ندوة في القاهرة حول الحد من عقوبة الإعدام في المنطقة العربية

23 نوفمبر 2024
تحرك ضد الإعدام في القاهرة، في 28 ديسمبر 2011 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- انطلقت في القاهرة ندوة إقليمية حول الحد من عقوبة الإعدام في المنطقة العربية، بمشاركة 60 شخصاً من 11 دولة، بهدف تعزيز الحوار وتبادل الخبرات حول تقليص استخدام العقوبة.
- أظهرت تقارير حقوقية زيادة ملحوظة في تنفيذ أحكام الإعدام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث نُفذت 825 عملية إعدام في 2022، مما يبرز الحاجة لمراجعة القوانين وتوفير محاكمات عادلة.
- اختتمت الندوة بتوصيات تدعو لوقف اختياري لتنفيذ الإعدام ومراجعة الإجراءات القانونية، مع التأكيد على دور الإعلام في نشر ثقافة حقوق الإنسان.

انطلقت، صباح السبت بالقاهرة، فعاليات حلقة النقاش الإقليمية حول الحدّ من عقوبة الإعدام في المنطقة العربية، والتي تأتي بالشراكة بين المنظمة العربية لحقوق الإنسان وصندوق الأمم المتحدة لدعم تنفيذ توصيات الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان، بحضور 60 مشاركة ومشاركاً من 11 دولة عربية.

ووفقاً لتقرير منظمة العفو الدولية لعام 2022، شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا زيادة ملحوظة في تنفيذ أحكام الإعدام. من بين 883 عملية إعدام مسجلة عالمياً في ذلك العام، نُفذت 825 منها في هذه المنطقة، بزيادة من 520 حالة في عام 2021. وفي عام 2021، تصدّرت مصر والسعودية قائمة الدول العربية الأكثر تنفيذاً لأحكام الإعدام، إذ سجّلت مصر ما لا يقل عن 83 حالة، والسعودية 65 حالة.

استمرار استخدام عقوبة الإعدام

تُظهر هذه الإحصائيات استمرار استخدام عقوبة الإعدام في العديد من الدول العربية، مع تفاوت في الأعداد بين دولة وأخرى. تجدر الإشارة إلى أن بعض الدول، مثل المغرب، اتخذت خطوات نحو تقليص استخدام هذه العقوبة، إذ استبدلتها بالسجن مدى الحياة في بعض الحالات.

بدأت الندوة بكلمة افتتاحية من ممثل لجنة حقوق الإنسان التابعة لجامعة الدول العربية، الدكتور محمد شوقي، الذي أشار إلى أن الهدف من هذه الندوة هو تعزيز الحوار بشأن عقوبة الإعدام في المنطقة، والنظر في التجارب الناجحة لبعض الدول التي قلصت أو أوقفت العمل بهذه العقوبة. وأكد شوقي أن النقاش الإقليمي ضروري لتبادل الخبرات وتحقيق تقدم ملموس في هذا الملف.

من جانبها، أعربت المحامية والناشطة الحقوقية اللبنانية رانيا الحاج عن أملها في أن تسفر هذه الندوة عن توصيات محددة تتبناها الحكومات لإلغاء العقوبات التي لا تتوافق مع حقوق الإنسان، مشددة على ضرورة حماية الحق في الحياة باعتباره حقاً أصيلاً وغير قابل للتفاوض. وأوضحت الحاج أن التوعية العامة ورفع مستوى الوعي بآثار عقوبة الإعدام هي جزء من مسؤولية المجتمع المدني في دفع عجلة الإصلاح.

كما قدّم الخبير الدولي في القانون الجنائي الدكتور أحمد صلاح عرضاً حول الإحصائيات المتعلقة بعقوبة الإعدام في المنطقة العربية، إذ أشار إلى أن عدداً من الدول العربية شهد ارتفاعاً ملحوظاً في تنفيذ أحكام الإعدام خلال العامين الماضيين. وأكد صلاح أن معظم هذه الأحكام تتعلق بجرائم يمكن معالجتها بطرق أخرى، مثل إعادة التأهيل أو الإصلاح المجتمعي، مما يعزز من أهمية البحث عن بدائل.

وشهدت الندوة أيضاً مشاركة تجارب دولية، من بينها تجربة المغرب في تقليص حالات الإعدام واستبدالها بالسجن مدى الحياة، وهي التجربة التي لاقت إشادة واسعة من المشاركين باعتبارها خطوة إيجابية نحو الحد من استخدام هذه العقوبة القاسية.

كما جرى خلال الجلسة النقاشية التي شارك فيها ممثلون عن المجتمع المدني المصري التركيز على التحديات القانونية والاجتماعية التي تواجه الدعوات لإلغاء عقوبة الإعدام، خاصة في ضوء التوترات الأمنية التي تواجهها بعض دول المنطقة، وهو ما يخلق بيئة تتسم بالصعوبة في الموازنة بين العدالة وحفظ الأمن. وكان من بينهم الناشط الحقوقي بهي الدين حسن، الذي أشار إلى أن هناك حاجة ماسة لمراجعة القوانين الجنائية في مصر لضمان توفير محاكمات عادلة، وخاصة في قضايا تتعلق بحياة الأفراد. كما أكدت الباحثة القانونية داليا يوسف ضرورة توفير برامج تأهيلية لمن صدرت بحقهم أحكام إعدام لتأهيلهم للاندماج في المجتمع في حال استُبدلت العقوبة.

ووفقاً لتقارير حقوقية، شهدت مصر تبايناً في أعداد أحكام الإعدام وتنفيذها خلال السنوات الأخيرة. في عام 2020، جرى تنفيذ 107 أحكام إعدام على الأقل، مما جعل مصر تحتل المرتبة الثالثة عالمياً في عدد الإعدامات المنفذة ذلك العام. وفي عام 2022، رصدت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان تنفيذ السلطات المصرية لعقوبة الإعدام بحق 30 شخصاً، بينهم 7 في قضايا ذات طابع سياسي. أما في النصف الأول من عام 2023، فقد نُفّذت أحكام الإعدام بحق ثلاثة أشخاص في قضايا جنائية، دون تسجيل حالات في قضايا سياسية خلال تلك الفترة.

ومن الجانب الدولي، تحدثت ممثلة منظمة العفو الدولية، إليزابيث جونز، خلال الندوة عن ضرورة وجود تعاون إقليمي ودولي لدعم مبادرات الحد من عقوبة الإعدام، مشيرة إلى أن مثل هذه الندوات تسهم في توحيد الجهود وتبادل الخبرات بين الدول التي حققت تقدماً في هذا المجال. وأضافت جونز أن الضغط الدولي من خلال المنظمات الحقوقية يمكن أن يكون له دور كبير في دفع الحكومات نحو إلغاء عقوبة الإعدام تدريجياً.

وعبّر المشاركون عن قلقهم من تأثير الأوضاع الأمنية والسياسية على قرارات الإعدام، إذ أكد عدد من الخبراء أن البيئة الأمنية المتوترة في بعض دول المنطقة تستخدم أحياناً لتبرير استمرار العمل بعقوبة الإعدام، وهو ما يتطلب معالجة هذه الأوضاع بطرق تحترم حقوق الإنسان وتضمن العدالة.

من جانبه، أكد رئيس مركز الميزان لحقوق الإنسان بفلسطين، عصام يونس، أهمية المضي قدماً في مخاطبة شواغل حقوق الإنسان الرئيسية جنباً إلى جنب مع الاهتمام بالقضايا المركزية في فلسطين ولبنان، مشيراً إلى أن عقوبة الإعدام تشكل هاجساً عالمياً رئيسياً، ومن المهم مواصلة العزم لمعالجة إشكالياتها. كما أشار إلى الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وجرائم الحرب، بما في ذلك الإعدام خارج نطاق القضاء، التي ترتكبها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، والتي تتطور الآن إلى ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وهي أم الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية.

واختتمت الندوة بجلسة توصيات، دعت فيها المنظمات المشاركة إلى ضرورة تبني حكومات الدول العربية لوقف اختياري لتنفيذ أحكام الإعدام كخطوة أولى، والتوجه نحو مراجعة شاملة للإجراءات القانونية المتعلقة بإصدار وتنفيذ أحكام الإعدام. كذلك شدّدت التوصيات على أهمية تعزيز دور الإعلام في نشر ثقافة حقوق الإنسان وزيادة الوعي المجتمعي حول آثار عقوبة الإعدام النفسية والاجتماعية على المجتمعات.

المساهمون