في مساحة صغيرة لا تتجاوز أربعين متراً مربعاً، تلتقي فتيات ليبيات ينتمين لمنظمة "التحدي للمرأة ذات الإعاقة" في مصراتة الليبية، يروحن عن أنفسهن وينجزن أعمالاً يدوية تضمن لهن لقمة العيش.
وتتنوع صناعتهن وأشغالهن اليدوية، بين التطريز وصناعة الحلي والخواتم والأساور، وأيضاً صناعة الدُمى التي يتفنّن فيها داخل المنظمة.
تبدأ هذه الصناعة باختيار أجود أنواع الصوف ومن ثم تسريحه وصباغته وتحويله إلى خيوط يسهل العمل بها وتشكيلها، داخل المنظمة التي تأسست سنة 2016 وكانت ملتقى الفتيات، ومنها انطلقن نحو المجتمع كما تقول فوزية مانيطة لـ"العربي الجديد"، إحدى المنتسبات فيها.
ورغم ضعف الإقبال على منتوجاتهن محلياً، نظراً لعوامل عديدة؛ فإن السلوى لهن من بعض الجهات الخارجية ودول عدة تطلب ما تبدعه أناملهن، حسب ما ذكرت وداد الشويهدي رئيسة المنظمة لـ"العربي الجديد"، موضحة أنهن في عيد الأضحى لم يتمكن من تغطية كل الطلبات التي كان أغلبها من خارج البلاد، ومنها من دول الاتحاد الأوروبي وأميركا وتركيا وغيرها، وهذه الطلبات ما تجعلهن مستمرات في العمل دون كلل أو ملل.
وبحسب الشويهدي، فإن هذا العمل لا يخلو من متاعب خصوصاً في بلد مثل ليبيا يعاني من عدم استقرار على كافة الأصعدة، الشيء الذي ينعكس على كل شرائح المجتمع ويؤثر عليهن خاصة، ضاربة مثالا لمشكلة المواصلات العامة غير المهيئة بأي شكل من الأشكال لنقل الركاب المعوقين، وهذا ما جعلها تطرق أبواب الدولة لتوفير حافلة مخصصة لنقلهن، وبعد جهد جهيد حصلت عليها لتصف فرحتها، بأنها كانت على وشك معانقة الحافلة لشدة سعادتها، إذ وفرت عليهن الكثير من الجهد والوقت.
يضاف إلى ذلك انقطاع الكهرباء المستمر الذي ساهم في تذبذب عمل الفتيات، إذ يستمر هذا الانقطاع أكثر من 12 ساعة يوميا، الشيء الذي يجعل إنتاج الدمى يقل بنسبة تقارب 50%.
لكن كل هذا لا يمنع الفتيات من العمل والمثابرة، والسعي إلى تغيير النظرة المجتمعية لذوي الإعاقة في ليبيا، وفقاً للشويهدي، التي أكدت أن المجتمع بدأ يتقبل هذه الفئة بشكل إيجابي، وأضحى لهن حضور ومشاركات في جوانب عديدة ساهمت في نشر ثقافة تقبل الآخر المختلف والمنتج في المجتمع الليبي.