طالبت عوائل أسرى مرضى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، لا سيما المصابون بفيروس كورونا، خلال اعتصام ووقفة وسط مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، اليوم الأحد، بتحرّك محلي ودولي لمتابعة أوضاع الأسرى المرضى، والسماح لذويهم بالاتصال بهم، في ظلّ وصول أعداد المصابين بالفيروس بين صفوف الأسرى إلى 335 مصاباً، منذ بداية انتشار الوباء في السجون في إبريل/ نيسان من العام الماضي.
ونظّمت القوى والفعاليات الوطنية والشعبية في رام الله وقفة لمساندة الأسرى، ظهر اليوم الأحد، على دوار المنارة في المدينة، في ظلّ الارتفاع المتواصل والخطير في أعداد المصابين بالفيروس بين الأسرى، وتردّي الأوضاع الصحية للأسرى المرضى وسياسة الإهمال الطبي في السجون.
ومن بين الحضور ابنا الأسيرين خالد غيظان (59 عاماً) وفؤاد الشوبكي (82 عاماً)، إذ أصيب الأول بفيروس كورونا ويواجه وضعاً صحياً صعباً وهو من بلدة قبيا، غرب رام الله، وأحد محرّري صفقة تبادل الأسرى عام 2011 المعاد اعتقالهم عام 2014، بعد أن كان قد أمضى 16 عاماً في السجون، فيما أكدت عائلة الشوبكي، أكبر الأسرى سناً، أنّ الأنباء الواردة عن صحته متضاربة.
وطالب طارق، نجل الأسير غيظان، خلال كلمة له في الوقفة، "جهات الاختصاص، وعلى رأسها الصليب الأحمر الدولي، بالقيام بدور حقيقي في متابعة أوضاع المرضى والسماح لهم بالاتصال بعائلاتهم التي تعيش حالة من القلق، والكفّ عن المماطلة بتوفير الإجراءات الوقائية وتوفير العلاج اللازم، ومواجهة سياسة الإهمال الطبي التي يتبعها الاحتلال مع الأسرى".
ولا يترك القلق عائلة غيظان، في ظلّ المعلومات الشحيحة التي تصلها عن وضع الأسير الصحي، كما قال نجله لـ"العربي الجديد" على هامش الوقفة. وأكّد طارق غيظان أنّ العائلة قلقة بعد أن علمت بنقل الأسير خالد، الأربعاء الماضي، ليلاً إلى المستشفى وإعادته إلى السجن فجر اليوم التالي. وأشار إلى أنّ المعلومات المتوفّرة تفيد بإبقائه في السجن لقرابة خمسة أيام وهو يعاني من ارتفاع في درجة الحرارة، إذ لم يتم نقله للمستشفى إلّا بعد تعرّضه لنقص حاد في الأكسجين لتتم إعادته بعدها للحجر في السجن.
وأكّد طارق غيظان أنّ الفيروس انتقل للأسرى عبر أحد الضباط الإسرائيليين داخل سجن ريمون، ليصل إلى والده الذي يعاني من مرض السكري. وطالب بحقّه كأيّ إنسان بأخذ العلاج اللازم.
أمّا حازم، ابن شيخ الأسرى اللواء فؤاد الشوبكي، الذي اعتُقل عام 2006 ويبلغ من العمر 82 عاماً، فيقول إنّ والده يعاني من أمراض عدّة منها سرطان البروستات والجفاف في العين. وطالب في كلمة له السلطة الفلسطينية والهيئات الحقوقية بالتدخل لإطلاق سراحه، ومعرفة مصيره عبر إرسال محامين أو أطباء للاطمئنان عنه، والتدخل الفوري لإنهاء غطرسة الاحتلال بحق الأسرى والمرضى منهم بأسرع وقت. كذلك أشار إلى أنّ والده نُقل مؤخراً إلى مستشفى بئر السبع لإجراء عملية في عينه، وتمّ الحديث بعدها عن إصابته بفيروس كورونا، وتحويله للحجر دون معرفة العائلة لمصيره، في ظلّ تضارب الأنباء عن إصابته من عدمها، معرباً عن قلقه الشديد على وضعه الصحي.
من جانبه، اعتبر سكرتير لجنة العلاقات الخارجية في الهيئة العليا لمتابعة شؤون الأسرى والمحررين ومنسق الفصائل الفلسطينية في رام الله، عصام بكر، في حديثه مع "العربي الجديد"، أنّ الوضع في السجون في غاية الخطورة. وأشار إلى أنّ التحرّكات الجماهيرية تنبع من خطورة وضع الأسرى المرضى، حيث لم يفِ الاحتلال بالتزاماته تجاه الأسرى ضحايا الإهمال الطبي المتعمد، وخصوصاً المصابين بفيروس كورونا.
وكرّر بكر المطالبات الفلسطينية بإرسال لجنة تحقيق ولجنة تقصي حقائق إلى سجون الاحتلال، بإشراف دولي محايد من المؤسسات الحقوقية للوقوف على إيفاء الاحتلال بالتزاماته تجاه الأسرى الذين تمّ عزلهم بعد اقتراب عدد المصابين من 350 أسيراً منذ بداية الوباء، محملاً الاحتلال المسؤولية عن حياتهم.
وحول إمكانية اعتبار إعطاء الاحتلال قسماً كبيراً من الأسرى للقاح المضاد لفيروس كورونا تحقيقاً لتلك الالتزامات، قال بكر: "إنّ اللقاح أعطي بعد مماطلة وتسويف كبيرين، دون إشراف طبي دولي على تلك العملية. ربما إسرائيل في التجارب السابقة كانت تستخدم أجساد الأسرى للتجارب، لا ثقة بكل ما تقوم به دولة الاحتلال ومن هنا تأتي أهمية المطالبة بلجان دولية محايدة طبية وحقوقية للوقوف عن كثب على حقيقة ما يجري، وإعطاء اللقاحات والإهمال الطبي".
وكانت اللجنة الوطنية العليا لإنقاذ حياة الأسرى المرضى، المشكّلة من مؤسسات الأسرى ووزارة الصحة الفلسطينية، قد طالبت الأربعاء الماضي، خلال مؤتمر صحافي، مؤسسات المجتمع الدولي بالضغط على حكومة الاحتلال لإنقاذ حياة الأسرى المرضى والإفراج عنهم في ظل تصاعد انتشار العدوى بفيروس كورونا. وطالبت اللجنة منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر بترتيب زيارة إلى السجون للاطمئنان على وضع الأسرى المرضى، وتشكيل لجنة دولية محايدة تتابع أوضاع الأسرى في السجون وتشرف على إعطائهم اللقاحات.