الطفلة الأسيرة المحررة نتالي شوخة: من حقنا الحرية

17 ابريل 2017
الأسيرة الفلسطينية المحررة نتالي شوخة (العربي الجديد)
+ الخط -



انقضى أسر الطفلة الفلسطينية نتالي إياد شوخة (15 سنة) من بلدة رمون شرق رام الله وسط الضفة الغربية، وبقي عالقاً في ذهنها ما عاشته من تجربة الأسر التي علّمتها الصبر والصمود طيلة نحو عام منذ اعتقالها وهي مصابة في يدها على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي.

تشعر نتالي كأنها في حلم. حتى الآن لا تصدّق ما جرى، مستذكرة تفاصيل أسرها في 28 أبريل/ نيسان 2016، قرب حاجز بيت سيرا العسكري غرب رام الله هي وزميلتها في الصف العاشر الأساسي، تسنيم حلبي (15 سنة)، بتهمة محاولة تنفيذ عملية طعن لجنود الاحتلال على الحاجز، ثم إطلاق النار عليهما وإصابتها في يدها بجروح طفيفة.

تقول لـ"العربي الجديد"، إن جنود الاحتلال تعمّدوا المماطلة في إسعافها وتركوها تنزف وضربوها في مكان إصابتها، فأغمي عليها، لتنقل بعد ذلك إلى مستشفى "شعار تصيدق" الإسرائيلي، "استيقظت بعد ثلاثة أيام، وبقيت في المستشفى تسعة أيام، وحقق معي حول ظروف إصابتي واعتقالي، وعوملت معاملة سيئة في بعض الأحيان من قبل السجانات والممرضات، قبل نقلي إلى جانب رفيقتي تسنيم في سجن هشارون المخصص للأسيرات الفلسطينيات".
في هشارون، بدأت حكاية نتالي ومعاناتها مع السجن والمحاكم، وعرفت مصطلحات ومفاهيم عن السجن لم تكن تسمع بها من قبل.

بعد سلسلة محاكمات، أصدرت محكمة إسرائيلية حكماً بالسجن لمدة 18 شهراً بحق نتالي، إلى أن جرى الاستئناف على الحكم، وخفض ستة أشهر، وأفرج عنها قبل ثمانية أيام فقط، فيما ما زالت تعاني من آلام في يدها بسبب إصابتها.

في أول شهرين من أسرها، كانت مصدومة مما جرى معها ولا تستوعب الأمر، ثم بدأت معاناتها كأسيرة بحرمانها من زيارة عائلتها بحجة الرفض الأمني. كانت نتالي تعدّ العدة لزيارة أهلها في بعض الأحيان ثم لا تلتقي بهم، لتكتشف لاحقاً أن من سيزورها من عائلتها وصل إلى أحد حواجز الاحتلال العسكرية ولم يسمح له بالعبور، على الرغم من حصوله على تصريح الزيارة.
وفي مرة، أعيد شقيقها الصغير عبد العزيز بحجة أنه ممنوع أمنياً، فلم تزرها عائلتها سوى ثلاث مرات، وزيارات عدة في المستشفى، وسرقة دقائق للسلام عليها في جلسات محاكمتها التي كانت تشكّل معاناة بالنسبة لها، وما يتخلل ذلك من معاناة بالنقل بواسطة البوسطة "مركبة مخصصة لنقل الأسرى".



السيدة رقية كراجة شوخة، والدة نتالي، عاشت طيلة فترة اعتقال ابنتها البكر تجربة الأم المحرومة من ابنتها، وما زاد من هذا الألم عدم تمكنها من زيارتها في السجن سوى ثلاث مرات، وكل زيارة تستمر لنصف ساعة فقط، كما توضح لـ"العربي الجديد".

تقول رقية شوخة، "نتالي الأكبر بين إخوتها وأخواتها، لكن تفكيرها تجاوز عمرها في السجن، وهو شيء لمسته من خلال رسالتها التي بعثتها لي من السجن العام الماضي، والتي قالت فيها: سلاماتي لأهل الجود والكرم أهل قريتي الحبيبة رمون، سلاماتي لمجلس القرية وكل من يدعمها للتطور، يما أنا في السجن من أعضاء اللجنة الثقافية، وصرت عضو من الأعضاء في المجلة، وبناقش روايات، وأخذت المرتبة الرابعة الحمد لله على كل حال".

وأضافت: "يما ويابا الجميع بمدح تربايتكم لي. ارفعوا راسكم، وأنا قاعدة في الغرفة مع 6 بنات، احنا 12 زهرة عايشين مع بعض على الحلوة والمرة، يما وصلي سلاماتي للجميع وبحكيلهم مشتاقالهم كثير، وآسفة إذا نسيت حد، الله يجمعني فيكم عن قريب، ويا رب الفرج العاجل"، ووقعت رسالتها بعبارة "لن يأسروا في الورد عطر الياسمين. الأسيرة نتالي شوخة سجن هشارون قسم 14".

عاشت نتالي في الأسر تجربة مختلفة، واستثمرت وقتها في القراءة والثقافة والتعلم، ولها صديقات كثر من الأسيرات، لكنها دعت العالم أن يقف مع الأسرى، خاصة الأطفال منهم، وتقول: "السجن ليس لعمرنا. نحاول أن نهون على بعضنا. الحرية للإنسان مهمة جدا، هناك أسيرات يقضين أحكاما طويلة، خاصة أسيرات القدس، بعض الأسيرات حصلن على أحكام أطول من أعمارهن".
مساء التاسع من أبريل/ نيسان الجاري كانت عائلة نتالي وأهل بلدتها بانتظارها على حاجز جبارة العسكري قرب مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية، لقد أصبحت نتالي أسيرة محررة الآن، وشاهدة على معاناة الأسيرات الفلسطينيات، خاصة الطفلات منهن.
حين اللقاء مع عائلتها بكت لفرحة الحرية، تقول: "أحسست أنني أعيش في حلم، ثم ركضت باتجاههم لأحضنهم، وبعدها ارتحت وبكيت. لا يوجد شيء كما الحرية، أنا سعيدة لكن فرحتي منقوصة بوجود أسرى وأسيرات داخل سجون الاحتلال".

وتعتقل سلطات الاحتلال الإسرائيلي في سجونها نحو 300 طفل فلسطيني، بين محكومين وموقوفين تقل أعمارهم عن (18) عاماً، بينهم (13) فتاة قاصرة.

المساهمون