يستمرّ تفشّي الكوليرا في لبنان بشكل سريع. في هذا الإطار، تتّخذ المخيمات الفلسطينية تدابير احترازية للحد من انتشاره. وفي مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، بدأ مستشفى النداء الإنساني التابع لجمعية "النداء الإنساني" حملات توعية للتعريف بالكوليرا، وعوارضه، وكيفية الحماية والعلاج منه. وتقول مديرة المشاريع في الجمعية حنان الخطيب: "حتى الآن، لم تظهر علامات الكوليرا على أي شخص مقيم في المخيم، ولم تصل أية حالة مرضية إلى المستشفى مصابة بأعراض الكوليرا. لكن ضمن مشروع قادة المستقبل، نقوم بحملات توعية في مدارس الأونروا ورياض الأطفال الموجودة في المخيم، بالإضافة إلى أهالي التلاميذ. ونركز على إجراءات الوقاية والتوعية حول أعراض الكوليرا، وأهمية النظافة الشخصية وخصوصاً في ما يتعلق بغسل اليدين باستمرار". تتابع: "خلال حملات التوعية، نركز على كيفية انتقال العدوى عن طريق المياه الملوثة، أو من خلال ملامسة البراز أو القيء من الأشخاص المصابين بالمرض".
وفي مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في بيروت، بدأ الدفاع المدني الفلسطيني بالتعاون مع عدد من الجمعيات الموجودة في المخيم، وبالتوازي مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (أونروا)، حملات توعية حول الكوليرا، تشمل ربات البيوت ورياض الأطفال. وتقول مسؤولة الإدارة والمالية بفريق الدفاع المدني الفلسطيني ولاء عبد الحفيظ، المقيمة في المخيم: "حتى اللحظة لم يصب أحد بعوارض الكوليرا في المخيم. لكن استباقاً لأي أمر طارئ، ولأننا معنيون بالموضوع، نقوم بالتعاون مع الجمعيات الموجودة في المخيم بحملات توعية تستهدف رياض الأطفال والأمهات، في وقت بدأت الأونروا حملات توعية في مدارسها. وسنعمل على توزيع مواد تنظيف (تشمل المعقمات والصابون والكلور وغيرها) على الأسر الموجودة في المخيم".
تضيف: "هدفنا من خلال التوعية أيضاً عدم إخافة الناس من الكوليرا كما يشاع. مع ذلك، يجب أن نأخذ حذرنا منه. الحملة التي نقوم بها تستهدف الأماكن الأكثر اكتظاظًا بالسكان، ونعمل على توعية النساء وتحديداً الأمهات وربات البيوت من خلال محاضرات تلقيها عليهن متخصصة. ونزور بيوت المخيم حتى نخبر أهلها عن الوباء، وكيفية التعامل معه في حال حدوث عوارض. وهذا الوباء قديم جديد وتؤثر التغيرات المناخية اليوم على انتشاره بالإضافة إلى تلوث المياه والخضار وغيرها. كما أن النظافة الشخصية أولوية".
وتشير عبد الحفيظ إلى أنه من خلال حملة التوعية التي نقوم بها، نتحدث عن عوارض الإصابة بالكوليرا، وأهمها الإسهال الحاد جداً ولمرات عدة، وكيفية إعداد مصل في البيت من خلال غلي ليتر من المياه وإضافة ست ملاعق صغيرة من السكر مع ملعقة من الملح، لأن ثمن المصل في الصيدليات 250 ألف ليرة لبنانية (نحو 6 دولارات بسعر الصرف)، وليس لدى كثيرين قدرة على شرائه.
كما أنهم لا يستطيعون تحمل تكاليف الدخول إلى المستشفى. تتابع: "في إطار حملتنا، نستهدف تنظيف أنابيب المياه المتصلة بالآبار الموجودة في المخيم، مع الإشارة إلى أن الأونروا تتولى تعقيمها وإضافة مادة الكلور إليها. كما أننا نستهدف الأشخاص الذين يكررون المياه في المخيم ويبيعونها للشرب. ويضم المخيم حوالي 13 ألف نسمة. لذلك، يجب أن نكون حريصين على سلامة الناس". وتوضح: "في حملتنا نشرح العوارض وكيفية العلاج، وخطورة الإصابة بالمرض وهي التعرض للجفاف، وخصوصاً لدى الأطفال، والانتباه لأكل الأطفال وشرابهم. لدينا كادر طبي توعوي يهتم بتوعية الناس، كما أننا سنخبر الأهل بأن هذا الوباء ليس خطيراً، لكن يجب الحرص من الإصابة والأخذ بالأسباب التي تؤدي إلى انتشاره، أهمها التغير المناخي والوضع الاقتصادي للناس التي تمنعهم من شراء المواد المعقمة، وقلة غسل الأيدي".
يشار إلى أنّ الكوليرا عدوى معوية حادة تنشأ بسبب تناول طعام أو ماء ملوثان ببكتيريا الضمة الكوليرية (Vibrio Cholerae). ويمكن أن تنتقل عن طريق المياه أو الطعام الملوث، وتنتشر بسرعة في المناطق ذات الوصول المحدود إلى الخدمات الأساسية مثل المياه النظيفة والصرف الصحي والرعاية الصحية. وإذا تركت من دون علاج، يمكن أن يكون المرض مميتاً في غضون ساعات فقط من الإصابة لأنه يمكن أن يسبب الجفاف الشديد. وأساليب الوقاية من العدوى هي عدم شرب أو استعمال مياه غير مأمونة/سليمة، وغسل اليدين بالماء والصابون لمدة لا تقل عن عشرين ثانية، وطهي الطعام بشكل جيد جداً، وعدم تناول الغذاء المكشوف للحشرات والذباب، والاهتمام بنظافة المساكن وخاصة دورات المياه وأماكن القمامة
عدم الشرب من نفس الإناء مع الآخرين، والحفاظ على النظافة الشخصية ونظافة الأغذية، وغسل الفواكه والخضار بشكل جيد، وعدم تناول اللحوم النيئة، وتعقيم المياه المستخدمة للشرب والغسيل والطهي.