استمع إلى الملخص
- **استجابة المجلس**: تعهّد باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة، قبل جميع توصيات المراجعة الـ36، وبدأ في تنفيذ خطة عمل بقيمة 30 مليون جنيه إسترليني لمدة 18 شهراً، وتعيين مستشار للمساواة والتنوع والشمول.
- **ردود الفعل**: أعربت وزارة الصحة والكلية الملكية للتمريض والقبالة عن قلقها، وأكدت على أهمية اتخاذ إجراءات فورية لإعادة بناء الثقة. لجنة المساواة وحقوق الإنسان تدرس النتائج بعناية.
تعهّد مجلس التمريض والقبالة (NMC) في بريطانيا باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة بعدما سلطت مراجعة مستقلة صدرت في يوليو/ تموز الجاري الضوء على المخاوف المتعلقة بالحماية. فقد وجدت المراجعة أن عاملين ومرضى تعرّضوا للعنصرية والتمييز والتنمّر، عدا عن تراكم ما يصل إلى ستة آلاف قضية تأديبية والمماطلة في إيجاد الحلول لها، ما أدّى إلى انتحار عدد من الممرضين. ويوضح التقرير ـ المراجعة أنّه منذ إبريل/ نيسان 2023، انتحر ستة أشخاص أو تمّ الاشتباه بانتحارهم، ويلفت إلى وجود ثقافتين على الأقل في مجلس التمريض والقبالة، حيث يختبر الممرضون تجارب متباينة للغاية، إذ يختبر البعض مساراً وظيفياً تصاعدياً ويتمتع بالحماسة والرضا عن العمل، بينما يواجه آخرون التنمّر والمضايقة. ويحتل مجلس التمريض والقبالة مكانة أساسية في الإشراف على مهنتي التمريض والقبالة في البلاد بصفته الهيئة الإدارية، ويعدّ المسؤول عن وضع معايير للتعليم والتدريب والممارسة، وبالتالي ضمان سلامة وصحة المرضى. لذلك، يصعب تصوّر أي وجود للعنصرية والتمييز فيه. لكن الواقع يروي قصّة أخرى، إذ تبدو هذه المسألة متأصلة فيه منذ سنوات عديدة.
وعلى الرغم من فضح العديد من التصرّفات التمييزية في الماضي، لم يتخذ المجلس الإجراءات الكافية لمعالجتها ومحاسبة المتّهمين. ففي سبتمبر/ أيلول 2023، تمّ تسريب ملف إلى صحيفة "الإندبندنت" البريطانية يتضمن تهماً ترتبط بممارسات عنصرية بحق طاقم التمريض والمرضى، علاوة على الفشل في معالجة "العنصرية المؤسساتية" فيه خلال مدة 15 عاماً. وهو أمر يسمح لبعض الموظفين بانتهاك العديد من المعايير من دون أي رادع. على سبيل المثال، لم يتردد البعض في الاستهزاء بأحد المرضى السيخ، من خلال ربط لحيته بقفازات بلاستيكية وتقديم أطعمة له لا يستطيع تناولها لأسباب دينية. ومع أنّ الضحية تقدّم بشكوى وهو على فراش الموت، استمرّ هؤلاء المتنمرون بالعمل وكأنّ شيئاً لم يكن. كما يفيد التقرير بأنّ الموظفين السود ومن الأقليات العرقية يخشون الحديث عن العنصرية داخل المجلس ويصفون أي نهج لمعالجة هذه الآفة بـ"لفتة رمزية" فقط.
أمّا اليوم، فيبدو أنّ مجلس التمريض والقبالة أكثر استعداداً لمعالجة هذه القضية والأخذ بتوصيات التقرير بهدف التحرّك نحو تحقيق المساواة العرقية للعاملين وللمرضى على حدّ سواء. وبدأ المجلس في التعامل مع بعض القضايا التنظيمية التي أثيرت في التقرير، منها المخاوف المتعلقة بسوء السلوك الجنسي وغيره من أشكال سوء المعاملة خارج الممارسة المهنية، ما يعني أن الهيئة التنظيمية تأخذ هذه المخاوف على محمل الجد.
وردّاً على أسئلة "العربي الجديد"، يقول مجلس التمريض والقبالة: "نأسف لأي شخص تعرض للعنصرية وغيرها من أشكال التمييز أو التنمر في المجلس. كلّفنا بالمراجعة الثقافية بواسطة نذير أفضل الحائز على وسام الإمبراطورية البريطانية ورفاقه الصاعدين، وقبلنا جميع توصياتها الـ36، ونحن واثقون من أن هذا سيساعد في تحريك مجلس التمريض والقبالة نحو تحقيق المساواة العرقية فيه".
يضيف أنه خلال هذه الفترة، أصبح الوصي المخول بالتحدّث متاحاً الآن أمام الزملاء، وسيتم تعيين مستشار للمساواة والتنوع والشمول في المجلس التنفيذي لدعم عملية صنع القرار، ويوضح أنّهم سيواصلون العمل على الاستفادة من الاستثمار المالي الحالي الذي تبلغ قيمته 30 مليون جنيه إسترليني في إطار خطة عمل مدتها 18 شهراً، لإجراء تغيير تدريجي في كيفية ممارسة العمل، واتخاذ القرارات في الوقت المناسب وبطريقة أكثر مراعاة، مع الأخذ في التوصيات.
وتواصلت "العربي الجديد" مع وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية (DHSC)، لتحديد رؤيتها لهذه القضية، وعملها لدعم تنفيذ توصيات المراجعة. ويقول الرئيس التنفيذي للعلاقات الإعلامية كريس هاتشيون إنهم أصدروا بياناً بهذا الشأن أوضح أنّ هذه المراجعة مثيرة للقلق العميق، وأن الوزراء سيجتمعون مع المجلس لمناقشة المراجعة وردّهم عليها. أضاف البيان أنّ التنمّر والعنصرية غير مقبولين، ومن المهم أن يتمتع المبلغون عن المخالفات بالحريّة في الإبلاغ مع الاستماع إلى مخاوفهم والتصرف بناءً عليها.
بدوره، يقول مسؤول الإعلام والاتصالات في الكلية الملكية للتمريض (RCN)، جيمس فيليبس، لـ "العربي الجديد"، إنّهم نشروا بياناً رداً على المراجعة المستقلة، وقال القائم بأعمال الأمين العام والرئيس التنفيذي للكلية نيكولا رينجر إنّ مجلس التمريض والقبالة يلعب دوراً حاسماً في مجال الصحة والرعاية، ويجب أن يكون مؤهلاً لحماية الناس. ويقدم التقرير قراءة مؤلمة ويظهر فشل المجلس في عدد من واجباته الأساسية، كما يلفت إلى أنّ الاعتراف بالإخفاقات في هذا التقرير هو البداية، لكن لن تتم إعادة بناء الثقة بين المتخصصين في التمريض والمرضى إلا من خلال الإجراءات الفورية والمستمرة.
وفي السياق، تقول الكلية الملكية للقابلات (RCM)، إن نشر المراجعة المستقلة لمجلس التمريض والقبالة سيجعل القراءة صعبة بالنسبة للجهة التنظيمية والمسجلين. وتعرب جيما مورفي، من مكتب الإعلام، في حديثها لـ"العربي الجديد"، عن أسفها، مشيرة إلى أن المراجعة أظهرت أن الجهة التنظيمية التي يجب أن تضع القابلات ثقتها فيها لا تجسّد القيم التي يتوقعها المسجلون لديها، وتوضح أن نقص الموارد في مجلس التمريض والقبالة لطالما كان محط جدل، وتبين تأثيره بوضوح في هذه المراجعة.
أمّا لجنة المساواة وحقوق الإنسان (EHRC)، فتقول لـ"العربي الجديد"، إنّهم يدرسون بعناية نتائج المراجعة المستقلة لمجلس التمريض والقبالة. ويعرب رئيس المجلس السير ديفيد وارن عن أسفه لما ورد في التقرير، ويؤكد أنّهم يعملون على إعادة النظر بشكل عاجل في حالات العنصرية والتنمر والانتحار، ودراسة تأثير عملياتهم على جميع المشاركين فيها.