقتصر عمليات التأهيل في الوقت الحالي، سوى على جهود منظمات غربية وأممية تعمل على مساعدة السكان، لكن بشكل محدود فيما يتعلق بتوفير مياه صالحة للشرب أو تأهيل المستشفيات والمراكز الصحية.
وأعلنت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، أمس الخميس، عن وجود أكثر من 150 ألف عائلة نازحة في المخيمات خارج الموصل بانتظار إعمار مدنها ومنازلها التي دمرت بفعل الحرب.
وقال وكيل وزارة الهجرة والمهجرين، جاسم العطية، في تصريحات صحافية، إنّ أكثر من 150 ألف عائلة نازحة خارج الموصل ما زالت في المخيمات تنتظر إعمار مدنها ليتسنى لها العودة إليها"، مبينا أن المدينة القديمة هي المنطقة الوحيدة التي لم تشهد عودة النازحين إليها بسبب دمارها وعدم تأهيلها"، مبينا أن حركة النازحين ما زالت مستمرة (العودة إلى المدن) لكن الدمار وعدم إعمار المناطق يعيقان عودتهم بشكل كامل".
ويقول الناشط إبراهيم محمود، لـ"العربي الجديد"، إنّ جميع العوائل النازحة تتمنى العودة إلى ديارها اليوم قبل غد بسبب الأوضاع الصعبة التي يعيشونها داخل المخيمات، خاصة مع انتهاء موسم الشتاء واقتراب حلول فصل الصيف الذي يتسم بشدة الحرارة، مما يعني عامًا آخر من المعاناة تضاف إلى الأعوام السابقة.
ويشير إلى أن عشرات آلاف من نازحي مدينة الموصل موزعون على 13 مخيما وجميعهم ينتظرون بوادر أمل في إعادة إعمار مدنهم، خاصة نازحي الجانب الأيسر ليتمكنوا من العودة أو تعويضهم ماديا، وبشكل عاجل ليقوموا بترميم أو بناء منازلهم المدمرة.
ويذكر أنّ العيش داخل المخيمات أمر صعب للغاية في ظل أوضاع غير مستقرة، مع وجود عدد كبير من النساء والأطفال والمرضى وكبار السن وجميعهم بحاجة إلى مساعدات إنسانية ورعاية نفسية مستمرة، حتى يتمكنوا من الاستمرار في العيش.
ويوجد نحو 900 ألف نازح عراقي في مخيمات شمال ووسط وغرب العراق، وتفتقر معظمها لمقومات الحياة الآمنة، ولا تتوفر لها معونات أو مساعدات، كما أن الخيام مهترئة، ولا يملكون الطعام أو الأدوية فضلا عن ترك معظم الأطفال النازحين للمدرسة، فيما أكدت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية سابقا أن عدد النازحين الكلي منذ عام 2014 بلغ أكثر من أربعة ملايين و500 ألف نازح من نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى.
وزير الهجرة والمهجرين، نوفل بهاء موسى، أكد بداية شهر فبراير/شباط الماضي، أن ملف إعادة النازحين إلى مناطق سكنهم بحاجة لجهود مالية ومعنوية كبيرة تزيد عن الإمكانات المالية لوزارته.
وكانت العمليات العسكرية دمرت أكثر من 80 بالمائة من مدينة الموصل خاصة الجانب الأيسر، إذ شارك في العمليات نحو 100 ألف عنصر عسكري، واستمرت هذه العمليات نحو 8 أشهر، وتقدر تكلفة إعادة إعمار المدينة بنحو 100 مليار دولار، وقد تطول عمليات الإعمار نحو 10 سنوات.
وبحسب تقارير دولية، فقد خلفت المعارك خسائر مادية تقدر بـ 50 مليار دولار، وتحتوي المناطق القديمة في الموصل على نحو 8 أطنان من الأنقاض.
وتشير تقارير ميدانية وناشطون من مدينة الموصل، إلى أن سكان المدينة القديمة من الموصل يعيشون في فقر وبؤس شديد وسط مبان مدمرة وجثث ما تزال تحت الأنقاض. وأفادت مسؤولة اليونيسكو في العراق، لويس هاكس هاوزن، أن الدمار لم يشهد العالم مثله منذ الحرب العالمية الثانية، إذ إن ما بين 50 إلى 80 بالمائة من المدينة القديمة مدمر بالكامل.
ووفقاً لتقرير لوكالة رويترز، تعد خطة الحكومة الاتحادية للموصل ونينوى للعامي 2017، 2018 والتي خصصت 78 مشروعاً بقيمة 75.5 مليار دينار عراقي، كتكملة لقرض ألماني بقيمة 135 مليون يورو وفقاً لأرقام نشرها صندوق إعادة إعمار المناطق المتأثرة بالعمليات الإرهابية، غير كافية، حيث إن المدينة وحدها، والتي يعيش فيها نحو 646 ألف نسمة دون مأوى، باحتياجات تصل تكاليفها إلى مليارات الدولارات.