- يلعب النظام القبلي دوراً كبيراً في حرمان المرأة من الميراث، حيث تواجه ضغوطاً اجتماعية كبيرة إذا طالبت بحقها، رغم محاولات علماء الدين للتصدي لهذه الظاهرة.
- هناك حالات نادرة لنساء نجحن في الحصول على حقوقهن عبر المحاكم، لكنهن يواجهن العزلة الاجتماعية، وتظل الأعراف القبلية عائقاً كبيراً أمام تحقيق العدالة.
تواجه المرأة القبلية في أفغانستان أو باكستان ضغوطاً كبيرة وحرماناً يطاول جوانب عدة من حياتها، وأحدها حق الميراث.
وفي أفغانستان تحديداً أصدر زعيم حركة طالبان الحاكمة، الملا هيبت الله أخوند زاده، مرسوماً منح النساء حق الميراث، لكن حالات الحرمان لا تزال كثيرة.
وعموماً ليست الظاهرة جديدة، بل قديمة ومتجذرة، وتترافق مع تفسيرات مختلفة لدى الرجال من أجل تبرير ذلك. وبدلاً من الميراث تُعطى المرأة شيئاً ضئيلاً جداً بأسماء مختلفة، وهي عبارة عن أخذ الأخوة كمية حلويات في الأعياد والمناسبات، في تقليد يسمى حظ الأخت، إلى بيتها، وعند الوفاة يتولى الأخوة مراسم الدفن والتشييع. ويحصل كل ذلك مقابل أن تتنازل المرأة عن ميراثها لأشقائها في المنزل والأرض.
تقول الناشطة الباكستانية آمنة رياض لـ"العربي الجديد": "النظام القبلي له دور كبير في الحفاظ على الظاهرة، وحاول زعماء القبائل بكل قوة إبقاء هذا النظام لأنهم يستفيدون منه، على غرار كل الرجال، أما علماء الدين فلم يضطلعوا بدورهم من أجل القضاء على تلك الظاهرة التي تسيء إلى سمعة الرجل بشكل عام وتخالف الدين وكل الأعراف الدولية والإنسانية".
وحول كيفية تقسيم الميراث تقول رياض إن الأخوة يجلسون بعضهم مع بعض، ويقسّمون أو يخططون لتقسيم ما تركه الأب، ثم ينادون أخواتهم ويقولون لهن هل تأخذن حقكن أم تتخلّين عنه لإخوتكن؟ والمرأة القبلية عادة بحكم العادات والتقاليد لا تتجرأ على أن تقول إنها تطلب حقها، لأن مصيبة أخرى تنتظرها إذا طلبت حقها وتتمثل في مقاطعة الأخوة لها وعدم التعامل معها، وهو ما حصل في أماكن كثيرة.
وفي شأن تاريخ ظاهرة حرمان المرأة من الميراث، يقول الشيخ محمد نبيل، لـ"العربي الجديد": "المرأة في مناطق القبائل في أفغانستان وباكستان محرومة منذ القِدم من الميراث، إذ يسود الاعتقاد بأنها لا تحتاج إلى ميراث أصلاً، ولا تملك أي حق، فالابن فقط الذي يرث من الأب النزاعات والمشاكل في الأراضي والقبيلة ويستحق أن يرث الأب في أرضه وممتلكاته".
يتابع: "حين تتجرأ فتاة على القول لإخوتها إنها تطلب حقها في الميراث أو تقدم القضية إلى المحكمة أو ترفعها لدى الزعامة القبلية يقطع الأخوة علاقاتهم بها. أعرف شخصياً نساءً نجحن في أخذ حقوقهن في الميراث فقطع أخوتهن علاقاتهم معهن بالكامل وصولاً حتى إلى عدم المشاركة في مراسم دفنهن. هذا ظلم وضيم، لكنه أمر يحدث ويتكرر".
ويروي أن امرأة قبلية كان لديها أولاد كثر وزوج مريض، ورثت أراضي تجارية وزراعية كثيرة من أبيها، فذهبت إلى أخوتها وطلبت منهم أن يعطوها حقها في الميراث فرفضوا ذلك وقالوا لها لا يمكن أن نعطيك هذا الحق، علماً أنها طلبت القليل كي تحسّن أحوالها. حينها رفعت القضية إلى الزعامة القبلية ولم تنجح في الحصول على شيء، ثم رفعتها أمام المحكمة التي أعطتها ميراثها بالكامل، وتغيّر وضعها واشترت بيتاً في مدينة بشاور ومحلين تجاريين يعمل فيهما زوجها وابنها، وتحسّن حالها كثيراً، لكن أخوتها قطعوا العلاقة معها، وهذا أمر مؤسف جداً فهي تريد أن تذهب إلى بيتهم وتجلس مع نسائهم وأولادهم، لكنهم يرفضون ذلك. يتصل نساء أخوتها بها بين حين وآخر لكن يحصل ذلك خفية ومن دون علم أزواجهن".
ويوضح أن حالة المرأة القبلية، سواء كانت تسكن في أفغانستان أو باكستان هو نفسه. ورغم أن زعيم حركة طالبان الملا هيبت الله أخوند زاده أصدر مرسوماً أمر الرجال بإعطاء المرأة حقوقها من الميراث، لكن أي شيء لم يتغير، باستثناء أنه لو قدمت امرأة طلباً إلى محاكم طالبان فستنظر هذه المحاكم بجدية فيه وتحسم قرارها بسرعة، وتمنحها حقها لا محالة، أما المحاكم في باكستان فلا تبت لسنوات في هذه القضايا. وتبقى المشكلة في أفغانستان أن الأعراف القبلية السائدة تمنع المرأة من الذهاب إلى المحاكم وتقديم طلب الحصول على حقوقها".
وفي حديث سابق لـ"العربي الجديد" قال عالم الدين الأفغاني الملا محمد يعقوب صميم: "حصل تغيير ملحوظ في السنوات الأخيرة مقارنة بالفترات الماضية، لأن علماء الدين باتوا يرفعون أصواتهم ضد الظاهرة، وبدأ الآباء يوزعون ميراثهم قبل وفاتهم بين البنين والبنات وفق الشريعة الإسلامية". ويشدد على أنه يعرف أشخاصاً كثيرين فعلوا ذلك، "لكن باعتبار أن الظاهرة متجذرة ولا يمكن استئصال جذورها خلال فترة قصيرة، فليس في يد علماء الدين سلطة التغيير، بل الوعظ والنصيحة فقط".