بدأت في الدوحة، اليوم الثلاثاء، أعمال المنتدى الوطني الثاني للجنة الوطنية لحقوق الإنسان، والذي يستمر ليومين، ويعقد تحت عنوان "حقوق الإنسان للأشخاص ذوي الإعاقة: حماية، تمكين".
ويسعى المنتدى الذي تشارك فيه العديد من الجهات الحكومية والخاصة المعنية بقضايا حقوق الإنسان، إلى إبراز جهود دولة قطر في مجال حماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بعد سنوات من العمل المنظم في هذا المجال، وعرض الجهود التي قامت بها الجهات المعنيَّة بالإعاقة في المجالات الصحية والتعليمية والثقافية والاقتصادية، وغيرها. فضلاً عن السعي إلى إبداع الحلول العلمية القائمة على منظور حقوق الإنسان في توجيه طاقات ذوي الإعاقة، وإدماجهم في المجتمع، إعمالاً لأهداف التنمية المستدامة.
كما يسعى إلى خلق ثقافة عامة لدى المجتمع القطري في تقبّل واحترام حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بوصفهم جزءاً لا يتجزأ من المجتمع وكيانه الإنساني وتنميته المستدامة، أسوة بالآخرين، وعلى قدم المساواة معهم.
وسلّطت رئيسة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، مريم العطية، في كلمة ألقتها في الافتتاح الضوء على بعض الممارسات الجيدة التي أقرتها دولة قطر في مجال حماية حقوق الإنسان للأشخاص ذوي الإعاقة، وفي مقدمتها إقامة أول بطولة لكأس العالم لكرة القدم عام 2022 تكون صديقة لذوي الإعاقة، وتمكينهم من التمتع بالحق في الرياضة. فضلاً عن دعم دولة قطر الجهود الدولية المعنية بحماية حقوق ذوي الإعاقة، بما في ذلك إصدار إعلان الدوحة لتعزيز حقوقهم حول العالم عام 2019، والذي يعتبر إطاراً مرجعياً لدمجهم في خطط التنمية المستدامة لعام 2030.
وقالت العطية: "إنه على مدار عقدين من الزمن ساهمت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، إلى حد كبير، في تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة، ودفعت المؤسسات المعنية كافة بهم إلى إقرار التشريعات وانتهاج السياسات ووضع البرامج الهادفة إلى منع التمييز القائم على أساس الإعاقة، لكنها لفتت إلى أن العديد من ذوي الإعاقة يواجهون حواجز تحول دون مشاركتهم كأفراد متساوين في المجتمع مع غيرهم، معتبرة أن ذلك مرده إلى النظرة السلبية التقليدية التي تنظر إليهم بوصفهم مجرد متلقين للأعمال الخيرية أو الرعاية الطبية.
ويعتبر القانون رقم 2 لسنة 2004 بشأن ذوي الاحتياجات الخاصة، والذي أقر قبل اعتماد اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، الناظم لحماية حقوق الأشخاص المعوقين في قطر، وقدّمت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان عام 2015 وجهة نظرها الهادفة إلى مواءمته مع أحكام الاتفاقية المذكورة، فقد أصبحت مواءمة هذا القانون حاجة وطنية ملحة من أجل حماية مجموعة الحقوق الواردة في الاتفاقية الدولية.
من جهتها، أكدت وكيلة الوزارة المساعدة لشؤون الأسرة في وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة شيخة بنت جاسم آل ثاني، أنّ الوزارة أولت اهتماماً كبيراً بذوي الإعاقة، وقد سعت ولا تزال لتقديم خدمات وبرامج عالية الجودة لهذه الفئة، كما عملت على تأمين مشاركتهم في جميع نواحي التنمية الشاملة، معتبرة أنهم شركاء فعالون في بناء مستقبل قطر.
وعرضت عضو مجلس إدارة الجمعية القطرية لتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة، عائشة المناعي، في كلمتها واقع ذوي الاحتياجات الخاصة في قطر، داعية إلى تطوير قانون ذوي الإعاقة ليلبي احتياجات هذه الفئة، وأن يكون عنوان المنتدى الوطني الثالث لحقوق الإنسان، حول قدرات ومواهب الأشخاص ذوي الإعاقة، بحيث يشارك الجميع في اكتشاف مواهبهم وصقل قدراتهم باعتبارهم أشخاصاً ملهمين.
وكان الأمين العام للجنة الوطنية لحقوق الإنسان، سلطان الجمالي، قد كشف في تصريحات صحافية سابقة، أن المنتدى يقوم على فكرة أن تكون المشاركة الأساسية في تقديم الأوراق والمداخلات للأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم والمنظمات التي تمثلهم؛ بوصفهم أصحاب المصلحة الأساسيين المعنيين بتحدي الإعاقة، كما سيوفَّر المنتدى على مدى يومين مشاركة بارزة لنماذج من ذوي الإعاقة من أجل الحديث عن تجاربها، والتحديات التي واجهتها، والحلول التي ابتدعتها في طريق النجاح.
وقد أقيم إلى جانب المنتدى معرض لأعمال وأنشطة وفعاليات لمنظمات ذوي الإعاقة والشركات والمؤسسات المعنية بهم في دولة قطر؛ بهدف تعريف الرأي العام بقضية الإعاقة من منظور حقوق الإنسان.
ووفق إحصاءات رسمية، نشرت عام 2018، فإن عدد المؤسسات التي تُعنى بالأشخاص ذوي الإعاقة في قطر وصل إلى 27 مركزاً ومعهداً وجمعية، تقدم خدماتها لأشخاص مسجلين فيها، بلغ عددهم 11,086 شخصاً، بينهم 5,575 من القطريين (أي ما نسبته 50.3 بالمائة من مجموع المعوقين) و5,511 من غير القطريين (أي بنسبة 49.7 بالمائة).
وأصدرت الحكومة القطرية قوانين عدة فيما يتعلق بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، كفلت عدم التمييز ضدهم، ولدعمهم في مختلف المجالات، حيث دعمت إعادة تأهيلهم وتعليمهم، وصادقت على الاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة عام 2008، واهتمت بتخصيص نسبة 2% من الوظائف لهم.
وقالت عضو مجلس إدارة الجمعية القطرية لتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة، عائشة المناعي، لـ "العربي الجديد"، على هامش أعمال المنتدى، إن القطاع الحكومي في قطر ملتزم بتوظيف نسبة 2% من ذوي الاحتياجات الخاصة في القطاع، فيما لا زال توظيفهم في القطاع الخاص يواجه تحديات كبيرة، وترى المناعي ضرورة تطوير وتعديل قوانين تهم هذه الفئة لتواكب التغيرات التي حصلت في قطر بالسنوات الماضية.
وطالب مؤسس مدير عام مؤسسة "أصدقاء ذوي الإعاقات البصرية" في قطر، حسن خليل حجي، بضرورة تشريع قانون متكامل لذوي الإعاقة في قطر، وأكد في حديث لـ "العربي الجديد"، ضرورة التوعية والتثقيف بحقوقهم وقدراتهم في المجتمع، قائلاً إن التوعية في هذا المجال ما زالت ضعيفة وغير كافية، كما طالب برفع نسبة توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة في القطاعين الحكومي والخاص إلى 5%.