منذ ساعات الصباح الأولى، شهدت مناطق برج الشمالي والحوش والمعشوق في قضاء صور، جنوبي لبنان، حالة هلع ونزوح بين السكان الذين لا يزالون في بيوتهم، بعد توجيه إنذارات لهم بالإخلاء من قبل المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي. يُذكر أن مخيم برج الشمالي يقع في منطقة برج الشمالي، فيما يقع تجمع المعشوق بالقرب من منطقة برج الشمالي، ويعيش فيه حوالي 3000 لاجئ فلسطيني.
وتوجه عدد كبير من النازحين إلى مخيم البص الواقع على مسافة 1،5 كيلومتر إلى الجنوب من صور، علماً أن الاحتلال استهدف منزلاً في المخيم ليل أمس، ما أدى إلى استشهاد ثلاثة أشخاص وجرح آخرين. ويقول المسؤول في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في مخيم البص، وعضو اللجنة الشعبية في المخيم، يحيى عكاوي: "بعد الإنذارات التي وجهها الناطق باسم جيش العدو أفيخاي أدرعي بالإخلاء، شهد مخيم البص نزوحاً نحوه من مخيم برج الشمالي والمساكن والمعشوق. ورغم أن مخيم البص قد تعرض للقصف عند منتصف الليل، غير أن سكان هذه المناطق توجهوا إليه. بادرنا إلى التوجه نحو شارع المدارس في المخيم للعمل على فتحها بعدما تواصلنا مع أمين سر اللجان الشعبية خليل نصار، بهدف إيواء النازحين، علماً أننا لم نكن قد فتحنا المدارس أمام النازحين على اعتبار أن المخيم غير آمن".
يضيف أن "أحد الأشخاص في مركز الأخوة الموجود في المخيم بادر إلى فتحه واستقبال عدد من النازحين. وعلى الفور، شكلنا لجنة من أهالي المعشوق الذين نزحوا بهدف إيوائهم"، لافتاً إلى أنهم "يعتبرون نزوحهم مؤقتاً إلى حين تدبر أمورهم أو معرفة ما الذي سيحل بهم".
ويقول أحد العاملين في مركز الأخوة، الذي رفض ذكر اسمه لضرورات العمل، وهو من سكان المعشوق ويعمل في مخيم البص: "بعد الإنذار الذي وجه لأهالي برج الشمالي والمعشوق والحوش، خاف الناس ونزحوا إلى مخيم البص، وتوجهوا نحو مركز الأخوة الذي كان مقفلاً. توجهت إلى زميلة معنا بالعمل وأحضرت منها المفتاح، واستقبلنا خمسة عشر عائلة، من نساء ورجال وأطفال، بالتنسيق مع الفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية في المخيم".
يتابع أن "بعض النازحين سيعودون إلى بيوتهم بعد انتهاء التهديد، علماً أن الناس استيقظوا على صوت رصاص الإنذار، بهدف إخلاء المناطق التي شملها التهديد".
من جهتها، تقول مريم دحويش التي تقيم في مخيم برج الشمالي: "استيقظتُ وأولادي على صوت الرصاص خائفين، لنكتشف أن المتحدث باسم جيش الاحتلال أنذر بعض المناطق بالإخلاء ومن ضمنها برج الشمالي. أيقظت أولادي الأربعة من النوم على الفور، وطلبت منهم حمل ما يستطيعون حمله، لنتوجه نحو مخيم البص. حملت حقيبة فيها بعض الملابس وأوراقنا الثبوتية كنت قد جهزتها في وقت سابق تحسباً لأي أمر طارئ، لأننا مهددون في أية لحظة".
تضيف: "وصلنا إلى مخيم البص حيث تم استقبالنا، وننتظر حتى تنجلي الأمور لنعلم ما الذي في إمكاننا فعله. بداية، لم ننزح من المخيم لأن ليس هناك مكان نذهب إليه، ولم تكن قد وجهت إلى المخيم إنذارات بشكل مباشر، علماً أننا لسنا بأمان في المخيم. العدو يستهدف الأماكن التي حولنا. رغم ذلك، بقينا في المخيم لأن وضعنا الاقتصادي لا يسمح لنا بترك منازلنا. البقاء في المنزل أفضل. لكن عندما تم تهديدنا بشكل مباشر، اضطررنا إلى النزوح".
من جهته، يقول أبو علي (70 عاماً) النازح من منطقة المعشوق: "لم أفكر في ترك منزلي. لكن تحت وطأة التهديد، اضطررت إلى تركه والتوجه إلى مخيم البص، علماً أنه ليس الأكثر أماناً بالنسبة لنا. لكن ما حصل صباحاً من خوف وهلع جعلنا نبحث عن المكان الأقل استهدافاً، علماً أنه تم استهدافه منتصف ليل أمس". يتابع: "أنا رجل كبير بالسن ومريض وأحتاج إلى أن أكون في منزلي. لذلك، ومنذ بداية العدوان، فضلت البقاء في منزلي على الرغم من أصوات القصف التي تطال الأماكن القريبة منا وحولنا. النزوح صعب، خصوصاً للمرضى. اضطررت إلى المجيء إلى مخيم البص بعد إلحاح ابني علي، لكن عندما تنتهي التهديدات سأرجع إلى بيتي".