خريجون غزيون بلا عمل

09 يونيو 2022
الحصول على فرصة عمل في غزة يتطلب وساطة حزبية (محمد الحجار)
+ الخط -

قبل نحو ست سنوات، تخرّج الشاب فهد الجمل (30 عاماً) من كلية الزراعة والطب البيطري في جامعة الأزهر في قطاع غزة، وشارك في الكثير من التدريبات في مجال تخصصه مع منظمات محلية ودولية، من دون أن يتمكن من الحصول على فرصة عمل حتى أنه شعر بالندم لاختياره دراسة هذا التخصص. ويشير إلى أنه تقدم بأكثر من مائة طلب للحصول على وظيفة، سواء لدى مؤسسات القطاع الحكومي أو الخاص أو الجمعيات المحلية والدولية، بالإضافة إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وأجرى العديد من المقابلات من دون أن تكون النتيجة إيجابية. 
وأعلن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أن نحو 300 ألف خريج جامعي في قطاع غزة لم يجدوا فرصة عمل ولو لمرة واحدة منذ تخرجهم. كما أشار إلى أن معدلات البطالة والفقر في غزة ارتفعت خلال أغسطس/ آب وحتى إلى أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2021 بنسبة 89 في المائة، وتعد الأعلى في الأراضي الفلسطينية، في وقت كانت معدلاتها قبل الحرب الإسرائيلية الأخيرة تصل إلى 75 في المائة.

ويقول الجمل لـ "العربي الجديد": "تقدمت بطلبات للحصول على وظائف في القطاع الحكومي والخاص في إطار مشاريع تشغيل العاطلين عن العمل. وفي إحدى المرات، توجهت إلى وزارة العمل للاستفسار، فأشاروا إلى أن دوري لم يحن بعد وهناك مئات آلاف الخريجين بمختلف التخصصات ينتظرون الحصول على وظيفة". ويشير إلى أن "الحصول على فرصة عمل في غزة يتطلب وساطة حزبية أو حظاً من السماء". 
وتعمد الكثير من العائلات الغزية إلى الاستدانة وطلب الحصول على نظام دفع بالتقسيط من أجل توفير الرسوم الجامعية لأبنائها. لكن بعد التخرج، يواجه الشباب صعوبات للحصول على فرص عمل، وقد ينتظرون سنوات. ويلجأ البعض إلى الدراسة عن بعد والالتحاق بدورات مختلفة لتعزيز مهاراتهم على أمل الحصول على فرصة عمل.

بعد التخرج قد ينتظر الشباب سنوات للحصول على عمل (محمد الحجار)
بعد التخرج قد ينتظر الشباب سنوات للحصول على عمل (محمد الحجار)

وفي بداية مارس/ آذار الماضي، وصلت محمد محجوب (28 عاماً) رسالة على هاتفه يفيد مضمونها بالتوجه إلى مؤسسة تعمل في مجال إغاثة الجرحى الفلسطينيين للتوقيع على عقد عمل. في ذلك اليوم، شعر بسعادة كبيرة لأنها كانت المرة الأولى التي يحصل فيها على عمل بعد ست سنوات من تخرجه في تخصص إدارة الأعمال. لكن الصدمة كانت حين أبلغ بوجود تشابه أسماء، وأن الرسالة وصلته عن طريق الخطأ.  

يبحث بعض الخريجين عن فرص عمل خارج القطاع (محمد الحجار)
يبحث بعض الخريجين عن فرص عمل خارج القطاع (محمد الحجار)

كان محجوب الأول على دفعته عام 2016. وبحسب النظام العام المتعارف عليه في جامعات قطاع غزة، يفترض أن يحصل على عقد سنوي من الجامعة كمعيد في القسم، إلا أنه لم يحصل على فرصة مناسبة نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تواجهها الجامعة الإسلامية في غزة، على الرغم من الوعود الكثيرة. ويقول لـ "العربي الجديد": "لم يحصل الكثير من الخريجين الجامعيين على أي فرصة عمل. بالتالي، لا ملامة على الجيل الجديد في حال اختار العمل في بلدان أخرى تتيح لنا تطوير أنفسنا. أفكر كثيراً في الهجرة وإن كانت سرية. نحبّ فلسطين أكثر من القيادات، كما نساهم في تعزيز الرسالة الوطنية خارج قطاع غزة".

لم يحصل خريجون جامعيون كثيرون على أي عمل (محمد الحجار)
لم يحصل خريجون جامعيون كثيرون على أي عمل (محمد الحجار)

بدوره، يئس أحمد موسى (29 عاماً) من احتمال الحصول على فرصة عمل بعدما فشلت كل محاولاته خلال السنوات الأربع الماضية التي تلت تخرجه من قسم الأحياء في جامعة الأزهر في قطاع غزة. في الوقت الحالي، التحق بدورة للتسويق الرقمي عن بعد، بعدما تمكن من بيع سلع مستعملة عبر موقع "فيسبوك" خلال الأشهر الماضية. كما بدأ يعمل على بيع الأجهزة الذكية والحواسيب المحمولة والأثاث المكتبي.

يريد خريجون دراسة تخصصات جديدة (محمد الحجار)
يريد خريجون دراسة تخصصات جديدة (محمد الحجار)

لم يكن الوحيد الذي اتجه إلى تخصّص مختلف عن دراسته. فالكثير من خريجي دفعته يعملون في مهن لا علاقة لها بتخصصاتهم، في وقت ما زال آخرون عاطلين عن العمل. ويشير إلى أن بعض زملائه يعملون سائقي سيارات أجرة أو في مكاتب سيارات أجرة. فكر بالعمل خارج القطاع وسافر عام 2019 إلى مصر ثم تركيا وأمضى فيها ستة أشهر، إلا أنه عاد إلى القطاع بسبب تفشي جائحة كورونا، الأمر الذي أدى إلى توقف الكثير من القطاعات وتسريح العديد من العمال والموظفين بين عامي 2020 و2021.

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويقول موسى لـ "العربي الجديد": "هناك توجه كبير لدى الخريجين لدراسة تخصصات جديدة أو الالتحاق بدورات تدريبية لاكتساب مهارات قد تتيح لهم الحصول على فرص عمل. في الوقت الحالي، أشارك في دورة بالتسويق الإلكتروني بهدف العمل في هذا المجال على المستويين المحلي والاقليمي". ويشير إلى "أننا نعيش ظروفاً صعبة في قطاع غزة. نقاتل للحصول على فرصة عمل. وفي حال حصلتُ على فرصة عمل في مجال التعليم، لن يكون التعيين رسمياً وثابتاً، بل مجرّد عقد مؤقت. لذلك، لا مستقبل لنا جميعاً".

المساهمون