أظهرت دراسة أجرتها مؤسسة إنقاذ الطفل في الأردن أن 15.8% من الأطفال الأردنيين والسوريين في البلاد، بين 10 و17 عامًا تعرضوا لأحد أشكال الإساءة الرقمية، وأبرزها التنمر، وقرصنة الحسابات الرقمية، والابتزاز والتحرش.
وكشفت الدراسة، التي أطلقتها المؤسسة، اليوم الاثنين، مع قرب اليوم العالمي لحقوق الطفل، المصادف للعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، عن فجوة كبيرة في وعي الأهالي حول تعرض أطفالهم للعنف الرقمي، حيث إن نحو 75% من أولياء الأمور الذين أفاد أبناؤهم بتعرضهم للعنف الرقمي لم يكونوا على دراية بذلك. كما أظهرت الدراسة تدنيًا في استخدام تطبيقات الرقابة الوالدية على الإنترنت، حيث أفاد 9% فقط من الأهالي باستخدامها، بينما اعتمدت الغالبية على توعية أبنائهم وسيلةً لحمايتهم رقميًا.
وبحسب بيان صادر عن مؤسسة إنقاذ الطفل، فإن الدراسة استخدمت منهجًا مختلطًا لجمع البيانات وتحليلها، شمل مراجعة الأدبيات السابقة والاعتماد على أسلوبي التحليل النوعي والكمي، موضحة أنه في الشق الكمي أجريت مقابلات مع 1510 أطفال في الفئة العمرية ( 10-17) عامًا من مناطق عمان وإربد والزرقاء والمفرق، بالإضافة إلى 750 مقابلة مع أولياء الأمور في المناطق ذاتها، اما في الشق النوعي فقد نفذت 16 ورشة عمل تفاعلية مع الأطفال و8 جلسات نقاشية مركزة مع مقدمي الرعاية وأولياء الأمور.
ومن جانبها قالت المديرة التنفيذية لمؤسسة إنقاذ الطفل ــ الأردن دانا عريقات إن "إجراء الدراسة جاء إدراكًا لأهمية التجارب الرقمية للأطفال والمخاطر المرتبطة بها". مضيفة أن "نتائج الدراسة تُعد مدخلًا أساسيًا لمشروع الحقوق والسلامة الرقمية للأطفال، الذي تنفذه المؤسسة بالشراكة مع المجلس الوطني لشؤون الأسرة، بهدف إعداد خطة تنفيذية وطنية تضمن الحقوق والسلامة الرقمية للأطفال، خاصة مع تزايد استخدام الإنترنت من قبلهم بعد جائحة كورونا".
رف الدردشة في بعض الألعاب الإلكترونية تشكل مصدرًا للتنمر اللفظي والتحرش الجنسي
وكشفت الدراسة أن 76.7% من الأطفال في الفئة العمرية (10-17) عامًا يصلون إلى الإنترنت يوميًا، مع ارتفاع النسبة إلى 86.5% في الفئة العمرية (16-17) عامًا. ولم تظهر فروق ملحوظة بين الجنسين في هذا السياق، أما بالنسبة للأهالي، فأفادت الغالبية منهم بأنهم يركزون على توعية أطفالهم بأساليب الاستخدام الآمن للإنترنت، كما يحرصون على التواجد معهم أثناء التصفح. ومع ذلك، قال 9% فقط من الأهالي إنهم يستخدمون تطبيقات الرقابة الوالدية، و7.8% أشاروا إلى حجب المواقع غير الملائمة، فيما أفاد 57.4% من أولياء الأمور أن أطفالهم يساعدونهم في استخدام الإنترنت.
وحول المخاطر والتحديات، فقد كشف الأطفال عن أن مرتكبي التنمر الإلكتروني غالبًا ما يكونون أفرادًا معروفين لهم، مثل الأصدقاء وزملاء المدرسة أو حتى الأقارب، فيما التحرش الجنسي غالبًا ما يأتي من الغرباء، وقد يأخذ أحيانًا شكل عروض زواج.
وأفادت الدراسة بأن غرف الدردشة في بعض الألعاب الإلكترونية تشكل مصدرًا للتنمر اللفظي والتحرش الجنسي. وعن المنصات الأكثر استخدامًا، تصدر موقع يوتيوب قائمة المنصات بنسبة 22.6%، تلاه إنستغرام وفيسبوك والمنصات التعليمية ومحركات البحث بنسبة 12% لكل منها. وأظهرت الدراسة أن الفئة العمرية (10-12) عامًا أكثر استخدامًا ليوتيوب بـ32.6%، بينما فضلت الفئة (16-17) عامًا إنستغرام بنسبة 17.4%.
وقالت الدراسة إن الأهالي يفضلون التدخل الصارم لحماية أطفالهم، مثل قطع الإنترنت أو مصادرة الهواتف بنسبة حوالي 36%، فيما أوصى 25% بوضع الية لحجب المواقع غير المناسبة للأطفال استباقيًا، ودعا 15% إلى استخدام التطبيقات الآمنة وبرامج الرقابة الوالدية.
وأوصت الدراسة لحماية الأطفال، بتصميم برامج توعية بأساليب عصرية، مثل أفلام الأنيميشن، والاستعانة بالمؤثرين الرقميين وتفعيل دور المدارس من خلال المسرحيات التدريبية، وتأهيل مدربين من اليافعين أنفسهم لتقديم التوعية لزملائهم، ونشر أرقام الهواتف والخطوط الساخنة للإبلاغ عن العنف الرقمي.