ليبيا: انقسام إزاء اعتقال مجموعة تشهّر بـ"الخونة العاطفيين"

13 ديسمبر 2023
زاد سخط الشباب الليبيين على مجموعات نسائية (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، تداول ناشطون ومدوّن نبأ إلقاء جهة أمنية القبض على امرأة تدير منصة على "فيسبوك" تحمل اسم "اعرفي ضرتك" التي كانت أنشأتها عام 2019، وانبثقت عنها مجموعات أخرى بعضها مغلق وتحمل الاسم نفسه، وتمارس نشاطها في مدن ليبية عدة.

وأظهر اسم المنصة ومنشوراتها أنه جرى تخصيصها في الأساس لمنح الفتيات فرصة الحصول على معلومات عن شبان يحاولون التعرف عليهن، أو التقدم لخطبتهن، وأن استفسارات الفتيات تشمل التجارب العاطفية السابقة التي عاشها الرجل، أو احتمال زواجه في السابق أو حالياً. 
وفي شأن آلية عمل المنصة دأبت الفتيات على إرسال صور الشباب إلى مشرفة المجموعة التي تختار نشرها أو لا. واستغلت بعض المشاركات في المجموعة كوسيلة لنشر دعايات حول منتجات نسائية مثل أنواع من الحناء ومساحيق تجميل وملابس وعطور، لكن ما أغضب شباناً كثيرين نشر صورهم أو صور أصدقاء وأقارب لهم للتشهير بهم، أو التشكيك في سلوكهم من دون إذن أو حق، خاصة أن منشورات وحتى تعليقات كثيرة خرجت في كثير من الأحيان عن الآداب العامة، ووجهت أحياناً اتهامات سيئة بارتكاب خيانات زوجية أو ممارسات جنسية.

كما نشرت بعض الفتيات صور شباب لمجرد التعرف عليهم وعلى صفاتهم من دون معرفة سابقة. وفي الفترة الأخيرة زاد سخط الشباب على هذه المجموعات في منصات التواصل الاجتماعي، وتناولت الانتقادات التحذير من مشاكل اجتماعية بين الأزواج بسبب صور وتعليقات على هذه المجموعات.
ويقول إبراهيم الجمل لـ"العربي الجديد": "تسببت مجموعة اعرفي ضرتك على فيسبوك في مشكلة كبيرة ببيت أخي بعد نشر صورة له مع شخصية مجهولة للتعرف عليه فشكّت زوجته بعلاقته مع امرأة أخرى، وهو ما نفاه أخي بشدة، لكن زوجته لم تصدق، وعادت مع طفليهما إلى بيت والدها وطلبت إنهاء العلاقة الزوجية. ولولا تدخل بعض الخيرين لحصل طلاق وتشردت الأسرة، لكن علاقتهما لم تعد مثل السابق. لقد تشوهت سمعة أخي من دون أي دليل أو مبرر، والسبب صفحات التواصل الاجتماعي التي تثير الفتنة".

اعتقال جهات مجهولة صاحبة المنصة النسائية خطأ بعد خطأ (حازم تركية/ الأناضول)
اعتقال جهات مجهولة صاحبة المنصة النسائية خطأ بعد خطأ (حازم تركية/الأناضول)

وقد أشاد شبان بخبر القبض على المرأة التي تدير منصة "أعرفي ضرتك"، في مقابل اعتراض ناشطات اعتبرن أن إنشاء هذه المجموعات على منصات التواصل الاجتماعي حق لأي فتاة تريد معرفة إذا كان من تقدم للزواج منها له علاقات سابقة أو حالية. وظهرت موجات التأييد والاعتراض بعد تداول مقطع فيديو أظهر صاحبة منصبة "اعرفي ضرتك" تبكي داخل غرفة ذات أضواء خافتة، في وقت تولى رجال غير ظاهرين في المقطع استجوابها حول غرضها من نشر صور شباب والتشهير بهم في منصة "أعرفي ضرتك" التي تتمتع بشعبية كبيرة لدى عدد كبير من الفتيات في ليبيا. 
ولم تُكشف الجهة الأمنية التي قبضت عليها ولا سبب الاعتقال، في حين كتبت صديقات لصاحبة المنصة أنهن وجهن تحذيرات لها في شأن مضمون منشورات المنصة، ونقلن إليها معلومات عن تعرض كثير من الشباب لمشاكل اجتماعية، لكنها أصرّت على مواصلة نشاطها. 

ورغم أن المدافعات عن صاحبة المنصة يبررن نشاطها بحماية الفتيات من تلاعب الشباب بهن، يرى الباحث في مؤسسات الرعاية الاجتماعية بالهيئة العامة للضمان الاجتماعي، العماري سرتية، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "شعار المجموعة لم يخدم هذا الغرض، بل بالغت في تطبيقه حتى بات استمرارها غير ممكن". هذا لا يعني أبدأ تأييد الخيانات الزوجية أو تلاعب الشباب بالفتيات، لكن إصلاح أي خلل في هذه الجوانب لا يبدأ بالتشهير". ويستدرك بأن "المجتمع الليبي لا يخلو من المشاكل الأسرية الاجتماعية الخاصة، لكنها تحل عائلياً أو قضائياً، ولا تكشف أمام الملأ".

من جهته، يؤكد رمزي المقرحي معارضته فكرة وجود منصات تنجرف إلى التشهير ونشر الصور، لكنه يبدي قلقه من القبض على صاحبة منصة "اعرفي ضرتك"، ويقول لـ"العربي الجديد": "لا تعالج الأخطاء بأخطاء، وهذا ما فعلته الجهة التي قبضت على صاحبة المنصة من دون توضيح إذا كان الاعتقال حصل عبر تطبيق إجراءات قانونية وبإذن من النيابة العامة، ومن قبل جهة تملك سلطة الضبط القضائي، كما نجهل مكان وظروف إقامة صاحبة المنصة حالياً".

المساهمون