مقاتلو "فاغنر" الروسية إلى حرية صعبة

26 فبراير 2023
يقاتل سجناء جنّدتهم مجموعة "فاغنر" في مدينة باخموت الأوكرانية (جون مور/ Getty)
+ الخط -

بعد مضي ستة أشهر على تجنيد مجموعة "فاغنر" العسكرية الخاصة التابعة لرجل الأعمال المقرب من الكرملين، يفغيني بريغوجين، أول دفعة من السجناء الروس للقتال في أوكرانيا، حصل المقاتلون الذين بقوا أحياء على عفو مقابل مشاركتهم في الأعمال الحربية، ما يؤهلهم لبدء حياة جديدة بموجب اتفاق لمنحهم حريتهم، والابتعاد بالتالي من زنزانات الإصلاحيات والجبهات في أوكرانيا. لكن خبراء ومراقبين يشككون في قدرة المقاتلين السابقين من السجناء على الاندماج في الحياة السلمية وسوق العمل بعدما أمضوا سنوات خلف القضبان، قبل أن ينهوها بالمشاركة على الخطوط الأمامية لأشرس المعارك في شرق أوكرانيا. 
يعزو الخبير القانوني والحقوقي بافيل ماروشاك صعوبة اندماج مقاتلي مجموعة "فاغنر" العسكرية الذين سيُعفى عنهم إلى أسباب عدة، في مقدمها كونهم مدانين بالسجن فترات طويلة في قضايا بالغة الخطورة، وريبة أرباب العمل من ماضيهم، وواقع أن أجوراً متدنية تدفع للعمال غير المؤهلين بعيداً من جبهات القتال. ويقول لـ"العربي الجديد": "سيصعب أن يتكيف المقاتلون من السجناء السابقين مع الحياة السلمية، خاصة أن من التحقوا بمجموعة فاغنر العسكرية الخاصة كانوا ينفذون عقوبات بالسجن تزيد فتراتها عن عشر سنوات، في حين لم يذهب المحكومون بفترات قصيرة إلى القتال". 

وعن رؤيته للصعوبات التي يواجهها المقاتلون السابقون بعد عودتهم من الجبهات، يقول: "يصوّر مقاتلو مجموعة فاغنر لدى الرأي العام بأنهم أبطال، لكنني لا أعتقد بأن أرباب العمل سيتحمسون لتعيينهم بسبب علمهم بماضيهم، كما أن أجور العمالة غير المؤهلة في روسيا تتراوح بين 30 و40 ألف روبل (400 و500 دولار) فقط، وهي زهيدة جداً بالنسبة إليهم بعدما اعتادوا على تقاضي بين 200 و300 ألف روبل (3 و4 آلاف دولار) أثناء مشاركتهم في القتال في صفوف مجموعة فاغنر العسكرية، لذا يرجح أن يعود غالبيتهم إلى مهمات القتال في المجموعة نفسها". ويلفت ماروشك إلى أنه "حتى لو حاول المقاتلون السابقون الاندماج سيواجهون مجموعة من المخاطر، مثل مشكلات نفسية واحتمال ارتكابهم جرائم جديدة والمرجح بنسبة أكثر من 60 في المائة، لا سيما لمن سجنوا أكثر من مرة. ولا أعتقد أيضاً أن هؤلاء سينجحون في استثمار ما جنوا من مجموعة فاغنر العسكرية بطريقة جيدة، علماً أنه لا توجد في الأساس برامج فعّالة لإعادة دمج السجناء السابقين".
وعموماً توقفت مجموعة "فاغنر" العسكرية عن تجنيد سجناء جدد للقتال في أوكرانيا، وهو ما اعترف به بريغوجين منذ أكثر من شهر، مؤكداً "وفاء المجموعة بكافة التزاماتها أمام العناصر الحالية".

لافتة لدعم الجنود الروس قرب مقر مجموعة "فاغنر" في سان بطرسبرغ (أولغا مالتسيفا/ فرانس برس)
لافتة لدعم الجنود الروس قرب مقر مجموعة "فاغنر" في سان بطرسبرغ (أولغا مالتسيفا/ فرانس برس)

ويعلّق ماروشاك على الروايات المتضاربة عن أسباب توقف مجموعة "فاغنر" عن تجنيد المساجين، بالقول: "تذكر قنوات على تطبيق تيليغرام أن المساجين باتوا لا يرغبون في الالتحاق بمجموعة فاغنر، لكنني أعرف من موكلين أتعامل معهم أن هذا الأمر غير صحيح، علماً أن إدارات الإصلاحيات نفسها تتمنّى مغادرة السجناء المدانين بالسجن بين 10 و15 عاماً، كونهم الأكثر إثارة للمشكلات. من هنا قد تكون الرواية الأقرب إلى الواقع هي عدم رغبة وزارة الدفاع الروسية وشركة باتريوت العسكرية التي تشرف عليها الوزارة في وجود منافس". يضيف: "أظهر اقتحام مدينة سوليدار في أوكرانيا تفوق عناصر مجموعة فاغنر على قوات الجيش الروسي على صعيد القدرات القتالية، لذا يزداد اعتماد وزارة الدفاع على شركة باتريوت التي تجنّد سجناء أيضاً، لكن ليس كما فعلت مجموعة فاغنر في الخريف الماضي حين انتشرت سريعاً أنباء عن هذا الأمر".
وكان نائب روسي نشر في وقت سابق من فبراير/ شباط الجاري نص خطاب منسوب إلى بريغوجين وعزا فيه توقف الشركة عن تجنيد السجناء إلى ثلاثة أسباب، هي "الفاعلية المفرطة في أداء المهمات، ومعاملة مجموعة فاغنر السجناء نفس معاملة المقاتلين الذين يتمتعون بكفاءات عالية، واعتقاد بعض الموظفين شبه العسكريين بأنهم يستطيعون نيل شهرة مثل فاغنر في حال بدأوا في تجنيد سجناء". 

قضايا وناس
التحديثات الحية

وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، حظي مقطع فيديو أظهر تجنيد بريغوجين بنفسه سجناء في إصلاحيات للقتال في أوكرانيا، ونشر على مواقع التواصل الاجتماعي الروسية، بملايين المشاهدات وعشرات آلاف التعليقات، قبل أن يتأكد ذلك رسمياً، وتصبح عملية تجنيد السجناء علنية بالتزامن مع اعتراف بريغوجين بأنه يقف خلف أعمال الشركة العسكرية الخاصة الروسية الأكثر شهرة.
وأخيراً، أقرّ بريغوجين بأنه أنشأ وأدار لفترة طويلة "وكالة تحقيقات الإنترنت" المعروفة باسم "مصنع المتصيدين" أو "الترولز" المتهمة بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016 لدعم المرشح الجمهوري دونالد ترامب الذي أدلى بمجموعة تصريحات دعت إلى تحسين الولايات المتحدة علاقاتها مع روسيا. 

المساهمون