قانون لسحب الجنسية الروسية من "مواطنين جدد" تهربوا من التجنيد

13 اغسطس 2024
جندي روسي يحتفل بيوم المظليين بحديقة في موسكو (تاتيانا ماكييفا/فرانس برس)
+ الخط -

وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس الماضي، على مشروع قانون سحب الجنسية الروسية المكتسبة ممن يعزف عن تسجيل نفسه في لجان التجنيد، ليدخل القانون الذي تم تمريره بعجالة حيز التنفيذ بعد مرور أقل من عشرة أيام على مصادقة الجمعية الفيدرالية الروسية في مجلسي الدوما (النواب) والاتحاد (الشيوخ) على قانون إلزام المجنسين بتسجيل أنفسهم في لجان التجنيد وسحب الجنسية الروسية من المتخاذلين.
وجاء في المذكرة التوضيحية لتعديل قانون الخدمة العسكرية، الذي اقترحه نواب، أنه على الرغم من إلزام المواطنين الأجانب المجنسين بتسجيل أنفسهم في لجان التجنيد بمحال إقامتهم، إلا أن هناك "انتشاراً واسعاً لتنصلهم من الوفاء بالتزاماتهم العسكرية بعد التجنيس".
وأضافت  المذكرة التوضيحية: "تثير هذه الأوضاع سخطاً بين السكان، ما يؤثر سلباً على المزاج المجتمعي ويقوض مكانة مؤسسة الجنسية. التجنيس هو خطوة واعية يجب أن تنبع من النوايا الصادقة للإنسان، وإدراكه المصالح الوطنية للشعب الروسي والقيم المنصوص عليها في الدستور. يقترح مشروع القانون توحيد عمليتي تسجيل المواطن بلجان التجنيد وحصوله على الجنسية الروسية".
ويلزم قانون الخدمة العسكرية بنسخته المعدلة وزارة الداخلية الروسية بتقديم المعلومات عن الذكور الذين حرت الموافقة على منحهم الجنسية الروسية قبل إتمام إجراءات أداء القسم.

اقترح نواب في الدوما تحديد فترة الخدمة العسكرية للمجنسين بعامين

من جانبها، تعتبر رئيسة لجنة "العون المدني" المعنية بحقوق المهاجرين واللاجئين سفيتلانا غانوشكينا أن سحب الجنسية الروسية بذريعة التهرب من التجنيد يتعارض مع الدستور الروسي، وتقول لـ"العربي الجديد": "الدستور لا ينص على مثل هذه الإمكانية بصرف النظر عما إذا كان المواطن حصل على الجنسية بحكم الولادة أو التجنيس. يعكس القانون الجديد تمدد ظاهرة رهاب الأجانب حتى بين المشرعين، ويثبّت حالة عدم المساواة على مستوى التشريع. هذا الأمر يعد منحاً للجنسية للأشخاص بهدف استخدامهم علفاً للمدافع"، على حد تعبيرها.
بدوره، يرى المحامي أرام مرادوف، أن التشريع الجديد "عبثي إلى حد لا يتحمله أي منطق"، متسائلاً عن مصير من حصلوا على الجنسية الروسية قبل سنوات ولم يسجلوا أنفسهم حينها بلجان التجنيد. ويقول لـ"العربي الجديد": "التشريع الجديد القاضي بمنح وزارة الداخلية صلاحيات اتخاذ قرارات سحب الجنسية الروسية غير منطقي، فالقانون الإداري ينص على تغريم من يتخاذل عن تسجيل نفسه في لجنة التجنيد بمحل الإقامة، وهناك بالفعل مسؤولية جنائية عن التنصل من أداء الخدمة العسكرية الإلزامية".

عرض احتفالي لجنود روس خلال الذكرى التاسعة والسبعين ليوم النصر (صفا كاراكان/ الأناضول)
عرض احتفالي لجنود روس خلال ذكرى يوم النصر (صفا كاراكان/الأناضول)

ويضرب مرادوف مثلاً على عبثية القانون بالقول: "تقتصر المسؤولية بموجب القانون الجديد على التخاذل عن التسجيل الأولي، ما يعني أن من حصلوا على الجنسية الروسية قبل خمس أو عشر سنوات أو حتى قبل 20 عاماً، ولم يسجلوا أنفسهم بالتجنيد، قد تُسحب الجنسية منهم بالأثر الرجعي".
من جهة أخرى، يرحب عضو مجلس العلاقات بين القوميات التابع للرئاسة الروسية بوغدان بيزبالكو بالتشريع الجديد، معتبرا أنه سيضع حداً لتنصل المجنسين من أداء الخدمة العسكرية، لا سيما في حال أُعلنت حالة الحرب بدلاً من "العملية العسكرية الخاصة" في أوكرانيا. 
ويقول بيزبالكو لـ "العربي الجديد": "القانون الجديد ليس جديداً من حيث المبدأ، بل يشكل تدقيقاً وتشديداً لأحكام سابقة، إذ إن العديد من المجنسين، لا سيما من بين أبناء جمهوريات جنوب القوقاز وآسيا الوسطى، لا يريدون أداء الخدمة بالجيش الروسي خشية استدعائهم في حال أعلنت الحرب بشكل رسمي. القانون يندرج ضمن حالة أوسع من الاستياء السائد في روسيا من تزايد أعداد الوافدين من آسيا الوسطى، وقد أصبح المجتمع الروسي يتبنى مواقف متشددة حيال جميع المهاجرين، ليس خشية من غيابهم عن القوات المسلحة، بقدر ما يراهم يتسببون في أسلمة البلاد".  
وتشهد روسيا تشديداً لسياسات الهجرة منذ الهجوم الإرهابي على قاعة العروض "كروكوس سيتي هول" على أطراف موسكو في 22 مارس/آذار الماضي، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 140 شخصاً وإصابة أكثر من 500 آخرين، فيما أظهرت التحقيقات أن منفذيه هم أربعة مواطنين طاجيك ألقي القبض عليهم.

ووافق مجلس الاتحاد الروسي، مطلع أغسطس/ آب، على مشروع قانون سحب الجنسية الروسية المكتسبة ممن يتخاذل عن تسجيل نفسه بلجان التجنيد، بعد أيام على موافقة مجلس الدوما عليه في 31 يوليو/تموز الماضي، واقترح نواب بالدوما أثناء مناقشة القانون تحديد فترة الخدمة العسكرية للمجنسين بعامين بدلاً من عام واحد، لكن هذا المقترح لم يُمرَّر في نهاية المطاف.
ومع إطالة أمد حربها المفتوحة في أوكرانيا، تواصل روسيا اتخاذ مزيد من الإجراءات التي من شأنها زيادة عدد الأفراد ممن يمكن استدعاؤهم لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية، وإن كان هؤلاء لا يُوفدون إلى الشرق الأوكراني للمشاركة في أعمال القتال التي تقتصر على الأفراد المتعاقدين. 
من بين هذه الإجراءات، إقدام روسيا على رفع سن التجنيد من 27 إلى 30 سنة اعتباراً من مطلع العام الحالي، مع الإبقاء على الحد الأدنى لسن التجنيد عند 18 سنة. وفي نهاية العام الماضي، وقع الرئيس بوتين مرسوم زيادة عدد أفراد الجيش الروسي إلى أكثر من 1.3 مليون، في ثاني إجراء من نوعه منذ بدء الحرب في أوكرانيا، ما يعني أن إجمالي عدد أفراد الجيش الروسي زاد بنحو أكثر من 300 ألف فرد في غضون عامين.

المساهمون