تدابير حكومية إضافية لزيادة أعداد المواليد في الصين

18 نوفمبر 2024
السياسات الجديدة ستزيد عدد المواليد السنوي (شينغ خين/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- كشفت الحكومة الصينية عن 13 تدبيرًا لدعم الولادة، تشمل تحسين خدمات دعم الولادة، وتوسيع أنظمة رعاية الأطفال، وتعزيز أجواء اجتماعية صديقة للولادة، وتحسين نظام الإجازات ذات الصلة.
- يعتقد الخبراء أن التدابير قد تعزز معدل الخصوبة، لكنهم يشيرون إلى أن الإعانات الحالية غير كافية، مؤكدين على الحاجة لدعم حكومي مركزي، مع إطلاق مسح لفهم ديناميكيات الأسرة.
- يشير الأكاديميون إلى أهمية الإجراءات الحكومية، لكنهم يؤكدون على ضرورة إيجاد بيئة عمل ملائمة وتشجيع أصحاب العمل على دعم التوازن بين العمل والأسرة.

كشفت الحكومة الصينية، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عن تدابير جديدة لدعم الولادة وتعزيز بناء مجتمع صديق للولادة، وقالت إن هذه التدابير يمكن أن تعمل على تحسين معدل الخصوبة الحالي، لكن لا تزال هناك حاجة إلى جهود إضافية.
ويتضمن التوجيه الصادر عن المكتب العام لمجلس الوزراء الصيني 13 تدبيراً تهدف إلى تعزيز خدمات دعم الولادة، وتوسيع أنظمة رعاية الأطفال، وتعزيز أجواء اجتماعية صديقة للولادة، وتعزيز الدعم في التعليم والإسكان والتوظيف. وتشمل التدابير أيضاً تحسين نظام الإجازات ذات الصلة لضمان تنفيذ فترات الإجازة الإلزامية بصورة قانونية، بما في ذلك إجازة الأمومة وإجازة الأبوة وإجازة الوالدين. 
ويقترح التوجيه إنشاء نظام إعانات الأمومة وتعزيز الخدمات الطبية الإنجابية من خلال تقديم المشورة أثناء الحمل ومشاريع تكنولوجيا الإنجاب المساعدة ضمن نطاق تعويض التأمين الطبي. إضافة إلى تعزيز نظام خدمة تربية الأطفال، مع تدابير تشمل تحسين جودة الخدمات الطبية للأطفال حديثي الولادة وضمان تغطية الأدوية الطبية منذ الولادة من قبل التأمين الطبي، وزيادة خدمات رعاية الأطفال الشاملة. 
ويعتقد خبراء صينيون أن التدابير المقترحة قد تعزّز معدل الخصوبة في البلاد، وأن حكومات محلية عديدة أدخلت سياسات دعم المواليد، لكن هذه الإعانات غير كافية عموماً، مؤكدين على الحاجة إلى الدعم من الحكومة المركزية التي لديها مزيد من الموارد المالية.
وأطلقت الصين مؤخراً جولة جديدة من مسح التنمية السكانية والأسرية بهدف فهم ديناميكيات الأسرة والسلوكات الإنجابية، ما يوفر في النهاية بيانات لتعزيز سياسات دعم الخصوبة.
تقول الباحثة الاجتماعية لان جو يان، لـ "العربي الجديد"، إن "التوجيهات الجديدة تأتي في إطار أشمل يهدف إلى بناء ثقافة جديدة للزواج والإنجاب، والمضي قدماً بالفضائل التقليدية للأمة الصينية، والدعوة إلى احترام القيمة الاجتماعية، وتشجيع الأزواج على تقاسم مسؤوليات رعاية الأطفال. شهد العقد الأخير تراجعاً في هذه المفاهيم نتيجة الضغوط المعيشية ما شكل نظرة سلبية بين الجيل الجديد إلى مسألة الزواج والإنجاب، وقد سبّب ذلك تراجع معدلات المواليد، وارتفاع نسبة العنوسة".

تشهد سياسات تنظيم الأسرة في الصين تحولات كبيرة مؤخراً (Getty)
تشهد سياسات تنظيم الأسرة في الصين تحولات كبيرة مؤخراً (Getty)

تضيف: "انطلاقاً من هذه المعطيات، عملت الحكومة على بناء أشكال مختلفة من منصات الرعاية العامة للشباب للإقبال على الزواج، مثل إنشاء مكاتب استشارات الزواج وتسهيل إجراءات إصدار شهادات الزواج، وتخفيض المهر، والاقتصاد في تنظيم حفلات الزفاف. دفعت المجالس البلدية بالتعاون مع الحكومات المحلية خلال السنوات الأخيرة نحو إصلاح عادات الزفاف، والتخلص من الصور النمطية والعادات السيئة مثل المراسم الفاخرة وهدايا الخطوبة الباهظة، وهي مظاهر ساهمت في عزوف الشباب عن الزواج".
بدوره، يقول أستاذ الدراسات الاجتماعية السابق في جامعة صن يات سن، وي لي فنغ، لـ"العربي الجديد"، إن "الإجراءات والتدابير الحكومية مهمة، لكنها غير كافية لحل أزمة الخصوبة التي تضرب المجتمع الصيني. المطلوب هو إيجاد بيئة عمل ملائمة تساعد الموظفين على تحقيق التوازن بين العمل والأسرة، وتحد من المخاوف التي تحول دون إقبال الشباب على الزواج والإنجاب. بيئة العمل الحالية تفرض عزلة اجتماعية على الموظفين نتيجة مغادرتهم مناطقهم وقراهم باتجاه المدن الصناعية، مخلفين وراءهم الأطفال من دون أدنى رعاية".
يتابع: "الإقامة بالمدن الكبرى لا تخول الأسر المهاجرة التمتع بمزايا الضمان الاجتماعي الذي يشترط إقامة المواطن في مسقط رأسه، ومن ثم يصعب تسجيل الأطفال من أبناء الموظفين في المدارس، وكذلك التمتع بالخدمات والرعاية الصحية، وهو الأمر الذي يثير مخاوف جيل كامل من تكرار تجارب آبائهم في الانقطاع الاجتماعي والانفصال عن الأسرة. لذا يفضلون العزوف عن الزواج والإنجاب". 

ويفيد الأكاديمي الصيني بأنه "يجب تشجيع أصحاب العمل على إدراج تدابير لمساعدة الموظفين على تحقيق التوازن بين العمل والعلاقات الأسرية في عقود العمل لحماية حقوق الموظفين ومصالحهم، واعتماد أساليب مثل التنقل المرن والعمل من المنزل، وتسهيل اصطحاب الآباء لأطفالهم أو توصيلهم إلى المدرسة، وتخفيض عدد ساعات العمل، وتقليص العمل الإضافي. دعم الخصوبة لا يتطلب اتخاذ تدابير سياسية فحسب، بل يتطلب أيضاً توجيهاً ثقافياً إيجابياً للتخفيف من المخاوف لدى الشباب".
وتشهد سياسات تنظيم الأسرة في الصين، تحولات كبيرة خلال العقد الأخير، من تقييد عدد المواليد لعقود إلى حث الأزواج على الإنجاب، وتخفيف "سياسة الطفل الواحد" منذ عام 2015، حتى سُمح في عام 2021 بإنجاب ما يصل إلى ثلاثة أطفال. ويقدّر مسؤولو تنظيم الأسرة أن السياسات الجديدة ستزيد عدد المواليد سنوياً إلى نحو 20 مليوناً، لكن العدد لم يتجاوز تسعة ملايين في عام 2022، وهو أدنى مستوى إنجاب منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949. ما دعا الرئيس شي جين بينغ إلى إعلان أن بلاده ستنشئ نظاماً خاصاً لزيادة معدلات المواليد ضمن استراتيجية وطنية للاستجابة لشيخوخة السكان.

المساهمون