حوادث السير تقلق شمال غربي سورية

19 يونيو 2021
الازدحامات تزيد من الحوادث (عارف وتد/ فرانس برس)
+ الخط -

 

باتت حوادث السير مألوفة ومتكررة في المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة بريف محافظة إدلب في شمال غربي سورية، فتخلق حالة من القلق بين السكان، الأمر الذي يستدعي حلولاً سريعة وجذرية. يقول مدير مكتب التوعية في المديرية الجنوبية للدفاع المدني السوري عبد الله حماد لـ"العربي الجديد": "نحن نتابع حوادث السير التي تقع في الشمال السوري، ونعمل للتوعية بداية ولتحديد المشكلة ولوضع حلول مناسبة". ويشير حماد إلى "عدم توفّر نظام خاص بالسير أو قوانين خاصة ولا عقوبات أو غرامات إلزامية رادعة. كذلك تغيب اللافتات أو الإشارات الخاصة بالسير، سواء أكانت تحذيرية أم إرشادية، علماً أنّ جميع السائقين في دول العالم يعتمدون على تلك الإشارات العالمية ويلتزمون بها. ولا تُحدَّد المسالك الرئيسية ولا الفرعية، كذلك الأمر بالنسبة إلى أفضلية المرور. أمّا رخص القيادة فهي غير إلزامية، والسائقون اليوم بمعظمهم لا يملكون الرخص، في حين لا تتوفّر فحوص فنية دورية للسيارات وأخرى خاصة بالسيارات التي تُجمَع محلياً، لا سيّما سيارات القصّة التي تُجمع على أيدي فنيّين وحدادين تتفاوت خبراتهم ومن دون ضوابط قانونية وفنية". يضيف حماد إلى كلّ ذلك "السرعة الزائدة في حين أنّ الطرقات بمعظمها ذات مسلك واحد وضيقة وغير مخصصة للسرعات العالية، علماً أنّ كثيرين لا يدركون قواعد تحديد السرعة. كذلك لا إلمام بقواعد وقوانين السير من قبل سائقين كثيرين، لجهة أفضلية المرور مثلاً أو إمكانية التجاوز. كذلك لا التزام بالحمولة المحدّدة في ما يتعلق بمركبات الشحن، في ظلّ غياب المراقبة".

والحلول بالنسبة إلى حماد هي "من الناحية النظرية، معالجة أسباب المشكلات المذكورة. أمّا من الناحية الواقعية والميدانية، فلا بدّ من أن يعي ويدرك السائقون جميعاً خطورة القيادة في ظلّ ما سبق. ولعلّ الأهم من ذلك هو أن يتحمّل سائق المركبة المسؤولية الاجتماعية". لكنّ حماد يلفت إلى أنّه "قد يكون السائق ملتزماً بكلّ قواعد وقوانين السير وقد يكون متنبهاً، لكنّه لا بدّ له من توقّع كل شيء".

وتبدو الأرقام مخيفة، علماً أنّ الكثافة السكانية كبيرة في المنطقة والطرقات سيئة جداً. والأخيرة تعاني من مشكلات منذ إنشائها بسبب سوء التخطيط والتصميم، يُضاف إليها الإهمال لاحقاً. ويقول مدير فريق "منسقو استجابة سورية" محمد حلاج  لـ"العربي الجديد" إنّ "عدد الحوادث المرورية منذ بداية العام الجاري تجاوز 1500، ويأتي الطيش من بين الأسباب، إذ إنّ ثمّة أطفالاً يقودون، خصوصاً الدراجات النارية. يُضاف إلى ذلك تصميم الطرقات". ويشرح حلاج أنّ "موضوع الطرقات حساس جداً. لا ننكر أنّ ثمّة مواضيع ذات أهمية كبرى في المنطقة، غير أنّ مثل تلك الحوادث تتسبّب في أذى للناس مشابه للأذى الناجم عن القصف"، مؤكداً أنّ "1500 حادث جريمة تنجم عنها إصابات كثيرة. لذلك فإنّ الطرقات الحيوية تحتاج إلى صيانة بشكل عاجل".

من جهته، يشدّد فراس خليفة، الإعلامي في الدفاع المدني السوري، على أنّ "السرعة الزائدة وعدم التقيّد بقوانين المرور وسوء البنى التحتية من طرقات رئيسية وفرعية مع انتشار الحفر والمنعطفات الكثيرة والازدحامات الكبيرة في مناطق شمال غربي سورية حصر المدنيين المهجرين في مساحة جغرافية ضيّقة، كلّها أسباب ساهمت في زيادة معدّل حوادث السير في المنطقة المكتظة سكانياً". يضيف خليفة لـ"العربي الجديد": "أمّا سبل تفادي هذه الحوادث فتقتضي تحسين البنى التحتية من طرقات وترميمها وتوسيعها، بالإضافة إلى توعية السائقين بضرورة تخفيف السرعة وتفقّد الحالة الفنية لمركباتهم، مع وضع ضوابط لقيادة للدراجات النارية والسيارات من قبيل منع قيادة الأطفال. والأهم هو عودة المهجّرين إلى بلداتهم، إذ من شأن ذلك أن يقلل الازدحام ويخفّض كذلك عدد الحوادث".

في سياق متصل، يرى سائقو شاحنات أنّ ثمّة أموراً في حاجة إلى ضبط. فيقول خليل حلبي، وهو نازح من ريف إدلب الجنوبي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "من أوليات السائق في الوقت الحالي أخذ الحيطة ممّن حوله على أيّ طريق كان. بالنسبة إليّ كرجل تجاوزت الخامسة والأربعين من عمري، أفكّر ألف مرّة قبل أيّ تجاوز على طرقات إدلب، خصوصاً طرقات الريف الشمالي بالقرب من مدينة سرمدا وكذلك طرقات ريف حلب الغربي. لم أعد أعتمد فقط على خبرتي وعلى أولوية المرور والالتفاف واجتياز الشارع. أنا أدرك تلك القواعد، لكنّ المصيبة أنّ غيري لا يدركها. بالتالي قد أقع أنا ضحية من يجهلها. بالتالي، فإنّ الأَولى هو التعامل مع مَن حولي على أنّهم يجهلون كلّ قواعد السير. وأنا أفضّل خسارة جزء من وقتي بدلاً من الدخول إلى المستشفى وقد هُشّمت جمجمتي أو تحطّمت ساقاي".

وكان الدفاع المدني قد وثّق 27 حالة وفاة ناتجة عن أكثر من 1500 حادث سير في منطقة إدلب في خلال مارس/ آذار وإبريل/ نيسان ومايو/ أيار الماضية. وفي بيان، وجّه الدفاع المدني نداءً للسائقين والمدنيين "أوقفوا نزيف الطرقات"، وذلك من خلال تخفيف السرعة والالتزام بقواعد المرور. ولفت البيان إلى أزمة حقيقية في حاجة إلى تضافر جهود الجميع لحلّها ووقف الحوادث التي تتكرر بشكل يومي على الطرقات في مناطق شمال غربي سورية، وتتسبّب بوفاة كثيرين وبإصابات دائمة لآخرين.

المساهمون