الحرب في السودان: ثلثا الشعب لا يتلقون الرعاية الصحية

09 اغسطس 2024
نازحون سودانيون في عيادة خاصة بسوء التغذية، 18 يونيو 2024 (غي بيترسون/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **الوضع الصحي والإنساني في السودان:** ثلثي الشعب السوداني غير قادرين على الذهاب إلى المستشفى أو مراجعة طبيب بسبب الصراع المستمر، مما يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية. يواجه آلاف الأشخاص المجاعة، مما دفع منظمة الصحة العالمية لدعم نداء الأمم المتحدة لمجلس الأمن الدولي للمساعدة في إيجاد حل سلمي ودائم.

- **تفاقم المجاعة وانهيار الرعاية الصحية:** يعاني 26 مليون شخص من الجوع الحاد، مع انهيار نظام الرعاية الصحية وتحذيرات من تفشي المجاعة في مخيم زمزم بولاية شمال دارفور، حيث يموت طفل كل ساعتين بسبب سوء التغذية.

- **النزوح والتأثيرات الاجتماعية:** أجبرت الحرب أكثر من عشرة ملايين شخص على الفرار من منازلهم، مع نزوح 726 ألف شخص في ولاية سنار وحدها. الحرب خلفت نحو 18,800 قتيل، وجيلاً كاملاً من الأطفال يفوّت سنة ثانية من التعليم، مع زيادة مخاطر الإصابة بالكوليرا والأمراض المنقولة بالمياه.

وسط الأزمة الإنسانية الكبرى التي خلّفتها الحرب في السودان منذ نحو 16 شهراً، كشف المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس أنّ "ثلثي الشعب السوداني غير قادرين على الذهاب إلى المستشفى ولا مراجعة طبيب بسبب الصراع المستمر". أضاف المسؤول الأممي، في تدوينة نشرها على موقع إكس أمس الخميس، أنّه "علاوة على ذلك، يواجه آلاف الأشخاص المجاعة".

وإلى جانب إضاءة غيبريسوس على عدم قدرة السودانيين على الحصول على الرعاية الصحية اللازمة، التي تأتي أشبه بتحذير، أشار إلى أنّ منظمته تؤيّد النداء الذي وجّهه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، إلى مجلس الأمن الدولي من أجل "المساعدة في إيجاد حلّ سلمي ودائم لمصلحة السودانيين".

في ندائه الأخير المؤرّخ في السادس من أغسطس/ آب الجاري، شدّد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية على أنّ الوضع الإنساني في السودان كارثي بصورة قاطعة، ولا سيّما أنّ 26 مليون شخص يعانون من الجوع الحاد. وفي محاولة لتوضيح الصورة، أشار المكتب الأممي إلى أنّ هذا يساوي ثلاثة أضعاف مدينة نيويورك مليئة بالأسر الجائعة والأطفال الذين يعانون من سوء التغذية. كما تناول انهيار نظام الرعاية الصحية في السودان.

تجدر الإشارة إلى مخاوف من تفشّي المجاعة في السودان، تعبّر عنها أكثر من وكالة تابعة للأمم المتحدة وأكثر من منظمة دولية تُعنى بالإغاثة أو الصحة أو الحقوق. يأتي ذلك خصوصاً بعدما أعلنت لجنة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي المدعومة من الأمم المتحدة، في الأول من أغسطس الجاري، أنّ الحرب في السودان تسبّبت في مجاعة بمخيم زمزم الذي يؤوي نحو نصف مليون نازح في ولاية شمال دارفور، غربي البلاد. وفي هذا الإطار، رجّحت لجنة مراجعة المجاعة أن تكون ظروف المجاعة تُسجَّل أيضاً في مخيمات نازحين أخرى في المنطقة.

وبحسب ما جاء في نداء مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، فإنّ منظمة أطباء بلا حدود كانت قد حذّرت قبل نحو ستّة أشهر من تفاقم الأوضاع في مخيم زمزم، حيث بيّنت أنّ طفلاً واحداً يقضي كلّ ساعتَين بسبب سوء التغذية. ورأى المكتب الأممي أنّ إعلان المجاعة في المخيم الواقع بولاية شمال دارفور "ينبغي أن يصعقنا"، "لأنّ المجاعة عندما تحدث، يعني هذا أنّنا تأخّرنا كثيراً"، كما "يعني أنّنا لم نقم بما يكفي" للحؤول دون ذلك. وأكمل: "هذا يعني أنّنا، المجتمع الدولي، فشلنا"، قبل أنّ يشدّد على أنّ "هذه الأزمة التي من صنع الإنسان بالكامل تمثّل وصمة عار على ضميرنا الجماعي".

الحرب في السودان تخلّف أزمة إنسانية بلا حدود

في سياق متصل، أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأنّ أكثر من عشرة ملايين شخص أُجبروا على الفرار من منازلهم بسبب العنف والجوع والحرمان. يُذكر أنّ هؤلاء توزّعوا ما بين نازحين داخلياً ولاجئين إلى دول مجاورة. وبيّن المكتب الأممي أنّ 726 ألف شخص نزحوا في داخل ولاية سنار (جنوب شرق)، وإلى خارجها، منذ 25 يونيو/ حزيران الماضي بعد تقدّم قوات الدعم السريع إلى الولاية، الأمر الذي يعني أنّ ثلاثة أرباع مليون شخص هُجّروا في ستة أسابيع فقط.

تجدر الإشارة إلى أنّ الحرب في السودان كانت قد اندلعت في منتصف إبريل/ نيسان 2023 ما بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وخلّفت نحو 18 ألفاً و800 قتيل بحسب البيانات الأخيرة التي أصدرتها الأمم المتحدة.

من جهة أخرى، ضمّن المكتب الأممي نداءه أنّ "جيلاً كاملاً من الأطفال يفوّت سنة ثانية على التوالي من تعليمه". وأكمل أنّ "الخرطوم، عاصمة السودان، التي كانت ذات يوم قلب البلاد النابض، صارت خراباً". ولم تفت المكتب الإشارة أيضاً إلى الأمطار الغزيرة التي تسبّبت في سيول أغرقت الأحياء السكنية ومواقع النزوح في الأسابيع الأخيرة، بما في ذلك في ولايتَ كسلا (شرق)، وشمال دارفور (غرب)، ولا سيّما أنّ الأمر "زاد مخاطر الإصابة بالكوليرا والأمراض المنقولة بالمياه".

يُذكر أنّ هذا بعض ممّا تضمّنه النداء الأخير الذي أطلقه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية وناشد من خلاله مجلس الأمن الدولي "التحرّك العاجل من أجل مكافحة المجاعة" في السودان، علماً أنّه تضمّن عرضاً مفصّلاً للأزمة الإنسانية التي توصف بأنّها بلا حدود.

المساهمون