محكمة الاحتلال تمدّد عزل الأسير أحمد مناصرة 6 أشهر إضافية

16 اغسطس 2022
أحمد مناصرة خلال جلسة استماع في إبريل الماضي (مصطفى الخاروف/الأناضول)
+ الخط -

 

قرّرت المحكمة المركزية الإسرائيلية في مدينة بئر السبع، اليوم الثلاثاء، تمديد العزل الانفرادي للأسير الفلسطيني أحمد مناصرة (20 عاماً) من مدينة القدس، لمدة ستة أشهر إضافية. ووصف المحامي خالد زبارقة من طاقم الدفاع عن مناصرة في حديث لـ"العربي الجديد" قرار المحكمة بأنّه "إجراء تعسفي لا مبرّر ولا سبب له". ولفت زبارقة إلى أنّ "المحكمة، على الرغم من اعترافها بالوضع الصحي الخطر للأسير مناصرة، وبأنّه قد يشكّل خطراً على نفسه وعلى الآخرين، قدّرت أنّ عزله انفرادياً هو الحلّ المتوافر، وهو الأمر الذي استوجب تمديد ذلك".

وعبّر زبارقة عن استغرابه الشديد لموقف المحكمة، وقال: "لقد أكّدنا للمحكمة أنّ قرارها هو بمثابة حكم إعدام في حقّ الأسير مناصرة، الأمر الذي يوضح أنّ القرار اتّخذ بناءً على اعتبارات سياسية محضة، وأنّه كان يجب على المحكمة أن تخرج بحل منطقي معقول بدلاً من أن تتّخذ هذا القرار المرفوض من قبلنا". أضاف زبارقة: "للأسف الشديد، لقد تعاملت المحكمة مع وضعه من دون أيّ اعتبار لظروفه الصحية النفسية والجسدية الصعبة التي يعاني منها، الأمر الذي يؤدّي بطبيعة الحال إلى انتكاسة نفسية خطرة".

وفي ما يتعلق بالخطوة التالية للاعتراض على القرار، قال المحامي: "نحن ننتظر الآن تحديد موعد آخر جديد للنظر في ملف الاستئنافات في ما يتعلق بمنع الإفراج عن أحمد"، مشدّداً على "ضرورة الإفراج عنه لأنّ العزل لأكثر من 15 يوماً يُعَدّ من الجرائم ضدّ الإنسانية، ومن الممكن أن يُقدَّم المسؤولون عن ذلك إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي".

وكان طاقم الدفاع عن أحمد مناصرة ممثلاً بزبارقة والمحامية الإسرائيلية ليئا تسيمل، قد تقدّم للمحكمة برفض طلب النيابة العامة الإسرائيلية باستمرار فرض العزل على الأسير مناصرة لمدّة ستة أشهر أخرى، لكنّ المحكمة ادّعت في تبرير قرارها أنّ "طلب النيابة العامة يأتي للحفاظ على أمن الأسير وأمن الآخرين"، وبالتالي صدّقت على طلب النيابة بتمديد العزل الانفرادي لمدّة نصف عام آخر.

وقبل أيام، أفاد طاقم الدفاع بأنّ مجموعة من الخبراء النفسيين مكوّنة من 36 خبيراً توجّهوا إلى رئيس دولة الاحتلال الإسرائيلي بطلب الإفراج والعفو عن الأسير أحمد مناصرة والإفراج عنه فوراً بسبب تردّي حالته الصحية في داخل السجون الإسرائيلية.

يُذكر أنّه في 28 يونيو/حزيران الماضي، رفضت محكمة الاحتلال في سجن الرملة الإفراج المبكر عن مناصرة على الرغم من تدهور حالته الصحية والنفسية. وسبق ذلك إصدار ما تسمّى لجنة الإفراج الإسرائيلية قرارها بتصنيف ملف الأسير مناصرة من ضمن ما يُطلَق عليه "قانون الإرهاب"، إذ قرّرت أنّ قضيته "عمل إرهابي" بحسب تعريف قانون مكافحة الإرهاب الإسرائيلي.

ويواجه أحمد مناصرة الاعتقال والتعذيب والعزل الانفرادي مذ كان يبلغ من العمر 13 عاماً، وهو واحد من بين مئات الأطفال الذين يتعرّضون للاعتقال والتعذيب في سجون الاحتلال سنوياً، بالإضافة إلى سياسة الإهمال الطبي المتعمّد (القتل البطيء).

وقد ولد مناصرة في 22 يناير/ كانون الثاني من عام 2002 في القدس، وهو من عائلة تتكوّن من عشرة أفرد وله شقيقان وخمس شقيقات، علماً أنّه أكبر الذكور في عائلته. وقبل اعتقاله في عام 2015، كان تلميذاً في الصف الثامن في مدرسة الجيل الجديد في القدس.

وقصة أحمد لم تبدأ لحظة اعتقاله، فهو يواجه، كما هي حال مئات من أطفال القدس، عنف الاحتلال اليوميّ، بما في ذلك عمليات اعتقال كثيفة ومتكرّرة. فالقدس تشهد أعلى نسبة في عمليات الاعتقال بين صفوف القصّر.

وفي عام 2015، مع بداية "الهبّة الشعبية"، تصاعدت عمليات الاعتقال التي طاولت الأطفال تحديداً في القدس، ورافقت ذلك عمليات تنكيل وتعذيب ممنهجة، وكان أحمد واحداً من الذين واجهوا ذلك المصير. ففي 12 أكتوبر/ تشرين الأول من ذلك العام، تعرّض أحمد وابن عمّه حسن الذي استشهد في ذلك اليوم بعد إطلاق النار عليه وعلى أحمد، لعملية تنكيل وحشية من قبل المستوطنين. ونُشرت في حينه فيديوهات لمشاهد قاسية له ظهر في خلالها وهو ملقى على الأرض ويصرخ وهو مصاب، فيما يحاول عناصر قوات الاحتلال تثبيته على الأرض. فتحوّلت قضيته إلى قضية عالمية. وقد شكّل هذا اليوم نقطة تحوّل في حياة أحمد، إذ اعتُقل وتعرّض لتحقيق وتعذيب جسديّ ونفسيّ حتى في خلال تلقيه العلاج في المستشفى. فهو أصيب بكسر في الجمجمة نتيجة التعذيب الجسدي بالإضافة إلى أعراض صحية خطرة.

في وقت لاحق، أصدرت محكمة الاحتلال بعد جلسات عدّة حكماً بالسجن الفعلي في حقّ أحمد مناصرة لمدّة 12 عاماً مع غرامة مالية قدرها 180 ألف شيقل (نحو 55 ألفاً و100 دولار أميركي). وفي عام 2017، خُفضت مدّة الحكم إلى تسعة أعوام ونصف عام.

تجدر الإشارة إلى أنّه قبل نقل مناصرة إلى السجن، احتجزته سلطات الاحتلال لمدّة عامَين في مؤسسة خاصة بالأحداث في ظروف صعبة وقاسية، ليُنقَل لاحقاً إلى سجن مجدو بعد أن تجاوز 14 عاماً. وهو اليوم يواجه ظروفاً صحية ونفسية صعبة وخطرة في العزل الانفرادي في سجن الرملة.

وقد عُقدت جلسة لمناصرة في 13 إبريل/نيسان الماضي، وأتاحت المحكمة في خلالها لمحاميه بالنظر في ملفه ونقله إلى لجنة خاصة بتصنيف ملفه. وقد أعلنت هذه اللجنة قرارها المتمثل بتصنيف القضية من ضمن قانون الإرهاب، علماً أنّ حملة دولية كانت قد انطلقت دعماً وإسناداً له للمطالبة بالإفراج عنه.

المساهمون