مرضى مخيم الركبان يصبرون على آلامهم خوفاً من انتقام النظام

22 سبتمبر 2022
عشرات المرضى في المخيم بحاجة للعلاج بشكل عاجل (خليل مزراوي/فرانس برس)
+ الخط -

يقبع في مخيم الركبان المحاصر، على الحدود السورية - الأدرنية - العراقية، عشرات المرضى ممن هم بحاجة للعلاج بشكل عاجل نظراً لتفاقم أحوالهم الصحية، لكنّ الخوف من المصير الذي قد يلاقونه في حال وصلوا إلى مناطق سيطرة قوات النظام يجبرهم على تحمّل الألم الذي يعجل بوفاتهم كما أودى بحياة آخرين.
وفي السياق، قال الناشط محمد الحمصي، الموجود في المخيم، لـ"العربي الجديد"، إن ثلاثة مرضى من المخيم المحاصر نقلوا، الثلاثاء الماضي، إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري لتلقي العلاج في مشافيه، نتيجة تدهور أحوالهم الصحية وتفاقم آلامهم.

وأوضح الحمصي أن المرضى الثلاثة وصلوا إلى وضع لا يحتمل التأخير، إذ عجز العاملون في نقطتي المخيم الطبيتين عن تقديم العلاج لهم، لأن أمراضهم وصلت إلى مراحل متقدمة تحتاج تدخلاً جراحياً أو الخضوع لأدوية وأجهزة غير موجودة في المخيم. فكان أحدهم بحاجة لتدخل جراحي عاجل لإصابته بدوالي القدمين، والثاني مصاباً بفشل كلوي أدى لاحتباس السوائل في جسمه، والثالث مصاباً بالتهاب رئوي حاد.

وأضاف المتحدث أن عملية نقل المرضى إلى مناطق سيطرة النظام نادرة، بسبب التخوّف من الملاحقة الأمنية للخارجين، والزج بهم في السجون والمعتقلات، كما حدث لأحد المصابين في أغسطس/ آب 2021، الذي دخل إلى هناك للعلاج، لكنه ما زال مفقوداً منذ ذلك الوقت.

كما أشار إلى أن نقل المرضى جاء بعد الحصول على موافقة بالتنسيق مع مسؤولين في الهلال الأحمر السوري، وبضمان من مكتب الأمم المتحدة في مناطق سيطرة النظام، لافتاً إلى أن هنالك 35 شخصاً نقلوا منذ بداية العام الجاري للعلاج في مناطق سيطرة النظام، منهم طفلة توفيت في الطريق قبل وصولها إلى المستشفى.

أبو أحمد، أحد المحاصرين في المخيم، قال لـ"العربي الجديد"، إن شقيقه توفي بعد انفجار زائدة دودية في أغسطس/ آب من العام الماضي، نتيجة رفضه التوجّه إلى مناطق سيطرة النظام، خوفاً من مصير المصاب الذي دخلها للعلاج قبله بأيام.

وبحسب شبكة "حصار" التي تنقل أخبار المناطق السورية المحاصرة، نقلاً عن مصادر محلية، فإن المرضى ينقلون إلى منطقة تسمى مثلث اتحاد الفلاحين، شرقي مدينة الضمير بريف دمشق بنحو 50 كيلومترا، ليستقبلهم عناصر الهلال الأحمر وينقلونهم إلى مستشفيات النظام، ويعيدونهم إلى المثلث ثانية بعد رحلة العلاج، ثم يُنقلون مع مرافقيهم إلى منطقة تسمى الواحة، وهي مشتل زراعي يبعد نحو 60 كيلومترا شمال شرقي مدينة الضمير، يمكثون هناك قرابة نصف شهر ليتم إيواؤهم في مراكز تابعة لمحافظة حمص، حيث يعيشون بين أحد خيارين، إما الاعتقال أو التوقيع على ورقة مصالحة وتركهم يذهبون أينما شاؤوا، باستثناء العودة إلى مخيم الركبان التي من الممكن أن تتحقق عبر طرق التهريب ودفع مبالغ كبيرة لا يملكها غالبية سكان المخيم.

وأطبقت قوات النظام حصارها على مخيم الركبان منذ أكتوبر/تشرين الأول 2018 بدعم روسي، وذلك عبر قطع جميع الطرقات المؤدية إليه. ومنذ ذلك الحين، سجّل عدد السكان في الركبان تراجعاً بما يزيد عن ثلاثة أرباع قاطنيه. وفي عام 2019، بلغ ما يقارب 45 ألفاً بعدما توقّف دخول المساعدات بشكل كامل.

وفي بداية 2020، أغلقت السلطات الأردنية النقطة الطبية الوحيدة المفتوحة على الحدود السورية بحجة انتشار فيروس كورونا. وحينها، عاد الكثير من قاطني المخيم إلى مناطق سيطرة النظام على الرغم من عمليات الاعتقال والسوق للخدمة العسكرية.

وفي مطلع مايو/أيار الماضي، منعت قوات النظام المهربين من إدخال الأدوية والطعام إلى مخيم الركبان وأخضعت سياراتهم لتفتيش دقيق، تبع هذه الخطوة قيام منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) بتخفيض حصة المخيّم من المياه إلى النصف وترك أكثر من سبعة آلاف نسمة يواجهون قساوة الصحراء وحدهم.

المساهمون