يوم غضب في صفاقس احتجاجاً على أزمة النفايات

02 ديسمبر 2021
احتجاجات ضد أزمة النفايات في صفاقس (أنيس ملي/ فرانس برس)
+ الخط -

أعلن أهالي محافظة صفاقس التونسية عن يوم غضب، احتجاجاً على الوضع البيئي وتواصل تجاهل مطالبهم وإيجاد حلول لأزمة المكبات التي أغرقت المحافظة منذ أكثر من ستين يوماً. في هذا السياق، أعلنت منظمات المجتمع المدني الإضراب العام في 10 ديسمبر/كانون الأول الجاري، على أن تعلّق كل الأنشطة في المحافظة براً وبحراً وجواً، بهدف دفع السلطات إلى إنهاء الأزمة وإنقاذ المواطنين من كارثة بيئية تزداد حدتها مع هطول الأمطار وتخمّر آلاف الأطنان من النفايات المكدسة في الشوارع.
ومنذ أكثر من ششهرين، تعاني محافظة صفاقس، التي يعيش فيها نحو مليون ساكن، من أزمة بيئية عقب تنفيذ قرار قضائي بإغلاق مكب عقارب للنفايات، ما تسبب في تكدس النفايات في الشوارع في ظل غياب حلول بديلة للمكب المغلق الذي رفض الأهالي إعادة فتحه.
ويرى أهالي صفاقس التي تتهيأ للإضراب العام في ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن حقوقهم مسلوبة ومنتهكة، في ظل تواصل صمت السلطة إزاء المخاطر التي تهدد صحتهم، وعدم الاستجابة للاقتراحات بفتح مكبات جديدة، بحسب الكاتب العام المساعد للاتحاد الجهوي للشغل في صفاقس المكلف بالقطاع الخاص، محمد عباس. ويقول لـ "العربي الجديد" إنّ حقوق أهالي المحافظة منتهكة، استناداً إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مؤكداً أنّ أزمة النفايات تهدّد صحة المواطنين وتؤدي إلى ارتفاع نسبة الأمراض والتسمم نتيجة تخمّر النفايات. ويعمد البعض إلى حرقها عشوائياً. يضيف أنّ الإضراب العام سيكون الأوّل من نوعه في تاريخ مدينة كان لها دور كبير في الكثير من المحطّات النضالية الهامة التي مرت بها البلاد.

ويوضح عباس أنّ منظمات المجتمع المدني أجمعت على إعلان الغضب العام ووقف كل الأنشطة براً وبحراً وجواً، ليشمل حركة الطيران وعمل الموانئ. ويرجح أن تعمد الأطراف المشاركة إلى التصعيد في حال عدم التوصل إلى حلول ما بعد الإضراب العام.
يضيف أنّ صفاقس أصبحت مستهدفة من قبل السلطة التي تمعن في معاقبة الأهالي من خلال عدم إيجاد حلول لأزمة النفايات، مؤكّداً أن الأطراف التي قررت الإضراب ما زالت مستعدة للحوار، شرط إزالة النفايات فوراً. وما زالت أزمة النفايات في صفاقس عالقة من دون حلول جذرية ونهائية، على الرغم من زيارة وزيرة البيئة ليلى الشيخاوي المنطقة ولقاء مسؤوليها، سعياً إلى حلّ القضية والحدّ من توسّع الكارثة البيئية في كامل مدن الجهة، والتخفيف من الحراك الاجتماعي وغضب الأهالي.
في المقابل، يقول الرئيس قيس سعيد، إنّ هذه الأزمة مفتعلة وتقف وراءها أطراف سياسية ترغب في تعكير الوضع في صفاقس، المركز الصناعي والتجاري الرئيسي في جنوب البلاد، وثاني أكبر المحافظات في البلاد بعد إقليم تونس الكبرى (شمال شرق البلاد).
وقبل أسابيع، أرادت السلطات فرض سياسة الأمر الواقع وإعادة فتح مكب عقارب الذي أغلق بقرار قضائي مستعينة بالقوى الأمنية، إلا أن الأهالي رفضوا الأمر، ما أدى إلى حدوث اشتباكات أمنية بين المواطنين وقوات الأمن أدت إلى إصابة البعض، خصوصاً بعد استنشاق الغاز المسيل للدموع. ويسعى المجتمع المدني في صفاقس إلى إيجاد حلول لأزمة النفايات، من خلال اللجوء إلى القضاء بعد رفع دعاوى ضد كلّ من تسبب في الأزمة. إلّا أنّ الأحكام النهائية لم تصدر بعد.
وتتكدس في شوارع صفاقس وموانئها البحرية تلال من النفايات التي تنبعث منها روائح كريهة تدفع المواطنين إلى البحث عن حلول فردية للتخلص من جزء منها عبر الحرق على الرغم من مخاطره البيئية. إلّا أنّ أزمة مكبّ عقارب التي ألقت بظلالها على كامل مدن المحافظات ليست جديدة، بحسب الناشط البيئي حسام حمدي، الذي أكد أنّ جذور الأزمة تعود إلى عام 2013، تاريخ بلوغ المكب طاقته الاستيعابية، معتبراً أنّ جميع الحكومات تتحمل مسؤولية ما آل إليه الوضع حالياً.

يضيف حمدي، في حديث لـ "العربي الجديد"، أنّ المسؤولية المجتمعية تفرض على السلطة والأطراف المتدخلة في الشأن البيئي إيجاد حلول لدرء خطر تسمم المياه التي قد تستمر تداعياتها للسنوات المقبلة.
إلى ذلك، يقول حمدي إنّ تدوير النفايات العضوية يمكن أن يقلص ما نسبته 70 في المائة من النفايات في الشوارع، شرط توفّر الإرادة السياسية لمعالجة الأزمة التي قد تمتد إلى محافظات أخرى.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، رفعت تنسيقية البيئة والتنمية بصفاقس دعوى ضد كلّ من وزارة البيئة والوكالة الوطنية للتصرف في النفايات وبلديات صفاقس الكبرى السبع والمجلس الجهوي للولاية، بهدف الرفع الآني للنفايات من الشوارع والموانئ، محمّلة السلطات المركزية والمحلية مسؤولية الأزمة.

المساهمون