والدة محمد مطر تقبّل وجه طفلها الشهيد بعد احتجاز جثمانه لعام ونيف في ثلاجات الاحتلال

04 ديسمبر 2021
احتجزت قوات الاحتلال مطر المصاب العام الماضي لتعلن بعدها عن استشهاده (فيسبوك)
+ الخط -

للمرة الأولى منذ خمسة عشر شهراً استطاعت والدة الطفل الفلسطيني محمد مطر (16 عاما) أن ترى وجهه، لكن فقط لتودّعه للمرة الأخيرة. فهو الطفل الذي اعتُقل في شهر أغسطس/آب 2020، بعد أن أصيب برصاص جنود الاحتلال الإسرائيلي عند الشارع الالتفافي الذي يمرّ منه مستوطنون قرب مسقط رأسه، قرية دير أبو مشعل، شمال غرب رام الله وسط الضفة الغربية، وسرعان ما أُعلن عن استشهاده.

احتجزت سلطات الاحتلال جثمان محمد مطر، 15 شهراً في الثلاجات، كانت كفيلة بأن يصل، ليلة أمس الجمعة، إلى مجمع فلسطين الطبي في رام الله وقد غطّاه الثلج. في المشفى، عمل شبان العائلة على ألا ترى والدته وجهه المتجمّد، كي لا تبقى تلك الصورة في ذهنها، فرأته وقبّلته بعد أن أذابوا الثلج عن وجهه.
من أمام منزل ذويه في دير أبو مشعل، ودّعت النساء جثمان الطفل مطر، ظهر اليوم السبت، قبل أن ينطلق الموكب الجنائزي بمشاركة المئات من أهالي قرية دير أبو مشعل والقرى المجاورة وصولاً إلى مسجد القرية، حيث أقيمت عليه صلاة الجنازة ووري الثرى في مقبرة القرية. وردّد المشاركون هتافات غاضبة ومندّدة بالاعتداءات الإسرائيلية، كما رفعوا في الجنازة أعلام فلسطين ورايات الفصائل الفلسطينية.


لم تتحدث والدة الطفل الشهيد مطر كثيراً، لكنها أكّدت لـ"العربي الجديد" أنها كانت تنتظر لحظات وداع ابنها، وتابعت: "الحمد لله أنه خرج من ثلاجات الاحتلال، كنت أدعو الله دائماً أن يخرجوه من الثلاجات وأن أستطيع رؤيته، الآن الحمد لله سأرتاح، بدلاً من أن أظل أسأل أين هو وأين يضعون جثمانه؟ لقد كانت فترة احتجازه صعبة جداً علي".
يؤكّد عم الشهيد، إبراهيم مطر، لـ"العربي الجديد" أنّ العائلة لم تكن تملك معلومات دقيقة عن وضع الجثمان ولم تره بعد استشهاده، "كانت فترة صعبة لم نكن نعرف إن كان قد دُفن أم هو في الثلاجات. لم نحصل على معلومات سواء من المؤسسات المحلية أو الدولية، وكانت والدته في كل يوم تشعر أنها بحاجة لتذهب إلى قبره وتسقي الزهور على ذلك القبر".

يعود استشهاد مطر إلى 20 أغسطس/آب من عام 2020، حين كان مع اثنين من زملائه في أراضٍ للقرية عند الشارع الالتفافي الاستيطاني، في وقت كان يتواجد فيه جنود الاحتلال هناك، فأطلقوا النار على الفتية، وتمكّن الأهالي من نقل اثنين إلى المشافي في رام الله ليتلقوا العلاج، بينما قام جيش الاحتلال باحتجاز مطر، وأعلن بعدها عن استشهاده. 
يقول إبراهيم مطر، إنّ ما حصل مع ابن شقيقه جريمة مركبة، فالفتية كانوا صغاراً "ولو أطلق عليهم الجنود قنبلة صوت لهربوا من المكان، أو على الأقل كان بإمكانهم اعتقالهم بدلاً من إطلاق النار عليهم".
يتابع إبراهيم مطر: "تمّ إطلاق النار عليهم من مسافة قريبة جداً، ثم تلكؤوا في إسعاف محمد، ونحن كعائلة نقدّر أنه أسعف بشكل سريع لكان الوضع مختلفاً".
ويشكّل الطريق الالتفافي الاستيطاني، الواقع شمال غرب دير أبو مشعل، ويربط عدة مستوطنات مقامة على أراضي محافظة رام الله والبيرة، خطراً حقيقياً على حياة الأهالي، خاصة أنهم يتواجدون باستمرار في أراضيهم الزراعية المزروعة بالأشجار والمصنفة "ج"، وفق اتفاقية أوسلو. ويؤكّد الأهالي أنّ 4 شهداء ارتقوا منذ عام 2000 في المنطقة ذاتها بدعوى إلقاء حجارة أو زجاجات حارقة تجاه المستوطنين أو جيش الاحتلال.
ويواصل جيش الاحتلال احتجاز 89 جثمان شهيد فلسطيني معظمهم في الثلاجات، منذ أن أعاد الاحتلال سياسة احتجاز الجثامين بعد هبة القدس في عام 2015، بينما يواصل احتجاز 254 جثمان شهيد في مقابر الأرقام.

المساهمون