استمع إلى الملخص
- **مشكلة الاكتظاظ وتداعياتها**: السجون العراقية تعاني من اكتظاظ بنسبة 300%، مما يؤدي إلى انتشار الأمراض والانتهاكات. بناء سجون جديدة ليس حلاً جذرياً، خاصةً مع وجود سجناء محتجزين دون تهم أو بعد انتهاء محكوميتهم.
- **الحلول المقترحة والانتقادات**: ناشطون وسياسيون يرون أن إنشاء سجون جديدة تراجع، ويطالبون بإغلاق السجون وتطبيق بدائل مثل قانون العفو العام وتخفيف الأحكام عن الجرائم البسيطة.
مع تصاعد الشكاوى من الاكتظاظ المسجّل في سجون العراق من قبل جهات عديدة، أفادت وزارة العدل العراقية بقرب بناء سجن جديد في مدينة الكوت بمحافظة واسط شرقي البلاد، ودخوله حيّز الخدمة في إبريل/ نيسان من عام 2025. وأوضحت أنّ "مراحل البناء في المشروع وصلت إلى مستويات متقدّمة وبنسبة إنجاز بلغت 83% من ضمن السقف الزمني للإنجاز التام"، مشيرة إلى استخدام "مواد فائقة الجودة".
ويواجه العراق مشكلة اكتظاظ السجون، الأمر الذي يؤدّي إلى انتشار أمراض بين نزلائها، في حين تتواصل الانتقادات الحقوقية في هذا الإطار. ووفقاً لبيان صادر عن وزارة العدل، فإنّ السجن صُمّم على الطراز الأوروبي وبنظام يتيح إمكانية أعلى للسيطرة المركزية على المباني الستّة التي يضمّ كلّ واحد منها أربعة أجنحة، علماً أنّ في كلّ جناح 48 قاعة سجنية، وذلك إلى جانب 18 برج مراقبة عند أسوار السجن.
في بيان منفصل، أعلنت الوزارة مباشرةَ بناءِ سجن مركزي في ناحية ليلان بمحافظة كركوك في شمال العراق، بهدف تخفيف الاكتظاظ في المؤسسات الإصلاحية. وذكرت أنّ "التصميم الأساسي لهذا السجن يتضمّن مجموعة من المؤسسات الإصلاحية، من بينها دار ملاحظة الأحداث ومدرسة تأهيل الأحداث الذكور في المحافظة". وأضافت وزارة العدل أنّ المشروع يُقام على "مساحة 200 دونم، ليشمل قاعات سجنية للرجال والنساء، بالإضافة إلى مبانٍ للتعليم والورش الفنية والطبابة والزيارات والمرافق الخدمية كافة".
وعلى الرغم من هذه الإعلانات التي تتعامل معها الوزارة بوصفها "إنجازات"، فإنّها تبيّن ارتفاع معدلات الجريمة من جهة وإخفاق دوائر الإصلاح في أداء دورها في التقليل من السجناء من جهة أخرى، في حين أنّ دولا في العالم تتسابق من أجل إغلاق السجون وليس إنشاء أخرى جديدة، بحسب ما يشير ناشطون عراقيون.
يُذكر أنّ وزير العدل العراقي خالد شواني كان قد أقرّ، في وقت سابق، بأنّ تضخّم الطاقة الاستيعابية في سجون العراق وصل إلى 300%، الأمر الذي يؤكّد ما يجري تداوله عن وضع بائس في دوائر الإصلاح والسجون العراقية، إلى جانب التعذيب والابتزاز وانتزاع الاعترافات بالقوّة.
ويرى ناشطون عراقيون أنّ توسعة سجون العراق ودوائره الإصلاحية لا تمثّل حلاً لمشكلة الاكتظاظ، ولا سيّما أنّ معلومات كثيرة تفيد بأنّ أعداداً كبيرة من السجناء محتجزون من دون أيّ تهمة، وبأنّ عدداً منهم قضى محكوميّته بالفعل في حين أنّه ما زال مسجوناً، وبأنّ ثمّة موقوفين على ذمّة التحقيق منذ سنوات، الأمر الذي يُعَدّ جزءاً من الإخفاق الأمني وكذلك القضائي في التعامل مع المتّهمين.
في هذا السياق، يقول عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي محمد عنوز لـ"العربي الجديد" إنّ "فتح سجون وتطوير أخرى يؤكد أنّ سجون العراق مكتظة جداً، الأمر الذي يدفعنا إلى الحديث عن مشروع قانون العفو العام. لكنّ المشكلات السياسية تحول دون الاتفاق على هذا المشروع". يضيف عنوز أنّ "منظمات كثيرة تحكي عن مشكلات تواجه السجين العراقي وعن أعداد هائلة من السجناء، وبالتالي لا بدّ من دراسة هذه المسألة وإيجاد حلول المفيدة لها وليس فقط إنشاء سجون جديدة".
من جهته، يقول الناشط السياسي العراقي أيهم رشاد لـ"العربي الجديد" إنّ "إنشاء سجون جديدة في العراق لا يُعَدّ إنجازاً، بل تراجعاً حقيقياً على كلّ المستويات"، مشيراً إلى أنّ "الأجدر هو إعلان وزارة العدل إغلاق عدد من سجون العراق وليس إنشاء أخرى إضافية، وهو أمر تعتمده دول العالم المتقدّم". ويتابع رشاد أنّ "السجون مكتظة بأبرياء راحوا ضحية تهم كيدية، بالإضافة إلى موقوفين على ذمّة التحقيق وعلى ذمّة قضايا اعتيادية، من بينها المشاجرات. بالتالي، لا بدّ من إيجاد آليات لتخفيف الأحكام عن حالات لا تستحق السجن، مع استبدال العقوبات بالغرامات، على سبيل المثال".
تجدر الإشارة إلى أنّ ملف السجناء في العراق من الملفات المعقّدة، ولا سيّما مع الاكتظاظ والانتهاكات والخروقات المختلفة، من بينها إدخال الممنوعات إلى السجون. كذلك، لا تتوفّر بيانات رسمية خاصة بعدد السجناء في البلاد، في حين أنّ أرقاماً متضاربة تلفت إلى أنّها تقترب من 100 ألف سجين يتوزّعون على سجون وزارات العدل والداخلية والدفاع، بالإضافة إلى سجون تابعة لأجهزة أمنية مثل الاستخبارات والأمن الوطني ومكافحة الإرهاب. إلى جانب ذلك، يستمرّ الحديث عن سجون سرية تضمّ آلاف المعتقلين.