مع دخول فصل الشتاء وميل الطقس نحو البرودة، عادت الحركة إلى سوق الحمام والعصافير المتفرع من سوق واقف التراثي في الدوحة، لا سيما مع الرفع التدريجي لقيود وباء كورونا
يزور سوق الحمام والعصافير، المتفرع عن سوق واقف التراثي، في العاصمة القطرية الدوحة، مئات المواطنين والمقيمين، يومياً، للاستمتاع بمشاهدة أنواع من الطيور بما فيها من عصافير وببغاوات، كما أسماك الزينة والحيوانات المنزلية مثل الأرانب والكلاب والقطط والفئران والسلاحف وغيرها.
وتشهد عمليات البيع حركة نشطة، بعد توقفها منذ منتصف مارس/ آذار الماضي، نتيجة الإجراءات الاحترازية لمواجهة انتشار فيروس كورونا، إذ قررت الجهات المختصة السماح باستئناف استيراد الحيوانات والطيور الأليفة، فاستوردها التجار من دول أوروبية وأفريقية وآسيوية عدة. وقررت إدارة سوق واقف، منع بيع الحيوانات الأليفة التي لم يبلغ عمرها ثلاثة أشهر، والتي تتأثر حالتها الصحية نتيجة وضعها في أقفاص مع غيرها من الحيوانات، مع عدم إمكانية إعطائها اللقاح اللازم قبل بلوغها ثلاثة أشهر.
يقول أحد بائعي الطيور في السوق، إقبال رحيم، لـ"العربي الجديد" إنّ معظم الزائرين يكتفون بمشاهدة الطيور والحيوانات داخل الأقفاص، وبعضهم يطلب حملها والتقاط الصور التذكارية معها، لافتاً إلى انتعاش حركة البيع قياساً بالأشهر الأربعة الماضية، خصوصاً ما يتعلق بطيور الزينة وفي مقدمتها الكناري، والكروان، وطير الحب، إلى جانب الببغاوات الصغيرة، التي تتراوح أسعارها بين 300 ريال (82 دولاراً أميركياً) و1500 ريال (412 دولاراً) بحسب النوع وقدرة الطير على النطق. ويشير رحيم إلى عودة حركة بيع مستلزمات العصافير والطيور كالأقفاص ومناهل المياه والطعام الخاص بالطيور والحيوانات الأليفة، متوقعاً زيادة حركة البيع والشراء خلال الأيام المقبلة.
اصطحبت المقيمة سحر الأحمد، طفلتها مها إلى السوق. تقول لـ"العربي الجديد" إنّ زيارة سوق الطيور مع انقشاع الرطوبة والحرارة ودخول موسم الشتاء، أحد الطقوس التي تمارسها منذ استقرت في الدوحة قبل نحو عشر سنوات، واليوم مع استئناف عمل الأسواق والمتاجر، بعد تخفيف إجراءات مواجهة فيروس كورونا، فللزيارة طعم آخر. التقطت سحر طير الكناري الذي كان يقف على محمل، بعدما استأذنت البائع ووضعته على يد ابنتها، التي عبرت عن سعادتها، وطلبت من أمها أن تلتقط لها صورة وهي تداعب الطير. تعتبر سحر أنّ سوق الطيور من أبرز المزارات في الدوحة التي تستقطب المواطنين والمقيمين والسائحين أيضاً، خصوصاً أنّه يؤدي إلى المطاعم والمقاهي التي تنتشر على ضفتي سوق واقف التراثي.
ويهوى المقيم غسان برقاوي، تربية الطيور بمختلف أنواعها، كالحمام والعصافير والبلابل وغيرها، ومع الطقس الشتوي الجميل، يقضي ساعات وهو يكش الحمام، ويتأمل العصافير وأنواعاً كثيرة من طيور الزينة، التي جعل من سطح بيته في أحد أحياء الدوحة موئلاً لها. يقول برقاوي لـ"العربي الجديد" إنّ قصته مع عشق الطيور تعود لأكثر من 40 عاماً، مذ كان في ربيعه العاشر، ويضيف: "بحكم إقامتي في قطر لأكثر من ربع قرن، وجدت أنّ الدوحة أرض خصبة لهواة تربية الطيور، التي تحظى بتشجيع الدولة"، مؤكداً أنّ سوق الطيور في سوق واقف التراثي، هو الأساس كونه المنبت الرئيس لأيّ طير ليس في قطر بل على مستوى منطقة الخليج، إذ جلب التجار "طيوراً لم نكن نراها إلا عبر شاشة التلفزيون".
يستعرض برقاوي، طير الحسون، ومصدره بلاد الشام، تحديداً سورية ولبنان، وهو عصفور صغير يكاد ينقرض، ولذلك يعتبر من أرقى الطيور، ومن يملكه كأنّه يمتلك ثروة، ويتم تدريبه على التغريد بنغمات معينة، وكلما تعددت تغريداته زاد سعره. كذلك طائر "ألكسندرا" المعروف في قطر، بالطير النيبالي، ويمتاز بكبر حجمه وإجادته الرقص والكلام، وهو متوفر في قطر، ضمن طيور "اللفو" أي المهاجرة، وعملية استيراده مكلفة، ويحتاج إلى تدريب على الكلام، وفقاً لبرقاوي.
ويحسب بيان صادر عن وزارة البلدية والبيئة القطرية، فإنّ قطر تعد محطة مهمة للطيور المهاجرة، ومقراً دائماً لنحو 300 نوع، من بينها عدد من الأنواع المهددة بالانقراض. وتتولى وزارة البلدية القطرية، إنتاج وتكاثر طائر الحبارى في عدد من محمياتها ومزارعها الطبيعية، وذلك بهدف حماية الطيور المهددة بالانقراض على سطح الأرض، وتأكيداً على دورها في الحفاظ على التوازن البيئي عالمياً. وبحسب بيان سابق لوزارة البلدية، فإنّ جهود قطر لإنتاج الطائر شبه المنقرض، تهدف إلى إعادة توطينه، إذ تنتج مزارع الوزارة في قطر وإيران، والمغرب، والصين طائر الحبارى بأعداد متزايدة تتراوح بين 1300 و1600 طائر سنوياً. وتطلق مزارع الوزارة هذه الطيور في البرية تحقيقاً لأهدافها البيئية، وتحرص محميات الوزارة على إنتاج نوعي الحبارى الآسيوية والأفريقية، ولا يتم التهجين بينهما. كذلك، تنتج أنواعاً من الطيور مثل السمان والكروان والقطا والدراج، والحجل العربي، كما تقدم الدعم الفني والاستشارات المتعلقة بالإنتاج والتربية لهذه الطيور للراغبين في إنتاجها.