على بُعد سبعة كيلو مترات شمال شرق المسجد الحرام، غربي السعودية، يقع مشعر منى، ذلك الوادي الذي لا يُسكن إلا مدة الحج، مجمع أفئدة الحجاج التي أتت مرددةً "لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك".
في ذلك المشعر التاريخي تبدأ أولى صفحات الحج في الثامن من ذي الحجة كل عام، الذي يحل اليوم الاثنين، مستقبلاً نحو مليوني حاج بحسب توقعات سعودية رسمية لأول مرة منذ جائحة كورونا قبل 3 أعوام.
ما هي المكانة التاريخية لمشعر منى؟
يعد مشعر منى ذا مكانة تاريخية ودينية، فيه رمى نبي الله إبراهيم عليه السلام الجمار، وذبح فدي إسماعيل عليه السلام، ثم أكد نبي الإسلام محمد هذا الفعل في حجة الوداع وحلق، واستن المسلمون بسنته يرمون الجمرات ويذبحون هديهم ويحلقون.
يشتهر المشعر بمعالم تاريخية، منها الشواخص الثلاث التي ترمى فيها الجمرات، وفيه مسجد "الخيف" الذي اشتق اسمه نسبة إلى ما انحدر عن غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء، والواقع على السفح الجنوبي من جبل منى، وقريباً من الجمرة الصغرى.
#مسجد_الخيف #الشؤون_الإسلامية_حج1444#بسلام_آمنين #حج1444 pic.twitter.com/crNxrXoZM4
— وزارة الشؤون الإسلامية 🇸🇦 (@Saudi_Moia) June 26, 2023
وصلى في هذا المسجد نبي الإسلام محمد والأنبياء من قبله، وما زال قائماً حتى الآن، ولأهميته، جرت توسعته وعمارته عام 1407هـ.
وشهد المشعر أحداثاً تاريخية في الإسلام، منها بيعتا العقبة الأولى والثانية عامي 12 و13 من الهجرة، وبايع فيهما رجال ونساء رسول الإسلام محمد.
ما سبب تسمية مشعر منى؟
يقع مشعر منى بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة، على بُعد سبعة كيلومترات شمال شرق المسجد الحرام، وهو مشعر داخل حدود الحرم، وهو وادٍ تحيط به الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية، ولا يُسكن إلا مدة الحج.
ويرجع المؤرخون تسمية "مِنَى"، بحسب ما نشرته وكالة الأنباء السعودية "واس"، إلى أنها أتت لما يراق فيها من الدماء المشروعة في الحج، وقيل لتمني أبي الأنبياء آدم فيها الجنة، ورأى آخرون أنها لاجتماع الناس بها، والعرب تقول لكل مكان يجتمع فيه الناس مِنَى.
ما سبب تسمية يوم التروية؟
يقضي الحجاج في مِنَى يوم التروية، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة، لتنطلق بعد ذلك المناسك، ويستحب فيه المبيت تأسياً واتباعاً لسنة النبي محمد، وسمي اليوم بذلك لأنّ الناس كانوا يتروون فيه من الماء ويحملون ما يحتاجون إليه، قبل الوقوف بعرفة.
وفي هذا اليوم، يذهب الحجيج إلى مِنَى، إذ يصلي الناس الظهر والعصر والمغرب والعشاء قصراً من دون جمع، ويعود الحجاج إلى مِنَى صبيحة اليوم العاشر من ذي الحجة (بعد غد الأربعاء) بعد وقوفهم على صعيد عرفات الطاهر، يوم التاسع من شهر ذي الحجة (غداً الثلاثاء) ومن ثم المبيت في مزدلفة، ثم يقضون في مِنَى أيام التشريق الثلاثة لرمي الجمرات.
ما سبب تسمية أيام التشريق؟
وكما جاء في القرآن الكريم: "وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ"، والمقصود بها، وفق كثير من المفسرين، مِنَى، المكان الذي يبيت فيه الحاج ليالي معلومة من ذي الحجة يوم العيد وأيام التشريق الثلاثة بعده.
وسُميت هذه الأيام بأيام التشريق لأن العرب كانوا يُشرِّقون لحوم الأضاحي في الشمس، وهو تقطيع اللحم وتقديده ونشره.
منى أكبر مدينة خيام
وتقدر مساحة منى الشرعية بنحو 7.82 كيلومترات مربع، والمستغلة فعلاً 4.8 كيلومترات مربع فقط، وتعد أكبر مدينة خيام في العالم، حيث تبلغ مساحة إسكان الحجاج فيها 2,192,000 متر مربع، على مساحة 20% من مساحة مشعر منى.
وأنشئت الخيام في مشعر منى على أسس الأمن والسلامة والملاءمة للمحيط العام، من خلال توفير 30 ألف رشاش لمكافحة الحرائق، وأكثر من 3 آلاف كاميرا مراقبة، وأكثر من 12 ألف سماعة للإرشاد والتنبيه، بالإضافة لأكثر من 15 ألف وحدة تكييف وتهوية.
وتحيط بجموع الحجيج في مشعر منى خدمات طبية وعلاجية تتضمن 97 مركزاً إسعافياً تابعاً لهيئة الهلال الأحمر السعودي، بأسطول من أبرزه 320 سيارة إسعاف، و6 طائرات إسعاف جوي، و4 عربات إمداد طبي، و16 عربة من الاستجابة النوعية، وسيارات خدمة لدعم العمل الإسعافي والإداري يباشرها 1288 كادراً طبياً.
ويعد موسم 2023 أول حج يشهد عودة كاملة للحجاج منذ جائحة كورونا، ويتوقع أن "يقدم أكثر من مليونَي حاج من 160 دولة".
وبلغ عدد الحجاج خلال الموسم الماضي 899 ألفًا و353، بينهم 779 ألفًا و919 من خارج المملكة، فيما اقتصر موسم الحج لعام 2021 على مشاركة 60 ألفًا فقط من داخل المملكة، وشهد موسم عام 2020 نحو 10 آلاف من داخل السعودية فحسب، مقارنة بنحو 2.5 مليون في 2019 من كافة أرجاء العالم.
(الأناضول)