استمع إلى الملخص
- **ضعف استجابة فرق الإطفاء وتأثيرها على حجم الأضرار:** تعاني فرق الدفاع المدني من ضعف الإمكانيات والتأخر في الوصول إلى مواقع الحرائق، مما يؤدي إلى تفاقم الأضرار، حيث يحاول الأهالي السيطرة على الحرائق بوسائل بدائية.
- **أسباب الحرائق ودور الإهمال البشري:** تعود الحرائق إلى إهمال المزارعين وعدم تقيدهم بالإجراءات الاحترازية، مع دعوات لتحسين تجهيزات فرق الإطفاء بدلاً من الاكتفاء بالتوصيات.
تدمر الحرائق مساحات واسعة من غابات ليبيا ومزارعها في كل صيف، ما بات يشكل ظاهرة سنوية تتسع فيها شكاوى المواطنين من غياب قدرات الدولة على المواجهة. وقبل أسبوع، تمكنت فرق هيئة السلامة الوطنية من السيطرة على حرائق شبت في إحدى غابات رأس الهلال (شرق) بعد ساعات من مناشدة أهالي المنطقة بضرورة الإسراع في إطفاء الحرائق خشية توسع رقعة انتشارها.
وخلال يونيو/حزيران الماضي، شهدت البلاد أكثر من خمس وقائع مماثلة في مناطق مختلفة، وأصيب ثلاثة مواطنين من جراء حريق اندلع في مزارع بمنطقة تراغن (جنوب) في نهاية الشهر، وفي العشرين من يونيو، اندلع حريق كبير في منطقة الكريمية جنوب غرب طرابلس، وسبّب إصابة عدة مواطنين، وخسائر واسعة في الممتلكات.
وفي الثامن من يونيو، شب حريق في مزارع جالو (جنوب شرق)، سبّب احتراق ثماني مزارع بالكامل، ومحاصرة العديد من المنازل، بالتزامن مع حريقين آخرين داخل أحياء مدينة بنغازي. وفي الأول من يونيو، تضررت غابات مدينة شحات (شرق)، من جراء حريق كبير أدى إلى تدمير أكثر من 400 شجرة من مختلف الأنواع.
في مايو/أيار 2023 امتد حريق على مسافة نحو كيلومترين بمدينة جالو وسبّب تضرر ثماني مزارع، من بينها أربع احترقت بالكامل، وأربع أخرى خسائرها متوسطة، وتدمير نحو ألفي شجرة نخيل، وعزا مواطنون حجم الأضرار إلى التأخر في السيطرة على الحريق بسبب عدم توفر عدد كافٍ من سيارات الإطفاء، ما حصر عمليات مكافحة النيران بسيارة إطفاء واحدة.
وفي يونيو 2022، التهم حريق أكثر من 800 شجرة نخيل في مزارع منطقة زلة (جنوب وسط)، بعد تأخر وصول سيارات الإطفاء، وسط محاولات من الأهالي للحد من انتشار الحريق. في ذات الشهر، شب حريق هائل في غابة عين مارة (شرق)، ولم تتمكن فرق الإطفاء التابعة لهيئة السلامة من السيطرة عليه إلا بعد يومين من اندلاعه.
وفي كل الحالات كانت فرق الدفاع المدني وهيئة السلامة الوطنية تصل متأخرة، ما يسبّب تزايد الخسائر الناجمة عن الحرائق، وفي الحريق الذي شهدته مزارع مدينة جالو، حاول الأهالي السيطرة على الحريق بواسطة الجرافات وسيارات صهاريج المياه، لكن فشلت محاولاتهم، ما استدعى استنجادهم بفرق حقول مؤسسة النفط المجاورة للمدينة. الحال ذاته عاناه أهالي المناطق المجاورة لغابات رأس الهلال خلال الأيام الماضية، والذين اضطروا إلى نشر مقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي تظهر حجم الحرائق بغية إحراج سلطات شرقي البلاد، وطلباً لإغاثتهم من مخاطر وصول الحرائق إلى منازلهم.
وكثيراً ما تشتكي البلديات من عدم وجود سيارات إطفاء، ما يجعلها عاجزة عن مواجهة الحرائق، كما أن فروع هيئة السلامة المدنية في المناطق النائية تعبر عن الشكاوى ذاتها، ما يجعل انتظار أهالي المناطق التي تندلع فيها الحرائق يطول.
يقر المسؤول في هيئة السلامة الوطنية، عبد السلام الصغير، بضعف إمكانيات الهيئة، لكنه يتساءل عن أسباب تكرار الحرائق، خاصة في المزارع، موضحاً أن "حرائق الغابات ظاهرة تعرفها كل الدول، لكن تكرر الحرائق في المزارع له علاقة بإهمال المزارعين، وعدم تقيدهم بالإجراءات الاحترازية".
ويوضح الصغير لـ"العربي الجديد" أن "الحرائق لا تندلع في الغابات والمزارع بسبب ارتفاع درجات الحرارة، بل بسبب الإهمال البشري، وتندلع في الأسواق والمصانع في العادة بسبب التماس الكهربائي، وهو أيضاً متعلق بإهمال المواطنين".
وقبل السيطرة على حرائق غابات رأس الهلال، طالب المركز الوطني لإدارة الأزمات (حكومي) المواطنين بالتقيد بالإجراءات الأولية بشأن مكافحة الحرائق إلى حين وصول فرق الإطفاء. وعدد المركز في بيان أمثلة لتلك الإجراءات، ومنها إخماد الشرارة الأولية بواسطة المياه أو التراب للحيلولة دون انتشارها، والبقاء بالقرب منها للتمكن من إطفائها مجدداً حال عودة اشتعالها بسبب الرياح أو غيرها من العوامل.
لكن صالح المجبري، وهو مالك إحدى المزارع في جالو، يقول لـ"العربي الجديد": "مثل هذه الخطوات لا تحتاج إلى توصية من مركز حكومي، فالذي نحتاج إليه هو تزويد فرق الإطفاء بالتجهيزات التي تنقذنا وتنقذ أرزاقنا، ولا يمكن الهرب من المسؤولية عبر نشر مثل هذه التوصيات".
ومع إقرار المجبري بوجود أسباب للحريق لها علاقة بالإهمال وعدم مسؤولية أصحاب المزارع، مثل تخزين الوقود بالقرب من مولدات رفع المياه من الآبار، يؤكد في الوقت ذاته ضرورة تحمل السلطات مسؤوليتها حيال تفاقم ظاهرة الحرائق السنوية.