تُعَدّ "حالة الطوارئ الصحية العامة التي تثير قلقاً علمياً" أعلى مستوى تأهّب على مقياس منظمة الصحة العالمية في تعاملها مع تفشّي مرض ما على مستوى العالم. وقد أعلنت المنظمة الأممية، اليوم السبت، أنّ ازدياد الإصابات بجدري القرود بات يشكّل حالة الطوارئ هذه، وذلك بعدما أجرى الخبراء مراجعة للوضع في خلال جلسة عقدتها لجنة طوارئ قبل يومَين.
"حالة الطوارئ الصحية العامة التي تثير قلقاً عالمياً"
حُدّدت شروط هذا الإعلان في "قواعد الصحة الدولية 2015"، وهو إطار العمل القانوني الذي يحدّد الحقوق والواجبات للتعامل مع الأحداث المرتبطة بالصحة العامة التي قد تكون عابرة للحدود. وتُعرَّف "حالة الطوارئ الصحية العامة التي تثير قلقاً عالمياً" في هذه القواعد بأنّها "حدث استثنائي يُحدَّد أنّه يشكّل خطر صحة عامة بالنسبة إلى دول أخرى عبر الانتشار الدولي للمرض ويستدعي في نهاية المطاف استجابة دولية منسّقة".
ويدلّ التعريف على أنّ الوضع خطر ومفاجئ وغير معهود أو متوقّع، ويحمل تداعيات على الصحة العامة تتجاوز حدود البلد المتأثّر، وقد يستدعي تحرّكاً عالمياً فورياً.
🚨 BREAKING:
— World Health Organization (WHO) (@WHO) July 23, 2022
"For all of these reasons, I have decided that the global #monkeypox outbreak represents a public health emergency of international concern."-@DrTedros pic.twitter.com/qvmYX1ZBAL
لجنة الطوارئ
يترأس جان-ماري أوكو بيلي لجنة الطوارئ المؤلّفة من 16 عضواً والمعنية بجدري القرود، وهو من جمهورية الكونغو الديمقراطية وكان مديراً لقسم التحصين واللقاحات في منظمة الصحة العالمية. وتضمّ اللجنة علماء فيروسات ومتخصصين باللقاحات وعلماء أوبئة وخبراء في مكافحة الأمراض الرئيسية. ويشارك في رئاستها نيكولا لو، الأستاذ المساعد في علم الأوبئة والصحة العامة من جامعة برن.
والأعضاء الـ14 الآخرون، إلى جانب أوكو بيلي ولو، هم من مؤسسات في البرازيل وبريطانيا واليابان والمغرب ونيجيريا وروسيا والسنغال وسويسرا وتايلاند والولايات المتحدة الأميركية. كذلك يشارك في الاجتماعات ثمانية مستشارين من كندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب أفريقيا والسويد وسويسرا والولايات المتحدة الأميركية.
القرار الأممي
زوّدت لجنة الطوارئ المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس بتقييم يخصّ مخاطر جدري القرود على صحة الإنسان وخطر الانتشار الدولي وخطر التدخّل في حركة المرور الدولية. وقال غيبريسوس، اليوم السبت، إنّ الخبراء لم يتوصّلوا إلى توافق بشأن رفع حالة التأهب القصوى أم لا، لذلك كان عليه هو كمدير عام للمنظمة أن يقرّر بنفسه.
ست حالات سابقة أعلنت فيها حالة الطوارئ الصحية العالمية
أعلنت منظمة الصحة العالمية عن "حالة الطوارئ الصحية العامة التي تثير قلقاً عالمياً" ستّ مرّات:
- في إبريل/ نيسان 2009 مع إنفلونزا "إتش1 إن 1" التي عُرفت باسم إنفلونزا الخنازير. وكان الوباء قد رُصد للمرّة الأولى في المكسيك، ثمّ انتشر بسرعة في كلّ أنحاء الولايات المتحدة الأميركية وبقيّة العالم.
- في مايو/ أيار 2014 مع فيروس شلل الأطفال. وقد أُعلنت الحالة بعد ارتفاع إصابات شلل الأطفال البرّي والإصابات الناجمة عن فيروس شلل الأطفال المشتقّ من اللقاح. ويُعَدّ شلل الأطفال حالة الطوارئ الوحيدة التي ما زالت قائمة، إلى جانب كوفيد-19.
- في أغسطس/ آب 2014 مع إيبولا. تفشّى المرض في غرب أفريقيا وتمدّد لينتشر في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية.
- في فبراير/ شباط 2016 مع فيروس زيكا. بدأ الوباء في البرازيل وأثّر بشدة على الأميركيّتَين. وهو حالة الطوارئ الوحيدة الخاصة بفيروس ينقله البعوض.
- في يوليو/ تموز 2019 مع إيبولا. أُعلنت المرحلة الثانية من حالة الطوارئ الخاصة بإيبولا في خلال فترة تفشّي المرض في كيفو شرقي جمهورية الكونغو الديمقراطية.
- في يناير/ كانون الثاني 2020 مع كوفيد-19. أُعلنت الحالة عندما كانت الإصابات العالمية دون 100، ومن دون رصد وفيات في خارج الصين، حيث منشأ فيروس كورونا الجديد (سارس-كوف-2).
إحباطات كوفيد-19
جاء إعلان "حالة الطوارئ الصحية العامة التي تثير قلقاً عالمياً" المرتبطة بكوفيد-19 بعد الاجتماع الثالث للجنة الطوارئ بشأن انتشار فيروس كورونا الجديد (سارس-كوف-2). وخلصت اجتماعات 22 و23 يناير/ كانون الثاني من عام 2020 إلى أنّ تفشّي المرض لا يشكّل حالة طوارئ صحية عالمية.
وعلى الرغم من إعلان "حالة الطوارئ الصحية العامة التي تثير قلقاً عالمياً" في 30 يناير، فإنّ المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس لم يصف الوضع المتدهور بأنّه جائحة إلا بعد 11 مارس/ آذار، الأمر الذي دفع بلداناً عديدة إلى دقّ ناقوس الخطر. وما زالت الاستجابة العالمية البطيئة تثير القلق في أروقة منظمة الصحة العالمية وتطرح تساؤلات حول ما إذا كان نظام "حالة الطوارئ الصحية العامة التي تثير قلقاً عالمياً" بموجب اللوائح الصحية الدولية يحقّق الهدف المرجوّ منه.
وبحلول 11 مارس، ارتفع عدد الإصابات في خارج الصين ورُصدت أكثر من 118 ألف إصابة في 114 دولة، فيما فقد 4291 شخصاً حياتهم بعد قفزة في الوفيات بإيطاليا وإيران. وكان المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية مايكل راين قد قال في الذكرى الثانية لإعلان الجائحة إنّ "التحذير في يناير كان أكثر أهمية بكثير من الإعلان في مارس". أضاف "لم يستمع الناس. كنّا نقرع الجرس ولم يتحرّك الناس".
(فرانس برس)