قانون "الشعوب الأصلية الأوكرانية" يلغي الروس

31 يوليو 2021
النزاع الأوكراني - الروسي دمّر بلدة مارينكا (أندريه أدريانكو/ Getty)
+ الخط -

مع توقيع الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، في وقت سابق من يوليو/ تموز الجاري، مشروع قانون "الشعوب الأصلية الأوكرانية"، يتخوّف أبناء البلاد الروس الذين استبعدوا من الحقوق الواردة في القانون من زيادة تهميشهم، في ظل مواصلة السلطات الموالية للغرب في كييف منذ عام 2014 العمل لاستبدال التعامل باللغة الروسية بالأوكرانية في كل مجالات الحياة.  
ويمنح مشروع القانون المثير للجدل الشعوب الأصلية حق تقرير المصير داخل أراضي البلاد، وتحديد وضعها السياسي في إطار الدستور والقوانين الأوكرانية، وتعزيز مؤسساتها الاجتماعية والثقافية، ومشاركتها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإنشاء مؤسسات تعليمية ووسائل إعلام خاصة بها. ويلحظ أيضاً توفير كل متطلبات حماية الشعوب الأصلية من الإبادة الجماعية، أو أي عنف وإكراه جماعي. وباعتبار أن القانون يحدد الشعوب الأصلية بـ "تلك التي لا دولة لها"، سقطت تلقائياً حقوق الناطقين بالروسية، علماً أنه اهتم خصوصاً بشعوب شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا أحادياً إلى أراضيها عام 2014، وبينهم أولئك من أبناء عرقية تتار القرم الموالين لسلطة كييف وليس موسكو.  
ويرى رئيس الجالية الروسية في أوكرانيا، قسطنطين شوروف، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن "القانون الجديد يتعارض مع بنود الدستور الأوكراني وينتهك بعضها، ولا يحقق بالتالي هدفه المحدد بالمساهمة في تعزيز الأمة الأوكرانية وتنميتها".  
ويعتبر شوروف أن "القانون سيعزز النزعة القومية في المجتمع الأوكراني، بعدما قسّم المواطنين إلى شعوب أصلية وأقليات عرقية، وثبّت عدم مساواة المواطنين في الحقوق، وأهمها التعليم". 
ويشير إلى أنه "بين أمثلة انتهاك قانون الشعوب الأصلية الدستور الأوكراني مخالفته البند العاشر الذي يورد أن اللغة الأوكرانية هي لغة الدولة، لكن مع ضمان استخدام اللغة الروسية وحمايتها على غرار باقي لغات الأقليات، وكذلك البند الـ 24 الذي يضمن المساواة بين المواطنين في الحقوق والحريات، والبند الـ 53 الذي يمنح حق تعلم أبناء الأقليات العرقية اللغة الأصلية".   


وبالتطرق إلى تأثير القانون على أوضاع السكان ذوي الأصول الروسية، يرى شوروف أن "القانون سيعزز انعدام التفاهم بين السلطة الأوكرانية، والمواطنين المصنفين باعتبارهم أقليات، علماً أن كُثراً منهم يعيشون على الأراضي الأوكرانية حتى قبل ظهور تتار القرم، وبينهم روس ويهود ومجريون وبولنديون. وما يجب التنبه له هنا ليس فقط تجاهل القانون للتاريخ، بل انتهاكه الدستور مباشرة عبر فرضه مبدأ التمييز في الحقوق الممنوحة للمواطنين". 

بوتين: قانون دمار شامل
أثار قانون "الشعوب الأصلية الأوكرانية" استياء روسيا، ودفع رئيسها فلاديمير بوتين إلى وصفه في حديث "الخط المباشر" مع المواطنين في نهاية يونيو/ حزيران الماضي بأنه "قبيح، ولا يمكن تفسيره إلا بأنه موقف غير ودّي للقيادة الأوكرانية، وصولاً حتى إلى مقارنة تداعياته باستخدام نوع من أسلحة الدمار الشامل". إلى ذلك، ندد مجلس الدوما (النواب) الروسي بـ "إهانة القانون للذاكرة التاريخية، ومحاولته مجدداً دق إسفين بين الشعبين الروسي والأوكراني، وشعوب أصلية أخرى في أوكرانيا". وأكدت وزارة الخارجية الروسية أن "القانون يتعارض مع مضمون الاتفاق الدولي للقضاء على كل أشكال التمييز العنصري الصادر عام 1965، واتفاقات دولية رئيسية أخرى". 

الرئيس الأوكراني أصرّ على قانون "الشعوب الأصلية" (الأناضول)
الرئيس الأوكراني أصرّ على قانون "الشعوب الأصلية" (الأناضول)

وقدمت موسكو شكوى أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حددت فيها مجموعة انتهاكات، بينها تقييد حقوق الأقليات العرقية واللغوية، وحرمانها من التعليم العام والعالي بلغتها الأصلية، وحظر بث المحطات التلفزيونية والإذاعية الناطقة باللغة الروسية. 
وكانت الرادا العليا (البرلمان) في أوكرانيا تبنت في الأول من يوليو/ تموز الجاري بغالبية 326 صوتاً مشروع قانون "الشعوب الأصلية" الذي أحاله الرئيس زيلينسكي على البرلمان في 18 مايو/ أيار الماضي، وشدد على أن تبنيه "ضروري بعد بضعة عقود من التأجيل، إذ تجب حماية الأقليات العرقية من أجل تجنب تكرار الوضع السائد في شبه جزيرة القرم ومنطقة دونباس الموالية لروسيا"، والتي تعيش منذ عام 2014 نزاعاً عسكرياً بلا تسوية نهائية تلوح في الأفق.  

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويبدو أن سكان منطقة دونباس التي تضم مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك، باتوا غير متفائلين بتسوية أوضاعهم داخل أوكرانيا، ما يجعلهم يتوجهون للحصول على الجنسية الروسية بعد تسهيل إجراءات تجنيس المقيمين في شرق أوكرانيا، وهو ما فعله أكثر من نصف مليون منهم حتى الآن.   
وزاد إقبال سكان "جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين" المعلنتين من جانب واحد على الجنسية الروسية، بعدما وقع بوتين في إبريل/ نيسان 2019 مرسوم تسهيل إجراءات منح جنسية بلاده لهم، مع تحديد فترة النظر في الطلب بثلاثة أشهر كحدّ أقصى، مع إعفائهم من الشروط الخاصة بمدّة الإقامة داخل روسيا، والتخلي عن الجنسية الأوكرانية، واجتياز امتحان اللغة الروسية، وغيرها.  
وفي وقت أثارت هذه الخطوة استياء كييف، دافع بوتين عن قراره بالقول "إنه يرتبط باعتبارات إنسانية"، مستشهداً بتجارب منح دول المجر ورومانيا وبولندا جنسياتها لأجانب تعود أصولهم إليها.

المساهمون