استمع إلى الملخص
- تحسن الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه وتوزيع الخبز يمنح السكان بعض الطمأنينة، مع جهود حكومية ومنظمات إنسانية لإعادة الخدمات وتنظيم الحركة المرورية وصيانة شبكة الكهرباء.
- تعمل حكومة الإنقاذ والمنظمات الإنسانية على توفير الأمن والخدمات الأساسية، بما في ذلك توزيع الخبز ومتطلبات الأطفال، مع تفعيل قسم شرطة الشهباء لضمان استقرار الحياة المدنية.
تشهد مدينة حلب شمالي سورية، استئنافاً تدريجياً لعمل المؤسسات الخدماتية وبعض القطاعات الحيوية فيها، عقب سيطرة فصائل المعارضة السورية عليها، في خطوة تهدف إلى إبقاء الحياة المدنية وتلبية احتياجات السكان فيها، وتقديم الخدمات الأساسية لهم من مياه وكهرباء وصحة ونقل، وذلك في إطار جهود تبذلها عدة جهات لدعم الاستقرار، وسط تحديات عدة، نظراً لكون المدينة واحدة من المدن السورية الكبرى.
وبدأ بعض الموظّفين ضمن الدوائر الخدماتية في حلب العودة إلى عملهم، منهم عمال في قطاع النظافة، من بينهم موفق الأخرس، وهو عامل نظافة في قطاع السليمانية ضمن المدينة. ويقول لـ "العربي الجديد" إن العديد من الموظفين عادوا تدريجياً إلى العمل، وخصوصاً أولئك القريبة بيوتهم من أماكن عملهم. أما الموجودون في أماكن بعيدة أو ضمن أحياء أخرى، فلم يتمكنوا من العودة بعد. يضيف: "سنعود إلى عملنا بالتأكيد. لا أحد يمنعنا، ولم نتعرض لأية مضايقات أو إشكالات في الوقت الحالي".
بدوره، يقول فواز عبد الكريم، وهو من سكان مدينة حلب، لـ "العربي الجديد": "بالنسبة إليّ، ما يحدث في حلب أمر مطمئن فعلاً. صحيح أن هناك ضعفاً في الخدمات، لكنّ الوقود يُوزَّع. نحب الأمان والسلام، ولم نتعرض لأي أذى. وأكثر ما نؤكد أهميته هو الحفاظ على الأمن والأمان. أما بقية الخدمات، فيمكننا الصبر عليها. في الوقت الحالي، نتطلع إلى أن تكون الخدمات وفق ما نريد، وكل ما نحتاجه متوافر حالياً، ولم يتعرض أحد لأي أذى في المدينة".
بدورها، بدأت فرق منظمة الدفاع المدني في حلب نقل بعض الخدمات الإسعافية وتقديم المساعدات الإسعافية في المستشفى الجامعي ضمن مدينة حلب، كما أعلنت عبر صفحتها على "فيسبوك"، بهدف ضمان حصول الأهالي على الخدمات الطبية بالتزامن مع إعلان مديرية صحة إدلب توجه فرق طبية تابعة لها إلى المستشفى الجامعي ضمن المدينة، في إطار الجهود المستمرة لتعزيز قدرات النظام الصحي ومواجهة التحديات الإنسانية. ووصل فريق من مديرية صحة إدلب إلى مستشفى حلب الجامعي لتسليم مجموعة من المستلزمات الطبية الجراحية والأدوية. وتأتي هذه الخطوة جزءاً من الاستجابة الطارئة للظروف الصعبة التي يواجهها القطاع الصحي نتيجة التصعيد العسكري لقوات النظام على المنطقة، الذي أثر مباشرةً في المرافق الصحية، وزاد من الضغط على الكوادر العاملة هناك، بحسب بيان صدر عنها عقب سيطرة فصائل المعارضة السورية على المدينة.
وحتى الوقت الحالي، يعيش قسم من أهالي مدينة حلب حالة من الخوف، رغم الطمأنات بضمان استمرار الحفاظ على الخدمات الأساسية. وتقول فاطمة العواد المقيمة ضمن المدينة، لـ"العربي الجديد": "نخاف أن تنقطع الكهرباء أو المياه عن المدينة. لكن حتى الوقت الحالي، الأمور جيدة. يوزعون علينا الخبز بالسيارات، وهذا لم يحدث في السابق. هناك صيدليات تعمل في الوقت الحالي، ونرجو ضبط الأسواق في ظل رفع الأسعار".
من جهتها، تؤكد الخمسينية حسيبة الشيخ، المقيمة في حي الأنصاري ضمن المدينة، أن الخدمات بدأت تتوافر بشكل طبيعي. وتقول: "للمرة الأولى منذ سنوات، تتوافر لنا الكهرباء بهذا العدد من الساعات. هذا الأمر لم يكن يحدث أبداً. المياه أيضاً عادت إلى الشبكة. لدينا بعض الشكاوى المتعلقة في محاولة البعض استغلال المواطنين. الخبز أيضاً أصبح متوافراً من دون بطاقة ذكية أو غير ذلك. نترقب أن تكون الأيام المقبلة أفضل في المدينة وأن تشهد ضبطاً لجميع الخدمات".
إلى ذلك، يؤكد مصدر مقرب من حكومة الإنقاذ، لـ "العربي الجديد"، أن الحكومة والعديد من المنظمات الإنسانية المحلية والفرق التطوعية، تعمل بشكل متواصل على إعادة الخدمات ضمن مدينة حلب، فضلاً عن بدء عمل فرق الدفاع المدني فيها، وذلك لضمان وصول كل الخدمات للسكان، بما فيها الكهرباء والمياه والخبز، بالإضافة إلى تنظيم الحركة المرورية في الشوارع. ويلفت إلى أن فرق المؤسسات الخدمية بدأت فعلياً في تقييم أضرار شبكة الكهرباء وصيانتها، بالتزامن مع بدء تركيب أبراج اتصالات تابعة لشركة "سيريا فون" العاملة في إدلب، عوضاً عن أبراج شبكتي "سيريتل" و"إم تي إن" بعد توقف خدمات الشركتين ضمن المدينة.
يضيف أنه بشكل يومي، يُجهَّز نحو 70 ألف ربطة خبز في أفران إدلب لإيصالها إلى المحتاجين ضمن مدينة حلب، مع تزويد أفران المدينة بالطحين أيضاً لاستمرار عملها، وهذا عمل تقوم به منظمات إنسانية لضمان استمرار عمل الأفران في المدينة.
وبدأت حكومة الإنقاذ بوضع حراسة أمنية على المباني الحكومية لضبط عمليات الدخول والخروج منها، حتى تبدأ مؤسسات متخصصة بتسلم العمل فيها، كما أكد وزير الداخلية في الحكومة محمد عبد الرحمن، عبر تطبيق "تلغرام". أضاف: "أصدرنا عدة بلاغات وتعاميم تتعلق ببيع وشراء السلاح، وعدم الاقتراب من مستودعات الأسلحة، وخصصنا أرقاماً للتواصل في حال الطوارئ والبلاغات"، مضيفاً أن الحكومة تعمل على تفعيل قسم شرطة الشهباء لتلقي الشكاوى من الأهالي.
وتواصل بعض المنظمات الإنسانية عملها على تقديم الخدمات، بما فيها توزيع الخبز على الأهالي، إضافة إلى متطلبات الأطفال الرضع. ويعمل فريق الاستجابة الطارئة على توفير الاحتياجات الأساسية للأطفال الرضع والخدج، للحفاظ على حياتهم في مدينة حلب. ومهمة الحفاظ على الخدمات ليست بمهمة سهلة في مدينة حلب التي يتجاوز عدد سكانها أكثر من 4 ملايين نسمة وفق الإحصائيات الصادرة عن النظام السوري في عام 2023، ويتطلب العمل الخدماتي فيها تضافر لجهود الجهات الإنسانية والمؤسسات الخدماتية.