رسائل عراقيين واجهوا الموت: "وصلنا بسلام...اطمئني يا أمي"

08 سبتمبر 2015
مخاطر البحر وقوارب الموت لم تثن الراغبين بالهجرة(الأناضول)
+ الخط -
لم يشأ الشاب العراقي إبراهيم عبد الرحمن أن يخبر والدته عن نيته بالهجرة إلى أوروبا، فالاتفاق بينهما جرى بأن يسافر إلى تركيا، وهناك يقدم طلباً للجوء في مكتب الأمم المتحدة بالعاصمة أنقرة. فإبراهيم الذي أطلق الخاطفون سراحه قبل أيام من سفره، بعد دفع فدية 50 ألف دولار مقابل حياته، اختار في قرارة نفسه طريق الهجرة.

ثلاثة أسابيع فقط كانت كافية لوصول إبراهيم إلى بلجيكا، منطلقاً من بوابة بحر إيجة، دون أن يخبر والدته بما خطط له. حين وصل العاصمة بروكسل أرسل صورته وهو يقف وسط أشهر معالم "ساحة غراند بالاس"، مذيلاً رسالته بعبارة "دعاؤك يا أمي أوصلني بسلام إلى بلجيكا".

أعداد كبيرة من الشباب العراقيين شدوا الرحال نحو أوروبا، بدأت هجرتهم منذ نحو عشر سنوات، متخذين طريق البحر والطرق البرية المحفوفة بالمخاطر، برفقة مهربين سبيلاً لذلك. ومنذ نحو شهر ارتفعت أعداد المهاجرين العراقيين، شجّعهم نجاح هجرة الكثير من مواطنيهم، في أن يتخذوا طريق من سبقوهم هرباً مما يعانونه في بلادهم، في هجرة غير مسبوقة، بحسب ما وصفه ناجون لـ"العربي الجديد" نجحوا في الوصول إلى دول أوروبية.

وفي رسالته لوالديه كتب عمر هادي "الآن نامي يا أمي مرتاحة البال، واطمئن يا أبي سأكون في أمان، سأبدأ حياتي من جديد في ألمانيا، أعدك يا أبي أن أرفع رأسك وأواصل دراستي، وستراني يوماً مهندساً كبيراً في الإلكترونيات مثلما وعدتك".

وحده حسام ربيع، المتخرج في كلية الفنون الجميلة قسم الفنون السمعية والمرئية، لم يغير الموت الذي واجهه في طريق رحلته إلى ألمانيا من طباعه ومزاحه المستمر، حيث كتب حال دخوله الحدود الألمانية "أنا نادم لأني وصلت إلى بلاد ليس فيها أكشن، ماكو (لا يوجد) مليشيات، ماكو خطف، ماكو قتل، الكهرباء تشتغل 24 ساعة، شلون (كيف) أتأقلم مع هذه الحياة لا أعرف".

اقرأ أيضاً:لا يُريدون العودة إلى بلادهم

"حسن وفرقد وسلام غرقوا، وكنت سأغرق أنا أيضاً لأننا لم نكن نملك المال لشراء سترات نجاة ووسائل إنقاذ قبل صعودنا القارب المطاطي الذي أقلنا من تركيا، لكني شاركت أحد الناجين طوقه، وبعد حوالي ساعتين في عرض البحر أنقذتنا سفينة تجارية، وحملتنا إلى اليونان"، ذلك جزء من رسالة صائب جبار، كتبها لأصدقائه، وأخبرهم أن يحملوها لذوي أصدقائه الغرقى.

رسائل البحر، شيء مما جمعه نشوان فيصل، الناجي من الغرق مع مجموعة أخرى من المهاجرين، الذين جمعهم زورق خصص لحمل 15 شخصاً، لكن طمع المهربين زاد العداد إلى أكثر من ضعفين، حسب قول فيصل. وقال فيصل لـ"العربي الجديد" إنه نجا لكونه سباحاً ماهراً وأيضاً لارتدائه نجّادات إضافية، فيما لقي 23 مهاجراً حتفهم في البحر، بينهم أطفال ونساء. فيصل جمع أشياء خاصة كانت بحوزة المهاجرين على متن الزورق، أوصلها موج البحر إلى اليابسة، من بينها دمية صغيرة تعود لطفلة اسمها رهف، كانت تحتضنها طوال الرحلة. غرقت رهف مع والديها، ونجت دميتها، فيما نوى فيصل الاحتفاظ بالدمية، لأنها وفق ما يقول "رسائل البحر".

اقرأ أيضاً:قصّة هروب أحمد العتال إلى اليونان 
المساهمون