وفاة مواطن في مطاردة أمنية تثير جدالاً في تونس

28 اغسطس 2022
لا يُعاقَب أعوان الأمن في تونس على ارتكابهم تجاوزات (الشاذلي بن إبراهيم/ Getty)
+ الخط -

أثارت وفاة شاب تونسي في منطقة تينجة بمحافظة بنزرت شمالي تونس، جدالاً واسعاً، خصوصاً أنّ الوفاة وقعت بعد مطاردة أمنية.

وقال المتحدث الرسمي باسم المحكمة الابتدائية في بنزرت المساعد الأول لوكيل الجمهورية وليد عاش بالله، اليوم الأحد، إنّ تحقيقاً فُتح بشأن وفاة أحد الأشخاص، أمس السبت، في مستشفى الحبيب بوقطفة في بنزرت، بعد توقيفه من قبل المصالح الأمنية.

وأوضح عاش بالله، في تصريح لـ"وكالة تونس أفريقيا للأنباء"، أنّ ممثل النيابة العمومية وقاضي التحقيق قصدا موقع الحادثة، قبل أن يؤذَن بعرض جثّة الشاب المتوفى على الطبيب الشرعي لتشريحها، وبفتح تحقيق، وبتكليف أحد قضاة التحقيق بتحديد أسباب الوفاة.

وكانت مدينة تينجة قد شهدت، مساء أمس السبت، حالة من الاحتقان وقُطع الطريق الرابط ما بين بنزرت ومنزل بورقيبة (شمال)، وأُشعلت عجلات مطاطية مباشرة بعد وفاة الشاب.

وفي هذا الإطار، أفاد المسؤول الإعلامي بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر، "العربي الجديد"، بأنّ "حوادث الموت المستراب داخل مراكز الأمن أو على أثر مطاردات أمنية تكرّرت في مناسبات عدّة"، لافتاً إلى "نقاط مشتركة وهي أنّ وزارة الداخلية تستعيد الرواية نفسها تقريباً وتحاول في الغالب نسف روايات عائلات الضحايا".

ورأى بن عمر أنّ "وزارة الداخلية تستبق في كلّ مرّة نتائج التحقيق"، قائلاً "لا نثق بأن تكون نتائج التحقيقات شفافة وجدية". وشرح أنّه على الرغم من تحرّك النيابة العمومية فإنّه بمثل التبريرات المقدّمة تُعدَم الأدلة وكلّ ما من شأنه كشف الحقيقة"، مضيفاً أنّ "بيان الداخلية اليوم لا يختلف كثيراً عن بياناتها في حوادث سابقة، مثل حادثة وفاة شاب في سيدي حسين (إحدى ضواحي مدينة تونس) والشاب عمر العبيدي في ملعب مدينة رادس (في الضاحية الجنوبية لمدينة تونس)، الأمر الذي يبيّن انخراط وزارة الداخلية في مسار وسياسة الإفلات من العقاب".

وتابع بن عمر أنّ "عدم معاقبة أعوان الأمن في موضوع التجاوزات وفي أحداث مشابهة على الرغم من إثبات الاتهامات يشجّع على الإفلات من العقاب"، مشدّداً على "وجوب أن يتحمّل القضاء مسؤوليته، وأن يأخذ مثل هذه الملفات بجدية أكبر. ولا بدّ من كشف الملابسات، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بمواطنين عزّل لا يجدون سنداً إعلامياً ولا حقوقياً". وأشار إلى أنّ "المطلوب هو مزيد من التعاون من قبل وزارة الداخلية، وأن تقدّم كلّ المعلومات اللازمة لتوضيح الصورة لدى الرأي العام".

وفي بيان أصدرته اليوم الأحد، وزارة الداخلية التونسية أفادت بأنّه "تمّ مساء يوم أمس السبت في أثناء حملة أمنيّة للحفاظ على الأمن العام بجهة تينجة منزل بورقيبة من ولاية بنزرت، ضبط شخص محلّ عدّة مناشير تفتيش لفائدة العدالة بصدد تسلم وتسليم أشياء مشبوهة مع أشخاص آخرين، وقد تحصّن المعني قبل القبض عليه بالفرار، وفي أثناء ملاحقته قام بابتلاع شيء مشبوه كان بحوزته، بحسب شهود عيان، يُرجَّح أنّه مادة مخدّرة".

وأضافت وزارة الداخلية في بيانها أنّه "على أثر السيطرة عليه واقتياده إلى مركز الاستمرار في منطقة الأمن الوطني بمنزل بورقيبة، شعر المشتبه فيه بتوعّك صحي الأمر الذي استوجب نقله إلى المستشفى الجهوي لتلقّي الإسعافات الضرورية، إلا أنّه فارق الحياة". وأوضحت الوزارة أنّه "تمّ إشعار النيابة العموميّة بالمحكمة الابتدائية ببنزرت التي أذنت بفتح بحث تحقيقي في الموضوع، وقامت بالمعاينة الأوليّة لجثة المعني، والتي لم تكن تحمل آثار عنف ظاهرة للعيان، وبالتوازي أذن وزير الداخلية توفيق شرف الدين بفتح بحث إداري في الغرض ذاته".

وفي سياق متصل، أصدرت جبهة الخلاص المعارضة في تونس بياناً، اليوم الأحد، جاء فيه أنّ "مدينة تينجة من ولاية بنزرت شهدت مواجهات عنيفة بين قوات الأمن ومجموعات من الشبّان المحتجّين على مقتل الشاب كريم السياري بعد اعتقاله". وأضافت الجبهة أنّ "الفقيد فقد حياته في ظروف غامضة"، مطالبة بـ"تحقيق فوريّ وشفّاف وذي مصداقيّة في ملابسات وفاته، وباتّخاذ الإجراءات المناسبة ضدّ كلّ من يثبت ارتكابه أيّ عمل غير قانوني".

وأوضحت الجبهة أنّه "بتكرّر حوادث الوفيات الغامضة لموقوفين في مناسبات عديدة، وبتأخّر محاسبة من ثَبُت ارتكابهم جرائم تعذيب وسوء معاملة، فإنّ الإفلات من العقاب هو الذي يشجّع بعض الأمنيّين على إساءة معاملة الموقوفين، ويدفع الشبّان إلى الاحتجاج الغاضب ممّا يخلّف خسائر في الممتلكات الخاصة والعامة". واستغربت "الصمت الرسمي المريب وعدم المسارعة لإنارة الرأي العام بما يكشفُ الحقيقة كاملةً ويقطع الباب أمام الشائعات".

المساهمون