أوضاع كارثية في أماكن المهجرين السودانيين بالكفرة الليبية

09 اغسطس 2024
معايير نظافة متدنية جداً للمهجرين السودانيين في الكفرة الليبية (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تفاقم أزمة المهجرين السودانيين في الكفرة:** استقبلت الكفرة الليبية أكثر من 96 ألف مهاجر سوداني منذ اندلاع الحرب في السودان، ويعانون من ظروف صعبة بسبب التنقل عبر الصحراء الوعرة. تواجه البلدية تحديات كبيرة في تقديم الخدمات الصحية والبيئية، مما يهدد بحدوث كارثة صحية وبيئية.

- **جهود الحكومة والمنظمات الدولية:** استجابت حكومة الوحدة الوطنية بدعوة العالم والمنظمات الدولية لتقديم الدعم، وأرسلت فرقًا لتقييم الوضع الصحي وإطلاق حملات تطعيم وتحصين. يشدد عميد بلدية الكفرة على ضرورة تدخل الشركات التابعة للدولة لدعم الوضع.

- **تحديات الدعم والانقسام الحكومي:** رغم زيارة ممثلين لمنظمة الصحة العالمية وبعثة الأمم المتحدة، كان الدعم محدودًا. يشير الناشط أنور الزوي إلى تأثير الانقسام الحكومي على وصول الدعم، حيث خصصت حكومة الوحدة الوطنية ميزانية طوارئ، لكن الخلافات مع حكومة بنغازي حالت دون وصولها.

دقّ مسؤولون محليون في مدينة الكفرة الليبية ناقوس الخطر في شأن أوضاع المهجرين السودانيين الذين تستمر موجات نزوحهم هرباً من الحرب الدائرة في بلدهم. وحذر هؤلاء من كارثة صحية وبيئية في الكفرة. ومنذ اندلاع الحرب في السودان استقبلت الكفرة المحاذية للحدود مع السودان أكثر من 96 ألف مهاجر، بحسب تقديرات مفوضية شؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، ويتوقع أن يرتفع هذا العدد في الأشهر المقبلة.

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

يتحدث عميد بلدية الكفرة، عبد الرحمن يعقوب، لـ"العربي الجديد"، عن أن ظروف التنقل خلال فصل الصيف قد تقف خلف عدم قدرة آلاف المهجرين السودانيين على مغادرة بلدهم، خاصة أن التنقل يحصل عبر الصحراء الوعرة، ويمتد مسافات طويلة جداً. ويشير إلى أن اعتدال المناخ نسبياً خلال سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الثاني المقبلين قد يتسبب في موجات هجرة كبيرة جداً إلى الكفرة.
وفي شأن الوضع الحالي بالكفرة، يوضح يعقوب أن البلدية تتحرك بإمكانات لا تتناسب مع حجم التحديات المطلوبة للمساعدة في تخفيف معاناة المهجرين، خاصة على الصعيد الصحي في ظل مواجهة المنشآت صعوبات كبيرة في تقديم الخدمات.
وفي وقت يحذر يعقوب من كارثة بيئية، يصف مكتب شؤون الإصحاح البيئي في بلدية الكفرة وضع الأماكن التي يمكث فيها النازحون بأنه "كارثي على صعيد النظافة والتهوية وأماكن إعداد الطعام".
ولا يستبعد مكتب الإصحاح تفشي الأمراض بشكل واسع جراء تكدّس القمامة والمخلفات البشرية في أماكن وجود المهجرين، والذي يشكل بيئة خصبة لانتشار الأمراض.
وطالبت حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس العالم والمنظمات الدولية بضرورة المشاركة في تقديم دعم للمهجرين السودانيين في الكفرة، باعتبار أن أزمتهم إقليمية وليست ليبية، كما أصدرت أخيراً تعليمات الى كافة المكاتب والإدارات والجهات التابعة لوزارة الصحة بالتواصل مع السلطات الصحية في مدينة الكفرة من أجل تذليل كافة الصعوبات. وأشارت الى أن فرق مركز طب المناطق الحارّة والمركز الوطني لمكافحة الأمراض ومركز طب الطوارئ والدعم توجهت الى الكفرة لتقييم الوضع الصحي فيها.

يتوقع تزاد النازحين السودانيين في الكفرة خلال الشهرين المقبلين (محمود تركية/ فرانس برس)
يتوقع تزايد المهجرين السودانيين في الكفرة خلال الشهرين المقبلين (محمود تركية/ فرانس برس)

وأوضحت الحكومة أن الفرق التي وصلت إلى الكفرة أطلقت حملات لتطعيم وتحصين العديد من المهجرين ضد الأمراض السارية والمتوطنة، وبدأت في تنظيم حملات لفحص وعلاج أعداد كبيرة من المهجرين بالتعاون مع السلطات الصحية بالمدينة.
وتؤكد الحكومة أنها تتابع الوضع في الكفرة عن كثب وفي شكل دائم، وتنسّق مع الجهات المحلية بالمدينة، وتسعى إلى ربط العديد من المنظمات الدولية بالوضع في المدينة من أجل تجنّب حدوث أي طارئ، لكن يعقوب يشدد على ضرورة أن تضطلع الشركات التابعة للدولة بدورها، مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي، لأن "الحاجة ملحة لدعم الوضع في المدينة".
وفيما تعتبر الأرقام المعلنة لأعداد النازحين بالمدينة تقديرية، يؤكد يعقوب صعوبة حصر النازحين بسبب استمرار تدفقهم على المدينة، وتوقع ارتفاع عددهم في شكل كبير وصولاً إلى 3 آلاف نازح يومياً مع استقرار الطقس نسبياً في الشهرين المقبلين. ويقول: "في ظل النقص الحاد في الإمكانيات لن تستطيع سلطات المدينة استقبال أكثر من 500 نازح يومياً وإخضاعهم لكشف صحي، بينما يبلغ عدد المتقدمين للكشف الصحي أكثر من 4 آلاف يومياً.
وكان ممثلون لمنظمة الصحة الدولية وبعثة الأمم المتحدة في ليبيا زاروا المدينة لتقييم الوضع، وتعهدوا بتقديم الدعم اللازم، لكن الناشط في مجال الإغاثة أنور الزوي يقول لـ"العربي الجديد" إن المنظمتين وغيرهما "لم تقدم إلا فتات من الدعم، مثل أغطية وفرشات وغيرها وأخرى لا علاقة لها بالوضع الصحي مثل الدواء والكوادر الطبية اللازمة".

ويتحدث عن "تأثير الانقسام الحكومي في البلاد على وصول الدعم، إذ قررت حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس تخصيص ميزانية طوارئ لمدينة الكفرة، لكن أي شيء لم يصل منها بسبب خلافاتها مع حكومة بنغازي التي تتبع الكفرة لها. 
يتابع: "لم تحصل بلدية الكفرة إلا على مبلغ 300 ألف دينار ليبي (62 ألف دولار) من الحكومتين، وهذه القيمة المالية قليلة جداً مقارنة بحجم التحديات في الكفرة".
ويرى الزوي الى أن "عدم قدرة البلدية على إجراء الكشوفات اللازمة للمهجرين بسبب تزايد عددهم يعني أن تفشي الأمراض سيشكل تحدياً كبيراً في المستقبل القريب، كما أن انتشار أكوام القمامة وعدم توفر المراحيض يخلق تحدياً بيئياً قد يزيد تعقيدات الوضع الصحي المتدهور أصلاً".

المساهمون