وكالة أونروا تغلق "مدرسة فلسطين" في مخيم برج الشمالي جنوبي لبنان

23 ديسمبر 2024
مدرسة تابعة لوكالة أونروا في ضاحية بيروت الجنوبية، 3 سبتمبر 2018 (أنور عمرو/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أعلنت أونروا عن إغلاق "مدرسة فلسطين" في مخيم برج الشمالي بلبنان ودمج تلاميذها في "مدرسة جباليا"، مما أثار استياء الأهالي والفعاليات السياسية والاجتماعية بسبب غياب توضيح للأسباب واعتماد نظام الفترتين.
- عبر الأهالي واللجان الشعبية عن رفضهم للقرار، مشيرين إلى أهمية "مدرسة فلسطين" كجزء من الهوية الثقافية والتعليمية، ومطالبين بإنشاء مدرسة جديدة بدلاً من تقليص الخدمات.
- أكد المتحدثون على أهمية التعليم التقليدي وضرورة تحرك المجتمع لدعم حق الأطفال في التعليم الطبيعي، داعين لتحركات سلمية للضغط على أونروا للتراجع عن قرارها.

برزت أزمة جديدة مع قرار وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إغلاق "مدرسة فلسطين" في مخيم برج الشمالي في جنوب لبنان ودمج تلاميذها في "مدرسة جباليا" بالمخيم نفسه، من دون أسباب واضحة. وقد اكتفت وكالة أونروا بإصدار بيان أعلنت فيه عملية الإغلاق ابتداءً من 19 ديسمبر/ كانون الأول 2024، مع اعتماد نظام الفترتَين (صباحي ومسائي). وأوضحت الوكالة الأممية أنّ إجراء الدمج يضمن بدء التعليم الحضوري لتلاميذ "مدرسة فلسطين"، مشيرةً إلى أنّها لا تخاطر عندما يتعلّق الأمر بسلامة الأطفال وأمنهم في مدارسها، كذلك الأمر بالنسبة إلى الموظفين العاملين في منشآتها.

وسوف تعمد وكالة أونروا إلى "نقل واستيعاب مدرسة فلسطين" مؤقتاً في "مدرسة جباليا" في مخيم برج الشمالي للاجئين الفلسطينيين بقضاء صور جنوبي لبنان، إلى حين إيجاد موقع آخر. أضافت أنّها تنظر أيضاً في أمر توفير تمويل لإنشاء مدرسة جديدة، بناءً على طلب الأهالي منذ مدة طويلة. لكنّ قرار إغلاق "مدرسة فلسطين" لاقى رفضاً من قبل أهالي المخيم والفعاليات السياسية والاجتماعية، وردّه بعض هؤلاء إلى السياسة التي تنتهجها وكالة أونروا في ما يخصّ تقليص خدماتها التي تقدّمها للاجئين الفلسطينيين، وبالتالي طالبها الأهالي بالتراجع عن قرار إغلاق المدرسة، لا سيّما أنّ هذا الأمر واعتماد نظام الفترتَين بديلاً سوف يؤثّران على المسيرة التعليمية.

وفي هذا الإطار، قال عضو اللجنة الشعبية في مخيم برج الشمالي للاجئين الفلسطينيين بقضاء صور جنوبي لبنان إبراهيم خطاب لـ"العربي الجديد": "بالنسبة إلى موضوع مدرسة فلسطين، من الواضح أنّ لدى مديرة شؤون وكالة أونروا في لبنان دوروثي كلاوس مشروعاً لتقليص خدمات أونروا، وهي منذ لحظة استلامها الإدارة، راحت تتّخذ إجراءات مجحفة وجائرة بحق الفلسطينيين في لبنان، وحتى بحقّ موظفي الوكالة، من دون أيّ تراجع، على الرغم من كلّ التحركات التي كانت تحصل عند اتّخاذ أيّ قرار يتعلّق بتقليص الخدمات أو بوقف موظف عن العمل".

وأوضح خطاب أنّه "قبل العدوان الإسرائيلي على لبنان وبعده، كان لدى وكالة أونروا برنامج عمل، وقد تواصلنا معها في ما يخصّ توسّع العدوان قبل توقّفه. وأبلغتنا بتوفير مراكز إيواء في منطقة صور، كذلك أبلغتنا بتوفّر مواد إغاثة وأدوية ومازوت واحتياجات أخرى. لكنّ الواضح أنّها لم تقدّم أيّ خدمات أو إغاثة إلى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في صور، على الرغم من تعرّض المنطقة لاستهداف إسرائيلي كبير"، لا سيّما بعد تصاعد العدوان الإسرائيلي على لبنان في سبتمبر/ أيلول الماضي. أضاف خطاب: "في الفترة الأخيرة بعد توقّف العدوان الإسرائيلي، قدّمت وكالة أونروا 1500 ربطة خبز إلى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين الثلاثة في صور، ثمّ رفعت العدد إلى 2000 ربطة، فأبلغناها بأنّ العدد غير كافٍ ورفضنا استلامها. أمّا في ما يخصّ الإغاثة، فهي صفر، ولم تُقدّم وكالة أونروا أيّ خدمات إلى المخيمات".

وبيّن عضو اللجنة الشعبية في مخيم برج الشمالي للاجئين الفلسطينيين، في حديثه إلى "العربي الجديد"، أنّ "مدرسة فلسطين تأسّست في عام 1958، وقد خرّجت أجيالاً ولها علاقة وجدانية مع أهل المخيم. ومنذ أربع سنوات، نطالب بإنشاء مدرسة ثانوية في داخل المخيم، من دون أن نتوصّل إلى نتيجة، حتى بعد التحرّكات التي قمنا بها. لكنّ أونروا اتّخذت، فجأة، بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان، قراراً بإلغاء مدرسة فلسطين، وفسخت عقد الإيجار مع مالك الأرض التي شُيّدت المدرسة عليها، من آل البيطار، من دون مراجعة أحد". وتابع خطاب بأنّ "الوكالة الأممية ألغت العقد، لكن ما هي الخطة البديلة؟ إلى أين سيذهب التلاميذ؟"، لافتاً إلى أنّ "مخيم برج الشمالي يحوي ثلاث مدارس؛ جباليا والصرفند وفلسطين".

ورأى خطاب أنّ "موضوع التعليم بدوامَي الفترتَين لا يجدي نفعاً، بسبب الضغط الهائل في الصفوف والتراجع في المستوى التعليمي. ونحن رفضنا هذا القرار، وقلنا إنّه لن يمرّ. وبالتنسيق مع المؤسسات واللجان والفصائل، أطلقنا صرخة في هذا الإطار". لكنّه أشار إلى أنّه "صرنا بين نارَين؛ نار أن نتمسّك بوكالة أونروا وندافع عنها في ظلّ الهجمة الشرسة عليها من قبل إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية كونها الشاهد على النكبة الفلسطينية، ونار أن نواجهها لتقليصها خدماتها. ومن هنا أعلنّا منع تعلّم التلاميذ بنظام الفترتَين (بالنسبة إلى مدرسة فلسطين) أمّا التلاميذ الباقون فسيتعلّمون بصورة عادية".

وتابع خطاب بأنّ "مديرة شؤون وكالة أونروا في لبنان دوروثي كلاوس تقول إنّ لا عودة عن هذا القرار لأنّها ألغت العقد مع (صاحب الأرض) تنال بيطار، وفي الوقت نفسه، تطلب منّا تأمين أرض لتشييد مدرسة عليها"، متسائلاً: "ما الداعي لإلغاء العقد في الأساس؟". وأكّد عضو اللجنة الشعبية في مخيم برج الشمالي للاجئين الفلسطينيين أنّ "أهالي التلاميذ يرفضون تعلّم أولادهم بنظام الفترتَين، لأنّه مضرّ"، ولفت إلى أنّ "مدرسة فلسطين مخصّصة للفتيان من الصف الخامس إلى الصف التاسع، ومدرسة جباليا للفتيات، فيما مدرسة الصرفند للفتيات وللتلاميذ الصغار من الجنسَين". وشدّد خطاب على أنّه "رغم كلّ شيء، التوجّه قائم إلى التمسّك بوكالة أونروا شاهداً حيّاً في مواجهة الهجمة الشرسة من قبل الصهاينة والولايات المتحدة الأميركية".

في سياق متصل، قالت أم أحمد، من سكان مخيم برج الشمالي للاجئين الفلسطينيين في قضاء صور جنوبي لبنان، وهي من أولياء أمور التلاميذ المتضرّرين من إغلاق "مدرسة فلسطين"، لـ"العربي الجديد": "نحن نتمسّك بانتظام التعليم في المدارس كما كانت الحال في السابق. وندعو إلى الرجوع عن هذا القرار الذي من شأنه أن يضرّ بمستقبل أولادنا وعملية تعليمهم. فنحن نعاني في الأساس من تراجع في العملية التعليمية، وأولادنا بحاجة إلى وقت تعلّم أطول، ومن شأن نظام الفترتَين أن يقلّص ساعات التعليم، أي أنّ التلاميذ لن ينالوا حقّهم فيه". ودعت أم أحمد "المخيمات كلها إلى التحرّك من أجل دعم قضية أولادنا، وهي قضية حقّهم في التعلّم الطبيعي وعودتهم إلى مدرستهم، وذلك في تحرّك سلمي من أجل تحقيق مطلبنا".

من جهتها، قالت ولاء العلي من مخيم برج الشمالي، العاملة في إحدى الجمعيات، إنّ "قرار إغلاق مدرسة فلسطين صادم، والأدلة التي قدّمتها وكالة أونروا غير مقنعة". أضافت لـ"العربي الجديد": "ونحن سوف نصعّد تحرّكاتنا حتى تعود الوكالة عن قرارها، وتعود العملية التعليمية إلى سابق عهدها، لأنّ قرار التعليم بنظام الفترتَين سوف يقلّص ساعات الدوام اليومي والحصص الدراسية، الأمر الذي من شأنه أن يؤثّر سلباً على العملية التعليمية". وبدوره، أكد أبو العبد الراشدي، من مخيم برج الشمالي، أنّ "لا مبرّر جدياً ومقنعاً لإغلاق مدرسة فلسطين"، واصفاً الأمر لـ"العربي الجديد" بأنّه "تهرّب من قبل وكالة أونروا من مسؤولياتها تجاه التعليم، ومحاولة تقليص خدماتها".

المساهمون