أطفال أفغانستان ضحايا تلوث الهواء... أمراض ووفيات

18 يوليو 2024
يطارد تلوث الهواء أطفال أفغانستان (نور الله شيرزاده/فرانس برس)
+ الخط -

تعرض أطفال أفغانستان لعقود لتداعيات الحروب المتكررة في البلاد، والتأثيرات الناجمة عنها، كما كان للوضع المعيشي الهش وقلة الوعي لدى الآباء والأمهات وغيرها من العوامل الاجتماعية تأثيرات كبيرة على حياة الكثير منهم، فاضطر كثيرون إلى الانخراط في سوق العمل، ولم تكن تتوفر لهم الرعاية الصحية أو فرص التعليم المناسبة، وصولاً إلى تأثرهم بتلوث المياه والهواء.
وكشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، في  بيان في 24 يونيو/حزيران الماضي، أن 40% من وفيات الأطفال دون سن الخامسة في أفغانستان سببها تلوث الهواء والأمراض الناجمة عن ذلك، مؤكدة أن الأطفال يتأثرون بتلوث الهواء أكثر من تأثر الكبار. وفي عام 2019، أكدت المنظمة الأممية أن نحو 37 ألف شخص يلقون حتفهم سنوياً في أفغانستان نتيجة الأمراض الناجمة عن تلوث الهواء.
ويقول الأخصائي في أمراض الصدر، خير أحمد، لـ"العربي الجديد"، إن "الكثير من أمراض الصدر والحنجرة تنجم عن تلوث الهواء، مثل ضيق النفس والتهاب الصدر، فضلاً عن أمراض القلب والرئة، وأمراض العينين، والمشكلة أنه لا يوجد وعي لدى المواطن كي يقي نفسه من هذه الأمراض، كما لا توجد خطوات رسمية جادة للتصدي للأعمال التي تؤدي إلى تلوث الهواء". 

يتأثر الأطفال بتلوث الهواء أكثر من الكبار بسبب ضعف مناعتهم

يضيف أحمد: "تتفاقم المشكلة في المدن الرئيسية خلال فصل الشتاء، إذ يحرق المواطنون أغراضهم القديمة بغرض التدفئة، مثل الكارتون والبلاستيك والأحذية والملابس، كما يستخدم الفحم غير النقي، ما يؤدي إلى تلوث الهواء بشكل كبير، خاصة في المناطق الباردة كالعاصمة كابول، وفي هذا الموسم تصبح أعداد المرضى بالآلاف، والكثير منهم من الأطفال بسبب ضعف المناعة لديهم، إضافة إلى عدم توفر الغذاء المناسب أو الرعاية الصحية الكافية، وهم بالتالي يدفعون الثمن الأكبر كضحايا لتلوث الهواء".
يتابع الطبيب الأفغاني: "ما رصدته منظمة يونيسف حول وفيات الأطفال من جراء تلوث الهواء صحيح، والأعداد ستكون أكبر إذا أضيفت إليها وفيات تلوث المياه. قامت حكومة طالبان ببعض الخطوات لمواجهة الأزمة، لكن هناك حاجة إلى المزيد، وتعاون المواطنين ضروري، وينبغي على سلطات الأحياء منع حرق المواد غير الصحية، وفرض عقوبات لمنع قيام المواطنين بذلك، وغيرها من الخطوات. المشكلة أن المواطن لا يتعاون، والحكومة لا تستطيع استخدام القوة مع الجميع، ولا يمكنها إغلاق المحال والمطاعم المخالفة، أو مراقبة جميع المنازل".

الصورة
الفحم أحد أبرز ملوثات الهواء في أفغانستان (وكيل كوهسار/فرانس برس)
الفحم أحد أبرز ملوثات الهواء في أفغانستان (وكيل كوهسار/فرانس برس)

ومن بين الخطوات التي اتخذتها حكومة طالبان هذا العام من أجل الحفاظ على البيئة، عدم السماح بذبح الحيوانات داخل المدن، أو داخل  المناطق السكنية، وفي عيد الأضحى الماضي، منعت بلدية كابول وجميع البلديات المواطنين من الذبح داخل المدن، وعينت أماكن خاصة في كل ضاحية لذبح الأضاحي، كما أن هناك اهتمام كبير بجمع المخلفات المنزلية، وتنظيف الشوارع والأسواق.
يقول عبد الكبير خان، وهو أحد سكان منطقة خيرخانه في العاصمة كابول، لـ"العربي الجديد": "نرحب بقرارات الحكومة الهادفة إلى الحفاظ على البيئة وعدم تلويث الهواء، مع أن فيها بعض التضييق على المواطنين، لكنها في نهاية المطاف تصب في مصلحتنا، وعلينا أن نقبل بها، وأن نتعاون مع الحكومة لتحقيق صالح الجميع، المشكلة الأساسية أن كثرا من المواطنين يرفضون التعاون، وتضطر الحكومة أحياناً لاستخدام القوة من أجل تنفيذ القرارات التي تعنى بالحفاظ على البيئة، رغم أننا في النهاية ندفع الثمن، وأطفالنا يتأثرون بالتلوث".
ويعتقد كثيرون أن الأوضاع في المناطق الريفية أفضل منها في المدن، لكن الأمراض الناجمة عن تلوث البيئة موجودة بكثرة، وربما لأسباب مختلفة عن الأسباب القائمة في المدن. 

يعمل الطبيب عبد الله مجاهد، في عدد من المديريات الريفية بولاية ننغرهار، ويوضح لـ"العربي الجديد"، أن "الأخطار الناتجة عن تلوث الهواء تقف خلفها عوامل عدة، من بينها الفقر والجهل، فضلاً عن قلة وسائل التوعية بضرورة توفير وسائل الوقاية اللازمة، وعدم اتخاذ الاحتياطات الكافية، على سبيل المثال، أثناء مواسم الحصاد المختلفة يكون هناك تلوث كبير في الهواء بسبب تصاعد الغبار والأدخنة، وآلاف الناس يشتغلون في ذلك الجو الملوث من دون أي إجراءات وقائية أو وسائل حماية". 
يضيف مجاهد: "هذه الأوضاع المتفاقمة للتلوث تؤدي إلى زيادة انتشار أمراض الصدر والرئة والحنجرة بين سكان القرى والأرياف، وجميع من يعملون في الحقول بشكل عام، ونحتاج إلى بث المزيد من الوعي بين المواطنين حول تلك المخاطر، وحول أهمية التعاون مع القرارات والجهود الحكومية لمواجهة تلوث الهواء".

المساهمون