مخاوف على مصير 1,5 مليون مهاجر تونسي بعد صعود اليمين المتطرف في أوروبا

11 يونيو 2024
تظاهرة في باريس احتجاجاً على ترحيل مهاجرين تونسيين، في مايو2011 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تصاعد المخاوف بشأن مستقبل أكثر من 1.5 مليون مهاجر تونسي في أوروبا بعد فوز اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية، مما يهدد بتشديد القيود وتقليص الحقوق الاجتماعية للمهاجرين.
- نشطاء حقوق الإنسان يعبرون عن قلقهم من تأثير السياسات المتشددة ضد المهاجرين، مع تعميق التعاون الأوروبي-التونسي في مجال الهجرة بشروط تفضيلية لأوروبا، مما يزيد من صرامة الإجراءات.
- السلطات الأوروبية تضغط لكبح تدفق المهاجرين، مع تراجع في عدد المهاجرين غير النظاميين إلى إيطاليا بفضل اتفاقيات مع دول شمال أفريقيا، مما ينذر بمستقبل أكثر صعوبة للمهاجرين التونسيين.

تتصاعد المخاوف على مصير أكثر من 1.5 مليون مهاجر تونسي بعد فوز اليمين المتطرف في انتخابات أوروبا، وذلك بعدما قادت الأحزاب الصاعدة حملاتها الانتخابية بملف المهاجرين.

وتشكّل أوروبا الرقعة الجغرافية الأكثر احتضانا للمهاجرين التونسيين، منذ أكثر من 70 عاما، بينما تحتل فرنسا المرتبة الأولى من حيث العدد تليها إيطاليا ثم ألمانيا، كما لا تزال هذه الدول الأكثر استقطابا للأجيال الجديدة من المهاجرين رغم التضييقات المشددة المفروضة من دول الاتحاد الأوروبي على حرية تنقّل الأفراد من دول جنوب المتوسط.

والأحد الماضي، حقّقت الأحزاب اليمينية المتطرفة مكاسب كبيرة في انتخابات البرلمان الأوروبي، في صعودها إلى المراكز الأولى، خاصة في فرنسا وإيطاليا والنمسا، وفقاً للنتائج الأولية. ونتيجة لذلك، حلّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأحد، الجمعية الوطنية (مجلس النواب)، ودعا إلى انتخابات مبكرة بعدما ألحق حزب التجمع الوطني، اليميني المتطرف، هزيمة ثقيلة بمعسكره في الانتخابات.

صعود اليمين المتطرف: تشديد الخناق على المهاجرين

ويخشى نشطاء حقوقيون أن يؤدي صعود اليمين المتطرف في أوروبا إلى تشديد الخناق على المهاجرين، والحدّ من مكاسبهم الاجتماعية، فضلا عن زيادة ترحيل الواصلين بطريقة غير نظامية.

ويقول رئيس الفيدرالية التونسية من أجل مواطنة بين الضفتين (مدنية) محي الدين شربيب إنّ "صعود أحزاب أقصى اليمين في انتخابات أوروبا هو نتاج لسياسات الحكومات الأوروبية الحالية التي علّقت فشلها على ملف المهاجرين وهيأ الطريق نحو اليمين المتطرف للصعود". ويؤكد شربيب لـ"العربي الجديد"، أن "التضييق ضد المهاجرين في الفضاء الأوروبي سبق الانتخابات، من ذلك مصادقة البرلمان الفرنسي على قانون الهجرة الذي وضع قواعد جديدة للحصول على المنحة الاجتماعية للمهاجرين ما يصنفهم  في مرتبة دون المواطنين الفرنسيين" .

واعتبر شربيب أن" السياسات الفرنسية كانت تلبي منذ فترة رغبة اليمين الفرنسي التي ينادي بها منذ 30 عاما، والتي تمس من حقوق ملايين المهاجرين الذين سيعانون من أشكال تمييزية، بمن في ذلك المقيمون في وضعية نظامية". وأشار المتحدث إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يسلك ذات الطريق الذي تنتهجه رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني التي تتخذ منذ صعودها ملف المهاجرين ذريعة لتحقيق مكاسب سياسية لحزبها" .

وتابع: "نجحت ميلوني في توقيع اتفاق مع سلطات تونس في يوليو/تموز 2023  بشأن ملف الهجرة بتواطؤ من حكومة ماكرون، لكنها تسببت في موت آلاف المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط". ورجّح رئيس الفيدرالية التونسية من أجل مواطنة بين الضفتين أن "تطاول سياسات اليمين المتطرف، العلاقات مع بلدان المغرب العربي، الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، فضلا عن تداعياها المباشرة على المهاجرين بمختلف أصنافهم" .

وبحسب بيانات رسمية، تعتبر فرنسا دولة الاستقبال الأولى للمهاجرين التونسيين داخل الفضاء الأوروبي بنسبة تتجاوز 56%. كذلك تقيم في فرنسا أعلى نسبة من التونسيين الذين لم تتجاوز أعمارهم الـ18، وهم أساساً من الأجيال الجديدة للهجرة، وتقدر نسبهم بـ14.8% من مجموع المهاجرين التونسيين في منطقة اليورو.

وتوقّع رئيس الفدرالية التونسية من أجل مواطنة بين الضفتين، أن "يزداد وضع المهاجرين في فرنسا صعوبة في حال صعود حكومة يمينية بعدما نجحت أحزاب اليمين في إقرار هذا القانون" وفق قوله. واعتبر المصدر ذاته أن" فرنسا استسلمت لرغبات اليمين المتطرف في ما يتعلّق بتسوية وضعيات المهاجرين غير النظاميين التي ستشمل مستقبلا قائمة المهن التي تحددها السلطة بناء على النقص المسجل في تلك الوظائف".

ويرى الناشط السياسي المهتم بملف الهجرة المقيم بإيطاليا، مجدي الكرباعي، أن "السلطات التونسية منحت رئيسة الوزراء الإيطالية ورقة هامة لكسب الانتخابات"، مؤكدا أن "هذه الأخيرة قادت حملتها الانتخابية بأرقام أفصحت عنها الداخلية التونسية بشأن كبح تدفقات الهجرة". وقال الكرباعي في تصريح لـ"العربي الجديد": إن "السلطات التونسية قد تتوصل إلى اتفاقات بشأن تسوية وضعية المهاجرين أو ضمان عقود عمل رسمية لفائدتهم، غير أن هذه الاتفاقات ستكون بشروط إيطالية ووفق مصالحها".

وتضغط السلطات الأوروبية على تونس من أجل كبح تدفقات المهاجرين انطلاقا من سواحلها، كما تفرض قيودا على تأشيرات الدخول إلى الفضاء الأوروبي.

وقبل أيام من انتخابات أوروبا، أعلنت رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني، تراجع عدد المهاجرين غير النظاميين الوافدين إلى إيطاليا بنسبة 60% مقارنة بأرقام السنة الماضية. وقالت ميلوني، في بيان: :إن الاتفاقيات الموقعة مع دول شمال أفريقيا، وخاصة تونس وليبيا، أسهمت في تحقيق هذه النتيجة. وأضافت أن حكومتها "لن تسمح إلا لمن لديهم عقد عمل بالدخول إلى إيطاليا". وكشفت رئيسة الوزراء الإيطالية عن انعقاد اجتماع فريق عمل مشترك إيطالي – تونسي في روما لمساعدة السلطات البحرية على صياغة خطتها في مقاومة الهجرة غير النظامية، من دون تفاصيل إضافية.

المساهمون